البحث العلمي!
بقلم: د.عادل الآشرم
الكثير منا للأسف يطلق خطأ على البعض صفة الباحث، والكثير من الجهلة يدعي هذا لنفسه، وهو غير عارف ماذا تعني تلك الكلمة، فكل هؤلاء لا يعرفون من البحث العلمي إلا أسمه. عندما دخلنا الجامعات، وتعمقنا بالدراسات العليا، أكتشفنا كم كان تفكيرنا قاصر في بعض المسائل، فكنا نظن أن كل من دون بالقلم والورقة عن موضوع ما، يحق لنا أن نقول عنه باحث، بل كنا نجزم أن من يؤلف كتاب ما، لابد إلا وأن يكون باحث، ولم نكن ندرك أنه من أكبر الأخطاء العلمية، بل من العار في مراكز الأبحاث العلمية والجامعات أن يطلق كلمة باحث على أي مؤلف أو مدون أو جامع حتى لو كتب مئات المجلدات. في الجامعات والمراكز العلمية المعتبرة الرسمية، يعتبر من الإجرام أطلاق كلمة باحث على شخص لم يجري دراسة علمية، أخضعها لقواعد البحث العلمي الدارجة في كل العالم، وجرى تحكيمها من مختصين، وفقا لكافة الشروط المنصوص عليها، وتم مناقشتها، وكسبت الدرجة القطعية في النشر في مجلة علمية متخصصة ومحكمة، أو تم إعتمادها كرسالة ماجستير في أقل تقدير. أول شروط البحث العلمي إختيار عنوان الدراسة، وتحديد مشكلة الغموض فيها. كيف يتم هذا؟ يتم من خلال تحديد الإطار المنهجي لها، والمتمثل بمعرفة أهميتها، والهدف منها، وهذا لايتم إلا من خلال تحديد أسئلة الدراسة، وفروضها، ومعرفة مايحيطها من علاقات دراسية متشابهه، ومعرفة تعريفات العنوان الإجرائية التي لابد إلا وأن تكون بوجود متغيرات مستقلة وتابعة ووسيطة في نفس عنوان البحث. ثم الأنتقال إلى الإطار النظري في الدراسة، والتي تتم من خلال تحديد نظرية معينة، توافق العنوان البحثي، تكون وحدة قياس للأختبار، وقد لا تتقيد بعض البحوث بالنظريات إن كان هناك مجالا لأختبارها بطريقة الأختصار العلمي. في الإطار النظري تتم معالجة المتغيرات العنوانية، من خلال مواضيع بحثية تم بحثها، أو من خلال مؤلفات ذات مصداقية مصدرية جرى الوثوق بها، بمجال معلوم وغير مبهم. وهذه المعالجة تتم من خلال تحديد المصادر بدقة ووضوح، ومن ثم الأنتقال إلى أختبار الدراسة، الذي سيكون قياس إحصائي لايقبل الخطأ مطلقا، يجري تطبيقه على أسئلة الدراسة، التي تتم من خلال تصميم أستبانة بحثية، تعرض على عينة البحث، سواءا ميدانية بالأسئلة المباشرة، أو بحثية من خلال تحليل المضمون. ويتم كل هذا أيضا من خلال أختبار فروض الدراسة، وبالتالي الحصول على النتائج، وتحديد التوصيات.. وهذه الأستبانة يتم إعتمادها من خلال لجنة محكمين، أقلهم دكتور بدرجة مساعد، أو دكتور أستاذ، أو دكتور بدرجة مشارك. ويدخل في هذا أيضا تحديد نوع الدراسة، ووصف خصائص العينة، وأداتها، وأختبار الصدق والثبات، وتحديد مكان الدراسة وزمنها ومجتمعها وعينتها، وأخيرا تحديد مراجعها ومصادرها بدقة متناهية، قبل أن يتم مناقشتها، ومن ثم إجازتها، واعطاء صاحبها حق القول أنه باحث، وفق القياس العلمي. فهل بات اليوم لكل من هب ودب، وجمع من النت، ونقل من الكتب الخاطئة والصائبة، وأضاف من تلقاء نفسه، وسرد عن موضوع محدد عنونه، يحق له أن يكون باحث؟ نعم. هذا في قياس وعرف الجهلة.