قالت مصادر أمريكية إن بغداد ستطلب من واشنطن السماح لها بتجاهل بعض العقوبات الامريكية المفروضة على جارتها ايران.
ولفتت المصادر في تقرير نشرته وسائل إعلام أمريكية ليل الأربعاء إلى إن الطلب يأتي لإرتباط الاقتصاد العراقي ارتباطًا وثيقًا بإيران، حيث ويستورد العراق إمدادات حاسمة من حليفه الإيراني، لكن حليفته الرئيسية الأخرى هي الولايات المتحدة التي توفر المساعدة الأمنية والتدريب للقوات المسلحة، فضلا عن المشاركة المباشرة في القتال ضد بقايا داعش.
ومع احتمال الموافقة الأمريكية على بعض فقرات الطلب العراقي إلا إن واشنطن تبدو ملتزمة بإنه “ستكون هناك عواقب بالنسبة للدول التي لا تحترم العقوبات“، وهو ما يضع بغداد في موقف صعب.
وترى المصادر الأمريكية إن الطلب العراقي سيشكل تغييرا هاما في تكتيكات رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، الذي وقال في البداية ان بغداد ستحترم كل العقوبات الامريكية لكنهغيّر موقفه بعد أن وجهت له انتقادات شديدة من منافسيه الشيعة المقربين من إيران.
ونقلت شبكات تلفزة ومواقع اخبارية أمريكية إن وفدا عراقيا سيسافر إلى واشنطن لطلب إعفاءات من تطبيق بعض العقوبات، في وقت قال مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية إنإدارته ستناقش سياسة إيران مع شركائها حول العالم، مشددا “ الولايات المتحدة ملتزمة تماما بتنفيذ جميع عقوباتها على إيران”، لكنه استدرك “العراق صديق وشريك مهم للولايات المتحدة ونحن ملتزمون بضمان الاستقرار والازدهار فيه.”
وسبق لموقع “كتابات” أن نقل عن محللين ومعلقين أمريكيين طوال الأسبوع الماضي إن “المسؤولين العراقيين يخشون من نقص في المواد الأساسية إذا ما امتثلت بغداد لجميع العقوبات، وهذا يمكن أن يؤدي إلى اضطرابات سياسية في وقت دقيق في السياسة العراقية“، في إشارة إلى الاحتقان في الشارع العراقي، وبعد موجة من الاحتجاجات في جنوب البلاد الشهر الماضي.
ويستورد العراق مجموعة واسعة من السلع من إيران، بما في ذلك الأغذية والمنتجات الزراعية والأجهزة المنزلية ومكيفات الهواء وقطع غيار السيارات. وكانتالواردات الإيرانية إلى العراق بلغت حوالي 6 مليارات دولار خلال الأشهر الـ 12 المنتهية في آذار 2018 ، وهو ما يشكل حوالي 15٪ من إجمالي واردات العراق لعام 2017، فضلا عن عقود طاقة بين البلدين تسهم في حجم تجارة بلغ 12 مليار دولار في العام الماضي.
وأشار المسؤولون الأمريكيون إلى إن الجانب العراقي قد بدأ فعليا بالطلب من كل وزارة أن تضع قائمة بالواردات الضرورية للاقتصاد العراقي من ايران كي يتم تضمينها في طلب الإعفاءات الذي سيقدم الى واشنطن.
ومع تعهد العبادي بإن العراق سيظل يحترم متطلبات عدم الشراء بالدولار الأمريكي، وهو جزء أساسي من العقوبات وأحد أكثر الأمور صعوبة بالنسبة للشركات، نظرا لصفقات الطاقة وغيرها من الصفقات التجارية الكبيرة، اي إن أن البنوك العراقية لا تستطيع أن تدفع للحكومة الإيرانية أو الشركات الإيرانية بالدولار، إلا إنالبنك المركزي العراقي قام بتعميم تحذير للبنوك الخاصة للالتزام بحظر المعاملات بالدولار مع ايران ولكنه سيسمح بالمعاملات باليورو.
التهريب المنظم للهروب من العقوبات
إلى ذلك قال مسؤول بوزارة التجارة العراقية لـ “رويترز“ ان صناعة الطاقة والبناء والسيارات التي تديرها الحكومة وتديرها القطاع العام ستتلقى ضربة أكبر.
وأوضح “نعتمد بشكل اساسي على ايران كمصدر لمواد البناء والسيارات بما في ذلك قطع الغيار بسبب انخفاض الاسعار وسهولة الشحن عبر العديد من المعابر الحدودية المشتركة.”
حتى لو التزمت الحكومة بالامتثال لبعض العقوبات، فقد يكون من الصعب فرضها. ويقول باسم انطوان وهو مستشار اقتصادي عراقي بارز وعضو في اتحادرجال الاعمال العراقيين“ستكون مهمة مستحيلة للحيلولة دون تدفق السلع الايرانية عبر أكثر من 1300 منالحدود المشتركة“، موضحا إن إيران ستسخدمكل خيار متاح للحفاظ على تدفق الصادرات،بما في ذلك مساعدة مجموعات الميليشيات المتحالفة معها لتأمين ما يمكن تسميته ” التهريبالمنظم “.
معنا أو ضدنا؟
ويقود العبادي مجلس وزراء انتقالي هش بينما تحاول الأحزاب السياسية التفاوض علىائتلاف حاكم جديد، بعد أن تمكن من تحقيق التوازن بين المصالحالأمريكية والإيرانية، ويأملفي البقاء في منصب رئيس الوزراء التوفيقي بين الحليفين المتصارعين، لكنه ربما يكون قدتضرر بعد أن أعلن أنه سوف يمتثل تماماللعقوبات الأمريكية، ويساعد ذلك منافسيه الأكثرتأييدا لإيران، والذين انتقدوا بشدة قراره.
لكن مصادر أمريكية وغربية حذرت “هناك خوف من أن تجبر واشنطن العراق على وضع “أنتمعنا أو ضدنا“. يجب ألا يجبرو العراق على اتخاذ هذا الخيار.”