بقلم : د صلاح الفريجي
قاسم سليماني رجل عسكري خاض حروب مع الجيش في معركة القادسية كان مخطط استراتيجي عمل في عدة محاور كانت في جنوب وغرب إيران ضد العراق ومسؤول الاستخبارات في مقرات الحرس الثوري تعرف من خلال عمله على قادة فيلق 9 بدرالإيراني الولاء العراقي التشكيل وكان أهم قادته ابو علي البصري وأبو مهدي المهندس وهادي العامري وكان هؤلاء ينسقون عملهم مع الاستخبارات الايرانية في قراركاه رمضان وقراركاه سيد الشهداء وقراركاه حمزة وقراركاه فجر 1 وهذه المقرات تعني مقرات استخبارات الحرس الثوري الإيراني على طول الحدود مع العراق وكان يترأسها الجنرال احمد فروزنده والجنرال حميد تقوي والجنرال محمد مقدم وكان تنسيق مرتبك جدا بينهما إلى أن قرر الحرس الثوري تشكيل فيلق مستقل يضم كل المقرات الاستخبارية ويكون تحت إمرة سليماني ويكون عمله داخل وخارج إيران ويجند العراقيين اللبنانيين والعرب والأجانب لغرض العمل كجواسيس وحتى تنفيذ بعض العمليات العسكرية المحدودة خارج ايران وجمع الكل ضمن تشكيل فيلق القدس وترأسه الجنرال قاسم سليماني كانت وما تزال إيران تعمل بنظرية ام القرى للدكتور والمفكر الايراني الستراتيجي وراسم السياسة الخارجية الايرانية محمد جواد لاريجاني وهي النظرية التي تعمل بها إيران في سياستها الخارجية وخلاصة هذه النظرية هي أن إيران ام القرى أي مكة المكرمة بالنسبة للعرب والمسلمين وهي بيضة الإسلام أي ثورة الخميني فيجب الحفاظ عليها وان تكون التضحيات بأي قرية مجاورة أو بعيدة فلابد من الحفاظ عليها بأي ثمن وان احترقت الدول المجاورة من اجل بقاءها أو القرى لأنهم لايعتقدون بدولة سوى إيران فيجب أن تدمر كل الحضارات والدول لبقاء حضارة ودولة إيران الفارسية المنتحلة للتشيع الصفوي والذي يؤمن بأن قادة الإسلام هم الشيعة الفرس حصرا وان أهمية بقاء دولتهم ام القرى أهم ملاكا من وجود الإمام المهدي الذي يؤمن به الشيعة الاثنا عشرية في كل العالم و بأنه سيملا الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا فقد جاء عن الخميني في كتاب صحيفة النور قائلا إن حياة الإمام المهدي ليست أهم ملاكا من بقاء الجمهورية الإسلامية لان بقاء الجمهورية الإسلامية يعني بقاء الإسلام الأصيل واما حياة ووجود الإمام المهدي فلا يتوقف عليه الاسلام والتشيع اذ هم يعتبرون النظام والثورة الايرانية أهم من اكبر مقدس يؤمن به الشيعة بكل العالم وليس مقالي حول ذلك لكنت فصلت واسهبت طويلا حول هذه النظرية
لكن هذه الفكرة أو العقيدة الايرانية التي أسس لها الخميني وجذر لها الدكتور محمد جواد لاريجاني في نظريته الموسومة ( بأم القرى ) جاءت كي تخطط لامبراطورية فارسية جديدة بثوب يقبله الشيعة خصوصا والسنة عموما فبدأت إيران بدعم حركات الشيعة والاضطرابات بالمنطقة بعد رحيل حكومة صدام حسين الند القوي لها والذي جعلها تقف على حدودها فترة طويلة لكن الربيع العربي وسقوط نظام صدام اعطاها قوة كبيرة للتوغل والتغول في المنطقة وتطبيق مبادئ ام القرى فدعمت سوريا وحزب الله والجماعات العراقية المتطرفة والاكراد في تركيا والحوثيين باليمن وجبهة الوفاق بالبحرين وشيعة المنطقة الشرقية بالسعودية وحماس والجهاد في فلسطين وتعدت إلى المغرب العربي وأوروبا وحتى إميركا بشبكات تجسس ودعمت القاعدة وابن لادن وطالبان بحيث انهك الدعم ميزانيتها العسكرية فعمدت للسيطرة على العراق وثرواته لغرض دعم مشروعها التوسعي بالمنطقة
