تابع المركز العراقيّ لتوثيق جرائم الحرب الجلستين العلنيتين بين اللجنة الدوليّة المعنيّة بالإخفاء القسريّ في الأمم المتحدة وبين ممثلي الدّولة من طرف العراق، وسجّل المركز العديد من النقاط المهمة التي تناولتها الجلستان، ويبين التالي:
السادة المقررين القطريين من أعضاء اللجنة الخاصة بالاختفاء القسري المعنيّ بحالة العراق:
السيد محمد العيّاط، رئيس لجنة الإخفاء القسري المحترم.
السيدة باربارا لوجبلر المحترمة.
نود أن نحيطكم علما بما لاحظناه من خلال الجلستين المنعقدتين مع أعضاء الوفد الحكومي عبر التقنية المرئية يومي الخامس والسابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2020م.
أولا: هناك ضعف وعدم وضوح وتضارب في بعض النصوص المتعلقة بالشأن المطروح في القوانين العراقيّة ممّا يسبب حالة إرباك وإمكانيّة استغلال هذه النصوص القانونيّة من أجل الإفلات من العقاب.
ثانيا: مسؤوليّة الدّولة أن تبحث عن جميع المخفيين قسرًا على حدّ سواء وفي جميع الحالات، لأنّ مسؤولية الحكومة هي الحفاظ على جميع العراقيين من دون تمييز، ولابدّ أن نذكّر بأنّ مسألة العثور على المخفيين وتثبيت حالاتهم لها آثار اجتماعيّة واقتصاديّة وقانونيّة وسياسيّة على ذويهم ومجتمعهم.
ثالثا: هناك ازدواجيّة في معايير تطبيق القوانين العراقيّة النافذة ومنها قانون المقابر الجماعيّة.
رابعا: على الرغم من تشريع قانون رقم (58) لسنة 2017 الخاص بحماية الشهود والإدعاء والمجنيّ عليهم والمخبرين وأقاربهم والخبراء، ومع ذلك فإنّ اللجنة قد وصلتها بلاغات بتعرض ذوي ومؤازري ضحايا الإخفاء القسري إلى تهديدات، ويشير هذه الفعل إلى أنّ هذا القانون لا يجري تطبيقه فعليًّا؛ ولذلك فإنّ على الحكومة أن تتحمل المسؤوليّة في حماية جميع االعراقيين بمن فيهم المذكورون آنفًا.
خامسا: قانون مؤسسة الشهداء رقم (2) لسنة 2016م، وقانون رقم (20) لسنة 2009م يتعامل مع العراقيين بصورة متساوية؛ غير أنّ هناك تمييزًا في تطبيق القانون حيث يتم تطبيقه على ضحايا منذ عام 1968-2003 وعلى ضحايا الإرهاب بعد عام 2003م ولكن لا يتم تطبيقه على ضحايا القوّات الأمنيّة العراقيّة والمليشيات الموالية لها.
كما أنّ الوفد العراقيّ تجاهل ذكر أحداث مهمة مرّت بالعراق قبل عام 2003م ومنها أنّ مناطق جنوب العراق قد شهدت أحداثا مروعة بعد عام 1991م، وهي اندلاع معركة عاصفة الصحراء في 16 يناير 1991م والتي شنّت خلالها القوّات الأمريكية هجومًا عنيفًا واستخدمت فيه أسلحة محرمة دوليًّا مثل اليورانيوم المنضب والذي تسبب في حصول إبادة كبيرة بين صفوف الجيش العراقيّ وربما في صفوف المدنيين، وضحايا الجيش العراقي لم يتم العثور على بعض جثثهم لحد الآن، فضلا عن حدوث تلوث كبير في بعض المناطق بسبب اليورانيوم المنضب.
وقد اندلعت أيضا حالة فوضى في مناطق جنوب وشمال العراق في شهر مارس 1991م بعد انكسار الجيش العراقيّ والتي تسببت في سقوط ضحايا مدنين وعسكريين، لا يزال مصير بعضهم مجهولا.
الحرب العراقيّة الإيرانيّة بين عامي 1980-1988 تسببت في تغييب أعداد من المفقودين الذين لا يزال مصيرهم مجهولا، كما أنّ العراق قد عانى من عنف طائفي في شباط/فبراير عام 2006م وتسبب انتشار المليشيات المسلحة باختفاء أعدادا كبيرة من العراقيين وهو ما لم يتطرق له الوفد العراقيّ.
سادسًا: لم يذكر ممثل دائرة الإصلاح أي إجراءات قد تمّ اتخاذها لكي تستمر عمليّة البحث والتحري عن المفقودين.
