تتصاعد حدة الأزمة السياسية بين بغداد وأربيل، من دون بصيص أمل في فرصة للحوار وحل المشكلات على طاولة المفاوضات، بسبب تصلب مواقف الطرفين بعد استفتاء الاستقلال على إقليم كردستان في الـ25 من أيلول/سبتمبر الماضي.
ووصل الأمر إلى مطالبة رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري بمحاسبة النواب الأكراد المشاركين في الاستفتاء قضائيا، وتوجيه كتاب إلى المحكمة الاتحادية في هذا الأمر، ليطفوا على السطح سؤال حول مستقبل النواب الأكراد بعد هذا التصعيد القضائي.
النائب محمود الحسن عن كتلة التحالف الوطني عضو اللجنة القانونية البرلمانية قال في حديث لـ”موقع الحرة” الخميس إن مجلس النواب وجه الكتاب إلى المحكمة الاتحادية بهذا الشأن وينتظر الرد.
وأوضح الحسن أن أي إجراء أو خطوة قادمة من البرلمان العراقي تعتمد على رأي المحكمة الاتحادية، وبما ستوصي به من إجراءات يمكن اتخاذها ضد من شارك في الاستفتاء الذي كانت نتيجته تأييد الاستقلال.
ما هو رأي القانون؟
“الدستور وضع صيغة للقسم، فيها عبارات تعبر عن الالتزام باستقلال العراق وصيانة الدستور، وبالتالي من الممكن أن يكون هذا قاعدة أساسية تلجأ إليها المحكمة الاتحادية في إعطاء رأي تفسيري لمجلس النواب بخصوص الموقف من النواب الذين شاركوا في الاستفتاء”، يقول الخبير القانوني والدستوري العراقي ميثم حنظل.
ويرجح حنظل في حديث لـ”موقع الحرة” أن تستند المحكمة الاتحادية إلى الأمر الولائي الذي أصدرته بعدم دستورية الاستفتاء قبل إجرائه، “وأن ترى في فعل النواب مخالفة، وبالتالي يصح ممارسة إجراءات المساءلة ضدهم في مجلس النواب أو حتى تحريك شكاوى في جهات قضائية أخرى ممكن أن يتبناها الادعاء العام”.
يذكر أن الادعاء العام طلب في 27 أيلول/سبتمبر اتخاذ الإجراءات القانونية بحق المسؤولين عن إجراء الاستفتاء في إقليم كردستان أمام محكمة التحقيق المركزية، حسب ما أعلنه المتحدث الرسمي لمجلس القضاء الأعلى القاضي عبد الستار بيرقدار.
وقال القاضي بيرقدار إن “الإجراء جاء بناء على قرار المجلس الوزاري للأمن الوطني المصادق عليه من مجلس النواب، ولمخالفة الاستفتاء قرار المحكمة الاتحادية العليا”.
وتابع بيرقدار أن “الادعاء العام طلب من المجلس الوزاري للأمن الوطني والجهات المختصة قائمة بأسماء الأشخاص المخالفين للدستور وقرار المحكمة الاتحادية لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم وفق القانون”.
السيناريوهات المتوقعة
“القوانين الدستورية عبارة عن نصوص قانونية تنظم العمل السياسي”، حسب حنظل الذي بيّن أن المحكمة الاتحادية “ستراعي” هذا الجانب في توصياتها بشكل لا يعرقل العمل السياسي في الحكومة.
وقد يكون “تعليق” العضوية في البرلمان، وفق حنظل، أمرا واردا لحين البت في الموضوع، مستبعدا في الوقت ذاته “إلغاء” العضوية، “لأنه يعطل عمل مجلس النواب، وهنا تأتي الاعتبارات السياسية التي يعود تقديرها إلى المحكمة الاتحادية”.
ويوضح حنظل أن قرار المحكمة الاتحادية المنتظر، قد يعطي لمجلس النواب صلاحيات اتخاذ إجراءات ضمن آليات معينة.
ومن ضمن الإجراءات المتوقعة “رفع الحصانة من قبل مجلس النواب ثم متابعة بقية الإجراءات، أو قد يصار إلى تشكيل لجان تحقيقية ضمن مجلس النواب، أو إحالة الموضوع إلى القضاء العادي ويتولى الادعاء العام تحريك الشكاوى ضدهم”، حسب توقع حنظل.
وإن ثبتت مشاركة هؤلاء النواب في الاستفتاء حسب القوانين المتبعة، “حينها سيكون حق الدفاع مكفولا للجميع”.
وفي النهاية يعتقد حنظل أن التصعيد في الأزمة بين بغداد وأربيل “سيستمر حتى يتم التوصل إلى حل سياسي للمسألة، وبالتالي لن يصار إلى أي إجراء في هذه المرحلة”.