بين كمامتين
أحمد صبري
اثار انتباهي مسلسل عراقي عنوانه/ كما مات وطن / في محاولة لتفكيك مفردة كمامة سياسيا وعكاسها على الواقع العراقي ومايجري بداخله في اشارة الى ان العراق مقبل على تحديات خطيرة جراء ملامستها للقمة عيش العراقيين وحاجاتهم ومستقبل بلادهم وسط غياب خارطة طريق توقف زحف مايجري على العراق ومستقبله وحياة ابناءه وتنقذه من مخاطر قادم الأيام
ولانغالي اذا قلنا ان العراق ليس بين فكي كماشه كما يوصفون وانما الان هو بين /كمامتين/ ينوء بحمل مابينها أي رئيس حكومة مقبل من فرط الاحمال المتراكمة التي يحملها العراق منذ احتلاله وحتى الان
ان العراق يعيش تحت وطأة الكمامتين وماسيتمخض عنهما مستقبلا في الاولى وطن يواجه وباء الكورونا ومخاطره باينة للعيان ومرشح لايقاع المزيد من الخسائر بالارواح وفي الثانية نظام وطبقة سياسية مازالت تتعاطى مع قضيا الوطن بحساب الربح والخسارة من دون النظر الى مخاطر هذا السلوك على مستقبل العراق الذي وضعه في خانق ربما يحتاج لسنوات للخروج منه
واذا رصدنا الإجراءات الحكومة لمواجهة وباء الكورونا نستطيع القول انها لاتتناسب وحجم مخاطر الوباء وتاثيراته على الاقتصاد وحياة المواطن معا الامر الذي ينذر بكارثة خصوصا ان دخل العراق انخفض الى دون النصف الى حد لايستطيع تامين رواتب الموظفين والمتقاعدين جراء تدني أسعار النفط وتراجع معدلات تصديره
واذا كانت هذه المخاطر والتحديات التي تواجه العراقيين جراء وباء الكورونا في الكمامة الأولى فان مخاطر الكمامة الثانية لاتقل خطورة عن الأولى لان الطبقة السياسية مازالت تراوح مكانها وتبحث عن موطىء قدم في حكومة طال انتظارها حاول اثنين تشكيلها ففشلا واصطدما بحاجز المحاصصة الطائفية فيما يحاول الثالث/مصطفى الكاظمي/ ان يجتاز مانع جدار المحاصصة لكنه يواجه غول الفساد ونظام تقاسم السلطات بين فرقاء يمنعون أي خرق لهذا النظام الذي ابقى العراق ضعيفا وفقيرا وغير قادر على منع تغول السلاح وعسكرة المجتمع فضلا عن انه ابن النظام الفاسد الحالي
وإزاء مايشهده العراق من مخاطر بين مسافة الكمامتين ماهو البديل والحل لتقليص الهوة بين المسافتين والخروج من عنقهما؟
الجواب يتلخص بخارطة طريق حقيقية تنتشل العراق من واقعه الحالي الى فضاء دولة المواطنة باسقاط نظام المحاصصة الطائفي وملاحقة بور الفساد لاسترجاع أموال العراقيين من حيتان الفساد وحصر السلاح بيد الدولة ومنع عسكرة المجتمع وتحقيق التوازن في المجتمع ورفض أي وصاية على القرار السياسي من خارج الحدود وتنفيذ مطالب المتظاهرين المشروعة فضلا عن تعديل الدستو واجراء انتخابات مبكرة باشراف دولي
كما تتصدر خارطة الطريق الكشف عن مصير المغيبين واطلاق سراح المعتقلين الأبرياء وعودة النازحين الى ديارهم والقيام بحملة وطنية لاعمار وبناء المدن المستعادة من داعش وتعويضهم
ومايعزز فرص النأي بالعراق من مخاطر وتحديات ما يحدث بين مسافة الكمامتين هو صمود واستمرار الحراك الشعبي العابر للطائفة والعراق والملامس لاهداف وموجبات التغيير الحقيقي كما ورد في خارطة الطريق
ان الاصطفاف الشعبي في ساحات التظاهر ومعاقله في بغداد والمدن الأخرى يعطي أملا و زخما للساعين من اجل التغيير والإصلاح الحقيقيين لبناء عراق خال من الخوف تسوده العدالة ويحكمه القانون وتكريس ثروته لسعادة العراقيين وتطلعاتهم المشروعة وليس ذهابها لجيوب اللصوص والفاسدين