وهنأ تدخلت إميركا لان الولايات المتحدة أيضا لها مشروعها ففي مطلع التسعينيات طرحت نظرية العولمة وهي نظرية جعل العالم ضمن اطار نظام سياسي واقتصادي واجتماعي واحد ترأسه الولايات المتحدة الأميركية خاصة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وفعلا عملت على ذلك مع بريطانيا والاتحاد الأوربي لكن الغرور الاميركي لم يتوقف لهذا الحد بل طرح شيئا جديدا وهو امركة العالم وانفراد إميركا بقيادة العالم والقيادة هنا ليست مباشرة بل معناها ان القرار الاميركي يجب أن يكون هو الأول في العالم في كل المحافل الدولية والمنظمات والهيئات جميعا وهنأ وقع تصادم ولا أقول حضاري بين المسلمين والمسيحيين كنظرية صموئيل هنتنغون بل هو منافسة بين مشروعين كبيرين هما الإيراني الشيعي الصفوي والأميركي العالمي تاريخيا إيران حليف استراتيجي للولايات المتحدة وان كانت الشعارات البراقة فهي مجرد نفخ في قرب فارغة وصراخ في قبب صماء تعيد الصدى فقط فايران كانت ومازالت حليفا ستراتيجيا لامريكا وهذا الخلاف بينهما أن وجد فهو حول مساحات النفوذ بينهما فأمريكا سلمت العراق على طبق من ذهب لايران بشروط كان أهمها أن تكون بالعراق أحزاب متنوعة وديمقراطية حقيقية وقواعد الأمريكان ضمن الاتفاقية الاستراتيجية الامنية لحماية الأجواء العراقية لكن إيران أخلت بالشروط وأرادت الانفراد بالقرار العراقي وبعد ما حدث في سوريا من عنف الجماعات المسلحة أرادت إميركا أن تتعاون مع إيران وسوريا والعراق لقتل المتطرفين بكل العالم واسست لهم داعش بالاتفاق مع العراق وسوريا وإيران لقتلهم في هذه البقعة أو ما يطلق عليه الامريكان مصيدة الفئران وفعلا تم الاتفاق مع هذه الدول واستحصلوا فتوى بجواز القتال لداعش من محمد رضا السيستاني نجل المرجع الاعلى وموقعه منه ودعم المتطوعين الشيعة لقتل المتطرفين الدواعش لكن بالمقابل تحولت إيران والحشد الإيراني والنفوذ بمفردها وهذا ما يرفضه الحليف الاميركي القديم والذي دعم إيران بأشد الاوقات حرجا بفضيحة إيران كيت وإيران كونترا وماك فارلن مدير الاستخبارات الأميركية في حرب الثمانينيات ضد العراق عندما زار إيران سرا وكشفته الصحافة الايرانية وحدثت ضجة وفضيحة كبرى فهنا بدأت إيران تحاول الاستفراد أو التفرد بالقرار العراقي من خلال القوة العراقية المؤسسة ايرانيا وإقصاء القرار الاميركي وهنأ شددت إميركا على إيران وبدأت تبين النفوذ الايراني بالمنطقة واهدافها لغرض الحد من نفوذهم وشددت على الحصار وحركت الشارع الإيراني البائس الذي يعاني الجوع والفقر والرأي العام العالمي وهي أساليب ضغط لرجوع الحليف ذليلا وخاضعا واستهدفت اكبر رمز لهم وهو الجنرال سليماني ومجموعة معه من العراقيين والايرانيين القاعدة في فصائل عراقية ولبنانية موالية لايران بضربة جوية دقيقة جدا فيما قامت إيران بقصف محدود لمعسرات أميركية بلا أي خسائر لرد ماء وجهها امام شعبها وانصارها بالعالم والان بدأت جولة مفاوضات بينهما حول أماكن النفوذ بالعراق مقابل التخفيف عن إيران والسماح لها ببيع 100الف برميل آخر لوجود ضرورة للصحة بعد شكوى إيران من انتشار الأوبئة وقلة اللقاحات والمضادات الحيوية وانتشار الإيدز بشكل غير مسبوق واعتقد ان قتل الجنرال قاسم سليماني سيفتح افاق تعاون بين البلدين وهذا ما يؤكد أن الهدية أو الرسالة الايرانية قبلتها إميركا برحابة صدر وهي الحد من التدخل بالعراق وتسليم قادة الحشد الاقوياء للطيران الاميركي المسير وعدم دعم الحشد الولائي أو الفصائل المسلحة العراقية ويبقى العراق كيتيم ينظر إلى مستقبل مجهول في ظل صراع الكبار الايديولوجي بالمنطقة وستبقى الثورة العراقية في مهب الريح أن لم تتخذ إحدى الدولتين قرار اما بحل المليشيات أو بحماية أميركية للمتظاهرين الاحرار