تستمر حكومات الفساد بالسيطرة على المؤسسة القضائية في العراق إذ تتحكم الاحزاب السياسية في قراراتها مما جعلها تنحرف عن النزاهة والعدالة المنشودة.
ونحن في مركز الرافدين الدولي للعدالة وحقوق الانسان نراقب الوضع المزري الذي وصل اليه القضاء العراقي إذ اصدر حكماً بالسجن لناشطين مدنيين انتقدوا فساد وارهاب الدولة لكنه يُسارع في تنفيذ قرار العفو الرئاسي بحق مجرم يُتاجر في المخدرات ، ويتواطيء لافلات المجرمين والفاسدين من العقاب.
جميع الوعود التي اطلقتها حكومة الكاظمي واليوم السوداني باعتقال قتلة المتظاهرين ومحاكمتهم لم تُنفّذ ولا زالوا طلقاء.
و لاتزال عمليات استهداف وخطف واغتيال الناشطين والصحفيين الذين ينتقدون الفساد في العراق مصدر قلق لاهالي وذوي الضحايا والمدافعين عن حقوق الانسان وما يُثير قلقنا اليوم في مركز الرافدين الدولي للعدالة وحقوق الانسان هو محاولة الحكومة العراقية استغلال مشروع قانون جرائم المعلوماتية التي تسعى لتشريعه ليصبح اضافة نوعية الى القوانين السابقة التي شرّعتها واستغلتها في اسكات جميع المعارضين والمنتقدين لفسادهم و سياساتهم القمعية.
من دون قضاء نزيه ومستقل وعادل لن يتم القضاء على الفساد وافلات المجرمين من العقاب و ستبقى الجرائم المرتكبة مجرد إحصائيات وأرقام على الورق.
بعد عامين ونصف العام من تولي الكاظمي السلطة تبيّن أن وعوده بتحقيق العدالة في قضايا القمع الوحشي الذي طال المتظاهرين السلميين كانت كاذبة وجرى اطلاق سراح القتلة بصفقات سياسية.
لم يفي رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي بأي وعد من الوعود التي قطعها لعوائل الشهداء بعد تعيينه ، فلم يُحيل قتلة ابنائهم للقضاء ولم تقدّم جميع لجانه التي شكّلها اية تقارير حقيقية حول الاغتيالات المستمرة والمجازر المُرتكبة كمجزرة قرى المقدادية وبحر الامام والتهجير القسري الأخير الذي طال اهاليها.
لقد خسر المتظاهرون حياتهم في سبيل اجبار الحكومة على القيام بالاصلاحات وتحسين الوضع المعيشي في العراق لكنهم لم يجدوا الحد الأدنى من العدالة.
قُتل اكثر من الف شخص على ايدي عناصر القوات الامنية وميليشيات الفصائل المنضوية تحت هيئة الحشد الشعبي المدعومة من الدولة وجُرح اكثر من 36 الف شخص اضافة الى الاعتقالات التي طالت اكثر من 4000 شخص وفقاً للاحصائيات التي قدمها مركزنا الى هيئات الامم المتحدة وسط صمت المجتمع الدولي ولا تزال الحكومة العراقية تنتهج العنف ضد المتظاهرين.
كنا نطمح من حكومة رئيس الوزراء العراقي الجديد محمد شياع السوداني التدخل في كشف و نشر المعلومات حول تحقيقات لجنة تقصي الحقائق في عمليات قتل المتظاهرين واصابتهم وإخفائهم أثناء الانتفاضة وبعدها. وكنا نتوقع ان تقوم الحكومة بحثِّ السلطات القضائية على الإفصاح عن المعلومات المتعلقة بوضع التحقيقات وسير القضايا لكننا نجد ان حكومة السوداني لم تتطرق الى ذلك ولم تتخذ الاجراءات الجديّة في حثِّ القضاء على اطلاق سراح معتقلي الرأي والافصاح عن الاجراءات بحق مجرمي وقتلة متظاهري تشرين.
من المؤسف ألا نجد اي موقف رسمي إزاء ما يجري فالصامتون شركاء في الجريمة وجريمة الحكم على المتظاهر التشريني حيدر الزيدي هي مثال عن سوء نية حكومة السوداني تجاه ناشطي انتفاضة تشرين.