رئيس التحرير / د. اسماعيل الجنابي
الجمعة,26 أبريل, 2024

السفيرين الإيراني والتركي تبادل اتهامات بالتدخل في شؤون العراق

يثير التراشق في الكلمات بين السفيرين الإيراني والتركي لدى العراق، وتبادلهما الاتهامات بالتدخل في شؤونه والتعدي عليه الكثير من الأسئلة لا سيما تلك المتعلقة بالدور العربي.

وبدأت القصة، عند صرح السفير الإيراني لدى بغداد، إيرج مسجدي، أن بلاده لا تقبل بوجود قوات أجنبية في العراق، مشددا على أنه “لا يجب أن تشكل القوات التركية مصدر تهديد للأراضي العراقية ولا أن تقوم باحتلالها”.

وسارع السفير التركي لدى بغداد، فاتح يلدز، إلى الرد، وقال إن نظيره الإيراني آخر شخص يمكن أن يعطي تركيا درسا في احترام حدود العراق”.

ويصور كل طرف نفسه حريصا على وحدة العراق، لكن على أرض الواقع لا يترك الطرفان أي وسيلة في انتهاك سيادة العراق، والعمل بكل السبل من أجل تحويله إلى منطقة نفوذ.

ويرى مراقبون أن هذا التراشق الكلامي يدل على ضعف الدولة العراقية، وتحولها إلى ساحة مستباحة للقوى الإقليمية، وتحديدا لهاتين الدولتين، اللتين لا تفوتان فرصة للعب على التناقضات العراقية وتعميقها، وحتى قضم أجزاء واسعة منه، وتحويله لدولة تابعة.

وإن كانت الدولتان تتفقان على هدف انتهاك سيادة العراق ومحاولة تحويله إلى منطقة نفوذ، فإيران تفرض سطوتها على الطبقة السياسية الشيعية العراقية لحد كبير، وترعى الميليشيات المذهبية المتطرفة، التي أصبحت أداة طيّعة في يد نظام ولاية الفقيه لتنفيذ المهمات القذرة والمشبوهة نيابة عنه، على ما يقول مراقبون.

من جهة أخرى، لا تتوانى تركيا عن العمل على تحويل المناطق الشمالية في العراق بما فيها إقليم كردستان، إلى منطقة مستباحة لأطماعها التوسعية، والعمل على بسط سيطرتها عليها، تحت اسم “المسألة التركمانية” خاصة في كركوك .

ورغم ذلك، يرى متابعون أن ثمة تقاسم أدوار بين هاتين القوتين الإقليميتين في الساحة العراقية، وفي المنطقة ككل، مع عدم إغفال التنافس المحموح فيما بينهما، مستفيدتين تحديدا من ضعف ومحدودية الدور العربي في بلاد ما بين النهرين، بدلالة أن ميدان أطماعهما وتوسعهما بالدرجة الأولى هي المنطقة العربية.

وممما يثير الأسئلة والحزن في ذلك كله أن العراق بلد كبير، ويحوز طاقات بشرية وطبيعية هائلة، وعمق حضاري ومدني ضارب في التاريخ، وتنوع سكاني ثري، ومحيط عربي واسع يفترض أن يمثل خزان استراتيجي له.

وتتجلى هيمنة إيران في العراق بميليشيات وصول بها الأمر إلى حد تهديد رئيس الورزاء العراقي، مصطفى الكاظمي، حيث غدت هذه الميليشيات وأذرعها دولة داخل الدولة ولاؤها لخارج الحدود، وتعمل جهارا نهارا على تنفيذ الأجندة الإيرانية في العراق والمنطقة، وفقا لمراقبين.

وفي الشمال العراقي، تسرح القوات التركية وتمرح، لدرجة رفع رئيس الجبهة التركمانية أرشد الصالحي، شارة حركة الذئاب الرمادية الإرهابية في قلب كركوك.

هو واقع قاتم ومأساوي ولا ريب، الذي يحيق ببلاد الرافدين وبالعراقيين، وهنا فإن مسؤولية القوى الديمقراطية المدنية والوطنية في العراق، وبدعم من العالم العربي والمجتمع الدولي، هي التصدي للمشروعين الطائفيين المتطرفين لكل من إيران وتركيا في العراق، ووضع حد لامتهان كرامة هذا البلد على يديهما، واستنزافه واستغلاله، بغية السيطرة على ثرواته ومقدراته وتحويله لدولة فاشلة دائرة في فكليهما، ومؤتمرة بأمريهما.

 

المصدر: سكاي نيوز عربية

اقرأ أيضا

أخبار ذات صلة

Next Post

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.