ماذا لو اتحد العرب
بقلم : الدكتور اسماعيل الجنابي
وددت ان ابدأ مقدمة مقالتي بكلمات مؤثرة ساقها الشاعر العربي ” نزار قباني ” رحمه الله ، واصفاً حال العرب عندما كان عمره يرنو الى الخمسين عاما ، حينما قال كنت أراقب حال العرب وهم “يرعدون، ولايمطرون…
، وهم يدخلون الحروب، ولايخرجون … وهم يعلكون جلود البلاغة علكا ولا يهضمون… أنا منذ خمسين عاما أحاول رسم بلادٍ تسمى مجازا بلاد العرب ، رسمت بلون الشرايين حينا وحينا رسمت بلون الغضب ، و حين انتهى الرسم، ساءلت نفسي: إذا أعلنوا ذات يومٍ وفاة العرب … ففي أي مقبرةٍ يدفنون؟ ومن سوف يبكي عليهم؟ وليس لديهم بناتٌ… وليس لديهم بنون… وليس هنالك حزنٌ، وليس هنالك من يحزنون!!
من هنا نتساءل وبصوت يشبه الصراخ ، ماذا لو اتحد العرب ؟ هذه رسالة الى الذين في اذانهم وقرُ ، ان في اتحاد العرب تتحقق المعجزات ويتحولوا من العبودية الى الحرية ومن الذل والمهانة ، الى الشموخ والاقتدار ، فتخيلوا لو توحد العرب ، سيكون تحت ايديهم سنوياً ، قوة مالية تقدر قيمتها مايقارب ” ستة ترليون دولار” وهو اجمالي الناتج القومي المحلي ، وهذه القوة المالية تجعلها في المرتبة الرابعة بعد الولايات المتحدة الامريكية والصين والاتحاد الاوروبي ، يضاف الى ذلك ستصبح مساحة العرب الاجمالية ” ثلاثة عشر مليون ونصف المليون كم مربع ، وبهذه المساحة سيحتل العرب المرتبة الثانية بعد روسيا الاتحادية ، وسيتحول العرب الى ثالث قوة بشرية في العالم قوامها ” ثلاثمئة وخمسة وثمانون مليون نسمة ” بعد الصين والهند ، والادهى من ذلك سيصبح للعرب جيشاً قوامه ” اربعة ملايين مقاتل ” بمختلف الرتب والصنوف ، اضافة الى امتلاكهم سلاحاً جوياً من الطائرات الحربية يقدر بـ ” ثلاثة عشر الف ” طائرة مقاتلة و سيكون لديهم ( تسعة عشر الف دبابة و واحد وخمسين الف عجلة حربية ) ناهيك عن المعدات الحربية الاخرى .
أما اذا اخذنا ماتنتجه جمهورية السودان ذات ” الاربعة وثمانين مليون ” هكتار صالحة للزراعة والتي تنتج لوحدها ” سبعمائة وستون مليون طن ” من القمح ، يضاف الى ذلك ( ثلثمائة وسبعون مليون رأس بقر) اي بمعدل رأس بقرة لكل مواطن عربي ، يزيد عليهم ” اربعمائة وعشر مليون رأس خروف و ثمانمائة وخمسون مليون دجاجة ” ، واذا اراد العرب ان يضيئوا بلدانهم بالطاقة الشمسية ، عليهم ان يستثمروا 8% من صحراء ليبيا المترامية ليحصلوا على ” 20 مليون ” ساعة جيجا واط ” وهو احتياج كامل للكرة الارضية من الطاقة الكهربائية .
ان انتاج العرب من البترول لوحدهم يقدر بــ ( اربعة وعشرين مليون ) برميل نفط يومياً ، وهو مايعادل ” 32% ” من الاجمالي الانتاج العالمي ، ولو أراد العرب ان يحصلوا على مرضاة الله سبحانه وتعالى ، فأن زكاة مايعادل ” ثلاثين مليار دولار ” سنوياً ، اي مايعادل ( 2.5% ) وهو اجمالي الاموال المحفوظة في البنوك دون تشغيل ، فان اموال الزكاة سنويا لوحدها تكفي لبناء ( خمسة وعشرون مدينة ، يضاف الى ذلك عشرة مستشفيات وعشرون مدرسة ، اضافة الى ثلاثة مطارات وسبعة جامعات ) عندها سيشعر العرب انهم اكتسحوا العالم ) كل ذلك بعيدا عن التجارة البينية والايرادات المهولة الناجمة من السياحة بكافة اشكالها .
ان مشكلة العرب تكمن في كثرة التغني بوحدتهم العاقرة ، ذلك بسبب اليأس الشديد الذي يكتنفهم ، كون الغالبية العظمى من الشعوب العربية لاتختار زعمائها بنفسها ، لان اعداء العرب او منافسيهم لايسمحون لهم بذلك ، لان وحدتهم ستضربهم ” بمقتل ” ولهذا يسعون الى خلق الازمات والفتن فيما بينهم ويتسابقون على تسليح العرب لضرب بعضهم البعض واخر اساليب العداء هو استخدام سلاح الحصار ، ليبقى السؤال مفتوحاً على مصراعيه ” متى يتحد العرب ” الجواب بالتأكيد عندما يبعث الله فيهم رجلاً يخلصهم مما هم عليه الان من التشظي والانقسام ويطهرهم من حملت الخناجر المسمومة ، وعندما يتحقق لهم ذلك ، سيتعافى الجسد العربي من السرطان الذي نخر عضده ومن الدرنات التي ألمت به ، عند ذلك سنمحو من ذاكرة المواطن العربي ومن ديوان شعر المتنبي بيته القائل ( يا أمة ضحكت من جهلها الأمم ) فيصبح للعرب أمة واحدة …. انهم يرونه بعيداً ونراه قريباً … والله عالم بالغيب .