بقلم: د. فاضل البدراني
أثبتت وسائل الاتصال الرقمي في السنوات الأخيرة بأنها العنصر الفعال في الأحداث الساخنة والحرجة دوليا بأدواتها الحديثة والمتطورة وسرعة انتشارها عبر الإنترنت حول العالم،واعتبرت هذه الوسائل الرقمية المصدر الأول والمغذي لجميع أشكال النشر الإعلامي، بل هي من تضخم الأحداث أو تقلل من أهميتها وتحدد مستوى انتشارها وتستند في ذلك على طبيعة الصور والفيديوهات التي تنقلها للآخرين بأسرع ما يمكن، فتحرك الناس سلبا أو إيجابا، وتحشدهم بالضد أو مع،وقد تجلى ذلك بوضوح خلال الساعات العشر التي استغرقها انقلاب الجمعة بتركيا في 15 تموز 2016، فبرز دور الإعلام ليكون نقطة اعتماد المسؤولين وصناع القرار والمتابعين من كل أنحاء العالم لمعرفة تفاصيل ومجريات الحدث،وسجلت منصات الأعلام الاجتماعي انفرادا غير مسبوق حتى على الأجهزة المعنية من المخابرات الرسمية وكبار المسؤولين الأمنيين ،بحيث اظهر الاعلام الرقمي وزيرا الخارجية والرياضة والشباب في تركيا يتفرجان بدهشة من مطعم على تفاصيل الانقلاب العسكري عبر شاشة التلفاز،وجرى تصويرهما عبر كاميرا موبايل محمول وارسلت الى الفضائيات لتنقلها للمشاهدين بطريقة اعلامية عززت كثيرا من قدراته الخارقة هذه وتجعله يشكل مصدرا اخباريا للفضائيات بكل الاوقات وبالذات في التقاط وتوريد الصور النادرة.
وعندما تعذر على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وهو في أوج أزمة الانقلاب مخاطبة شعبه من وسيلة إعلامية،استغل بوقت مناسب للغاية احد تطبيقات التواصل الاجتماعي من خلال هاتفه المحمول وهو “فيس تايم” الذي أطلقته شركة أبل بنهاية 2010 للتواصل عبر الفيديو بين مستخدمي هواتفها فقط.ودعا في كلمة قصيرة من موقع تواجده قرب اسطنبول الشعب التركي للنزول إلى الشارع والدفاع عن الحكومة،وفي لحظة كان الاترك ينتظرون منه هذا الظهور فنزلت الجماهير واندفعت الى الشوارع وكان لهذه الحركة الدور الحاسم في إفشال الانقلاب في فترة قصيرة وتغيير مجرى الأحداث.
لقد اثبتت سرعة الاحداث وسخونتها وتعددها انتهاء عصر الكاميرات الكبيرة والمعدات الثقيلة في تغطية الاحداث،واصبح بامكان الصحفيين الماهرين بالتصوير عبر اجهزة الهاتف الشخصي المحمول تأدية وظيفتهم بمهارة لأغلب المؤتمرات الصحفية للقادة الدوليين وتختزل الكثير من الصعوبات بالتفاعل مع عنصر الزمن بمرونة وبتفوق واضح على اجهزة التصوير والتسجيل التقليدية الكبيرة جراء خدمة البث المباشر.وفي واقعنا الحالي فان الاعلام الرقمي اعتمد على سرعة التعامل في نقل المحتوى الاعلامي بتفاعلية الاستخدام المتبادل عبر تطبيقات فنية لاجهزة الموبايل الشخصي،ولكن برغم كل ما نتحدث به من قدرة التقنيات الاعلامية على السرعة والتفاعلية لكن يبقى العنصر المؤثر والأكثر ضمانا لنجاح العملية الاتصالية هو الإعلامي الواعي لواجبه التنويري ويتمسك بلغة الحقائق في سبيل الموضوعية وإعطاء المتلقي الصورة الكاملة لما يجري ومساعدته على تكوين الصورة الواضحة.