سابعا: ذكر السيد وزير العدل أنّ مسؤوليّة متابعة الإخفاء القسريّ هي من ضمن مسؤولية الحكومة الحالية؛ ولكن السيد هشام داوود حاول التملص من المسؤولية بذريعة قصر عمر الحكومة الحالية والذي لم يزد عن 5 أشهر، وهذا ليس بمبرر لأنّ العمل بمثل هذه الجريمة جار به منذ سنوات وهو عمل مستمر ويجب أن يعطي نتائج ملموسة، كما أنّ المؤسسات الحكوميّة هي مؤسسات قديمة وليست حديثة، ولذلك فلا يجب أن يكون عمر الحكومة مُبررًا للتهاون والعجز.
ولابد من الانتباه إلى أنَّ عدم الاستقرار والصراع السياسي كانت من أهم الأسباب التي تسببت في تعطيل حسم الكثير من الملفات التي تتعلق بحياة المواطن العراقي ومنها الإخفاء القسري.
ثامنا: لا يوجد أيّ دور يذكر لمنظمات المجتمع المدني في اللجان الخاصة بالاخفاء القسري، وتعتمد الدولة على موظفي الدّولة حصرًا لعضوية اللجان الخاصة بالإخفاء القسري وهذا يعمل على خفض الثقة في شفافية هذه اللجان المختصة.
تاسعا: تعدد السلطات التي لديها سجون للمدنيين مثل سجن المثنى، إذ يجب إيقاف إيداع مدنيين في سجون غير تابعة لوزارة العدل.
عاشرا: بالنسبة إلى المتظاهرين السلميين فهم يمارسون حقهم الطبيعيّ في حريّة التعبير التي نصّ عليها الدستور العراقي، ومع ذلك فقد قامت الحكومة باعتقال المتظاهرين السلميّين وإخفائهم وهو دليل آخر على عدم التزام الحكومة بالقوانين والدستور الجاري العمل به.
أحد عشر: ورد في جواب السيد (أحمد عبد غانم) مدير قسم المفقودين في وزارة العدل، أنّ عوائل المفقودين يمتنعون عن إجراء كشف الحمض النووي للكشف عن هويّة الضحايا، وهذا يؤكد أنّ ذوي الضحايا يخافون من رد فعل الحكومة إذا اتضحت صلة القرابة مع المفقودين.
ثاني عشر: بحسب القوانين الحكوميّة فإن شهادة وفاة الشخص المفقود أو المختفي يتم استخراجها بعد مرور أربعة سنوات، أو سنتين بحسب قانون الأحوال الشخصية العراقية. وهذا يعني أنّ عمليّات البحث عن المفقودين سوف تتوقف؛ وهذا ما يجب أن لا يكون، إذ يجب استمرار التحقيق والبحث عن المفقودين حتى بعد استخراج شهادات الوفاة لهم ما لم يتمّ العثور عليهم.
ثالث عشر: بالنسبة إلى عقوبة الإعدام في العراق؛ فإنّ البرلمان والرئيس العراقي قد قاموا في 12 يوليو 2016م بالتصديق على قانون تعديل أصول المحاكم الجزائية رقم (23) لعام 1971م، ويترتب على هذا التعديل حصر إعادة المحاكمات في محاكمة واحدة فقط وتنفيذ حكم الإعدام خلال 30 يوما من تاريخ صدور الحكم، وتمرير القانون المعدل قد جاء بعد تهديدات أطلقها زعيم ميليشيا أبو الفضل العباس إحدى فصائل مليشيا الحشد الشعبي. وهو ما يتنافى مع القانون الدولي والقانون المحلي؛ فضلا عن الإعدامات الجماعية خارج القانون.
رابع عشر: قام عدد من أعضاء الوفد الحكوميّ بالتركيز على جرائم الإخفاء القسريّ قبل عام 2003م وجرائم المنظمات الإرهابيّة بعد عام 2003م، ومحاولة التقليل من حجم وجرائم القوّات الأمنيّة الحكوميّة والميليشيات والمتعاونين معهم، في ظل حالة انفلات أمنيّ كبير عانى منها العراق ولا يزال يعاني منها على الرغم من وجود عدد كبير من منتسبي القوّات الأمنيّة.
خامس عشر: ضرورة وجود قاعدة بيانات وطنية ودولية موحدة، وليس قواعد بيانات موزعة في مختلف الوزارات والتي تسبب بتأخير الردود على البلاغات التي يقدمها ضحايا الإخفاء القسري.
سادس عشر: سادت حالة من الارتباك في الوفد الحكوميّ وامتعاضهم من أسئلة اللجنة في المقابلة الأولى يوم 5 أكتوبر ممّا أدى إلى تخلّف أحدهم عن الحضور في الجلسة الثانية وحضور آخر لم يكن من ضمن الوفد الرسمي يوم 7 أكتوبر.
المركز العراق لتوثيق جرائم الحرب