رغم حرب التصريحات المشتعلة بينهما في الفترة الأخيرة؛ أعلن الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، استعداده للقاء الرئيس الإيراني، “حسن روحاني”، دون شروط مسبقة وفي أي وقت يريده الإيرانيون.
وقال “ترامب”، الإثنين 30 تموز/يوليو 2018، للصحافيين: “لا شروط مسبقة، هم يريدون اللقاء، أنا سألتقي في أي وقت يريدونه… هذا جيد للبلد، جيد لهم وجيد لنا وجيد للعالم. لا شروط مسبقة إذا أرادوا اللقاء أنا سألتقي”.
وكان “ترامب” قد وجه رسالة شديدة اللهجة إلى نظيره الإيراني، “حسن روحاني”، في وقت سابق من الأسبوع الماضي، محذرًا إياه من تهديد الولايات المتحدة مرة أخرى.
وغرد “ترامب”، عبر (تويتر) يوم الاثنين الماضي: “إياك وأن تهدد الولايات المتحدة مرة أخرى، وإلا فستواجه عواقب لم يختبرها سوى قلة عبر التاريخ”.
لا تفاوض مع الإدارة الأميركية الحالية..
من جانبه؛ قال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الإيرانية، “بهرام قاسمي”، إنه لا توجد إمكانية للتفاوض والحوار مع الإدارة الأميركية الحالية، نظرًا لسياساتها التي لا يمكن الثقة بها.
وأوضح “قاسمي”: أنه “قد أظهرت الولايات المتحدة أنها غير جديرة بالثقة ولا تعتبر مطمئنًا لأي عمل، وهذا ما يجعل إمكانية الحوار معها غير ممكن”.
ونقلت وكالة (فارس) الإيرانية عن “قاسمي” قوله: “من الممكن أن يطرح البعض في أميركا آمالاً، ولكن في ضوء الأوضاع القائمة واستمرار سياسات أميركا العدائية، فإن الظروف غير متوفرة لمثل هذا الأمر”.
وتابع المتحدث باسم الخارجية: “ومع وجود الإدارة الحالية في أميركا وسياساتها هذه فلا تتوفر بالتأكيد إمكانية التفاوض والحوار وقد أثبتت أميركا وتثبت بأنها غير جديرة بالثقة ولا تعد طرفًا مطمئنًا لأي عمل”.
خطوات إيجابية مع الأوروبيين..
وفيما يتعلق بحزمة المقترحات المقدمة من قبل مجموعة (4+1) إلى “إيران”؛ قال المتحدث باسم الخارجية: إن “هنالك اتصالات دائمة بيننا وبين الأوروبيين وتفاؤلات قائمة، وعلى العموم هناك مؤشرات إيجابية، وقد تم إتخاذ خطوات إلى الأمام وستجري متابعة التفاصيل المتبقية في المحادثات بين وفود الخبراء”.
وأعرب “قاسمي” عن أمله بتوفر الظروف المناسبة لتتوفر الإمكانية في مرحلة جديدة من التعاون والعلاقات وإتخاذ خطوات أوسع لترسيخ العلاقات مع أوروبا.
آمال ساذجة لن تتحقق..
وحول ما يطرحه بعض المسؤولين الأميركيين بشأن “مزاعم تغيير النظام في الجمهورية الإسلامية الإيرانية”، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية: “هذا كلام عبثي وآمال ساذجة لن تتحقق”.
وبشأن مدى احتمال اندلاع الحرب بين “إيران” و”أميركا”، قال “قاسمي” إنه لا يتصور مثل هذا الأمر.
وكان وزير الخارجية الأميركي، “مايك بومبيو”، قال في خطاب له الشهر الجاري: “إن النظام الإيراني يسعى لتصدير الثورة إلى البلاد المجاورة بالقوة. كما أن النظام الحالي يمثل تهديدًا للدول المجاورة”.
وتابع “بوميبو”: “نتمنى أن يقوم النظام الإيراني بتغيير سلوكه داخل إيران وخارجها. ليس على الإيرانيين مغادرة بلادهم للبحث عن حياة أفضل خارج وطنهم”.
الهدف تغيير سلوك إيران في الشرق الأوسط..
من جانبه؛ قال وزير الدفاع الأميركي، “جيمس ماتيس”، إن “الولايات المتحدة” لم تتبن سياسة لتغيير النظام في “إيران”، أو دفعه للإنهيار، وأضاف للصحافيين أن “الهدف لا يزال تغيير سلوك إيران في الشرق الأوسط”.
وردًا عن سؤال عما إذا كانت إدارة الرئيس “دونالد ترامب”، استحدثت سياسة لتغيير النظام الإيراني، أو دفعه للإنهيار، قال “ماتيس”: “لم يتم وضع مثل هذه السياسة”.
