وداعاً شهيد الاقدار
بقلم: اسماعيل الجنابي
غيبت الاقدار رجل العسكرية من طرازها الاول ذا المنبت الأصيل وصاحب البصيرة الثاقبة ورجل المعاني في الميادين وساحات الصمود والاباء في وقت قلّ فيه الصامدون، وكثر فيه الهاربون المولون، حيث لم يكن يوم الجمعة الموافق الثاني من شهر رمضان الكريم يوما كبقية الأيام؛ كونه حمل في ساعات صباحه الأولى خبرا مجلجلا صاعقا على نفوسنا وقلوبنا المؤمنة بقضاء الله وقدره، اذ غيب الموت احد اكبر قادةِ الجيشِ العراقي واعظم رجالات المبادئ والقيم الإنسانية والروح الوطنية التي قل نظيرها في ثباتها على المواقف، عندما تحسب الشدائد في مواقف الرجال .
رحل بطل الشهامة والاباء وشهيد القدر ” الفريق أول الركن اياد فتيح خليفة الراوي ” ، الذي تزامن رحيله مع ذكرى معركة الفاو التي حمل لواء تحريرها من براثن العدو الايراني في معركة قل نظيرها في سفر المعارك ، حيث كان الفقيد رحمه الله احد ابرز رجالات معارك التحرير، فقدر رحيلك امتزج في نفس يوم معركة رمضان مبارك ، ليبقى اسمك وسفر تاريخك مرتبط بهذا اليوم المشرف وكانها شهادة الاقدار المختلطة بالحزن والفخر معاً .
لقد شاهدك العراقيون والعالم باسره عائدا من ارض الحناء تلقي السلام على بغداد مفتخرا بجندك الذين حرروا الارض من دنسها تحت قيادتك ، فاستقبلتك منجبات الرجال بالزغاريد وعبق المحبة المفعم بالغار والازهار، واليوم وكل يوم سوف يتذكرك العراقيون وعيونهم ترنو الى المحارب الشجاع النبيل وهو يتقلد الاوسمة والنياشين من يد الشهيد المجيد فتنحني رفعة لشرف العسكرية لكي يقلدك الأوسمة وهي تتلألأء على صدرك العريض الذي لم يعد يتسع لها ، لأنها مهما كانت رفيعة ومن يد عربية قوية ، كريمة مثل يد الشهيد ، الا أنها لم تكن لتوازي في رمزيتها قامتك وبأسك الشديد وهمتك العالية ، ولا ترتقي الى عنفوانك وشجاعتك .
قدر حزننا عليك ايها المقاتل الهمام يامن حملت لقب بطل القادسية ، ان نرفع رؤسنا فخراً وعزاً لما تحمله للعراق من سفر خالد عندما تذكر رجالات الحروب والمواجهة الشرسة ، لقد رحلت عنا وانت تسكن قلوبنا ورائحة الشجاعة ما زالت تعطر ثيابنا ، لقد ابصرنا الحياة ونحن نسمع صولاتك في سوح الوغى حتى بات طلاب مدارسنا يتغنون بها على مقاعد الدراسة وفي ساحات رفع العلم ، فعزيمتك ورباطة جأشك لم تنثني حتى وانت تواجه جلادوك الذين انهالوا بالتهم التي انسبوها اليك في فترة الاحتلال الامريكي الايراني للعراق وكانك في احدى ساحات القتال التي كنت تلقن عدوك فيها اقسى دروس مواجعها ، فكنت كما انت سيد المواقف مهما بلغت شدت جلادوك وقساوت حكمهم .
فأنت بمآثرك العسكرية العديدة كنت أرفع من الرمزيات، وأسمى من كل الكلمات .
نم ” أبا معن ” قرير العين في تراب بغداد العروبة بين تلاميذك الذين رضعوا الرجولة من صدور امهاتهم ، واعلم ان بغداد منصورة دائما ، حتى لو كانت داخل جهنم الأعداء والعملاء ، وسوف يعود طيفك اليها وأنت الشهيد الذاهب الى الجنة .. نودعك أيها الجبل الاشم بكل رفعة واحترام، فسلام لك ملء الجفون وملء الانام .