وأضاف: “نريدهم أن يغيروا سلوكهم، فيما يخص عدد من التهديدات، التي يمكن أن يشكلها جيشهم ومخابراتهم، ومن ينوبون عنهم ووكلاؤهم”، بحسب وكالة (رويترز).
تقديرات خاطئة..
صحيفة (هاأرتس) الإسرائيلية، قالت الاثنين، إن “الولايات المتحدة الأميركية” مثل “إسرائيل” اعتقدت بالخطأ أن الضربات الصاروخية التكتيكية ضد أهداف إيرانية والتهديد عبر حسابات حكومية بموقع (تويتر)، سوف يجعل “إيران” تخرج من “سوريا”.
وجاء في تحليل الصحيفة العبرية أن الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، ونظيره الإيراني، “حسن روحاني”، تصرفا خلال الأسبوع الماضي مثل “شابي عصابات متنافسة”.
حذر الرئيس الإيراني، نظيره الأميركي، قائلاً: “لا تعبث بذيل الأسد”، فيما كتب وزير الخارجية الإيراني، “محمد جواد ظريف”، عبر حسابه بـ (تويتر): “نحن هنا منذ ألفية وتابعتا سقوط إمبراطوريات عمرها أكبر من دول كثيرة… فاحذروا !”.
“ترامب” خسر في تنافسه مع “روحاني”..
ويبدو أن الرئيس الأميركي هو من خسر في هذا التنافس؛ حينما أكد استعداده لمناقشة “اتفاق حقيقي” مع إيران، وذلك ليحل محل الاتفاق النووي الذي انسحبت منه واشنطن في آيار/مايو الماضي.
وتبع ذلك إعلان إيراني بأن “روحاني” رفض 8 مرات دعوة “ترامب” لعقد قمة بينهما. وبعد العقوبات الأميركية على إيران عقب الانسحاب من الاتفاق النووي، أكد “روحاني” أن بلاده لديها كل الوسائل لمواجهة العقوبات، وعلى سبيل المثال ربما يكون منها إغلاق “مضيق هرمز”.
لا توجد إستراتيجية عملية حول إيران..
وذكرت (هاأرتس) أنه بات من الواضح أن “الولايات المتحدة” لا تمتلك إستراتيجية عملية حول “إيران” أو أي إستراتيجية لتحقيق أهدافها بشكل عام.
وحينما تحدث وزير الخارجية الأميركي، “مايك بومبيو”، عن السعي لإسقاط الحكومة في إيران وإستبدالها بـ”دولة ديمقراطية”، لم يتحدث عن تفاصيل محددة.
كما تساءلت الصحيفة الإسرائيلية حول ما إذا كانت العقوبات الأميركية الاقتصادية على طهران، سوف تجعل الحكومة في طهران تجثو على ركبتيها.
وكان وزير الخارجية الإيراني قد أشار إلى أن هناك تقدم في المفاوضات مع “الاتحاد الأوروبي” حول إيجاد طريقة تسمح للبنوك الإيرانية التي تعرض لعقوبات، بالعمل من خلال “بنك الاستثمار الأوروبي”.
وبجانب هذا التعاون الأوروبي لا يبدو أن هدف “ترامب” من العقوبات على إيران سوف تأتي بالمرجو منها، وخصوصًا مع عدم إلتزام “الصين” و”روسيا” بالسياسة الأميركية بشأن العقوبات على طهران، ونية البلدين في زيادة حجم الواردات من “إيران”.
أسلوب دفع الأزمات إلى حافة الهاوية..
ويقول المتخصص في الشأن الإقليمي، “إسلام نجم الدين”، أنه من الواضح أن “دونالد ترامب” يستخدم أسلوب دفع الأزمات إلى حافة الهاوية، وهو ما يعرف بإدارة الأزمة بالأزمة؛ فهو استخدم مع النظام الإيراني كل الوسائل البدائية لهز ثقة النظام الإيراني في نفسه وسعى إلى إفشال تحالفات إيران وعزلها، غير أنه فشل نسبيًا في إقناع حلفاءه الأوروبيين بسياسته بل ساهم في إنتقاد علني دولي للولايات المتحدة وتسبب في تصعيد إقليمي حاد وجد فيه معارضه مصرية تحديدًا في ملف تشكيل تحالف عسكري ضد إيران، فبات “ترامب” يضغط على الإيرانيين لتسوية تشبه التي اتبعها مع “كوريا الشمالية”، وهو يعلم أن الحرب مع إيران ليس خيار البنتاغون الأمثل، نظرًا لأن إيران مستعدة لهذا الأمر، ولن تكون نزهة سريعة كما يظن التاجر “ترامب”.