رئيس التحرير / د. اسماعيل الجنابي
الجمعة,26 أبريل, 2024

فشل ذريع للإستخبارات الأمريكية في بغداد وكابل

فشل ذريع للإستخبارات الأمريكية في بغداد وكابل
بقلم:الفريق الركن صباح نوري العجيلي

فشل ذريع للإستخبارات الأمريكية في بغداد وكابل
العراق وأفغانستان ضحيتا الإدارة الامريكية في عهد الرئيس جورج دبليو بوش الذي أقدم على غزوهما واحتلالهما، في أعقاب احداث 11 سبتمبر 2001? كرد فعل على هذا الحدث الصاعق وتداعياته التي هزت الولايات المتحدة وهيبتها كدولة عظمى، ورافق الفشل مسيرة الاحتلال في كلا البلدين والذي لم يدخر جهداً في تدمير مؤسسات الدولة ومقوماتها، بخاصة في العراق..
الاستخبارات جهاز ومؤسسة من مؤسسات الدولة تختص بجمع المعلومات وإخضاعها لدورة من التحليل والتقييم والاستنتاجات ومن ثم عرض المعلومات الاستخبارية على صاحب القرار مشفوعة بالمقترحات والتوصيات، وقد أصبح لأجهزة الاستخبارات في العصر الحديث دور سياسي واجتماعي واقتصادي وإعلامي، فضلاً عن مهمتها الأساسية في نطاق تداول المعلومات وتحليلها.
إن المعلومات الدقيقة أساس بناء الخطط في المستويات كافة وهي تساعد القيادات السياسية والعسكرية على سبق النظر واتخاذ القرارات السليمة في الوقت والمكان الحاسمين وبأقل التضحيات والخسائر.
وكالات حكومية
تعد الاستخبارات الأمريكية من أكبر المؤسسات الاستخبارية في العالم فهي تضم 16 وكالة حكومية فيدرالية، تعمل بنحو مستقل وتمارس أنشطة استخبارية لدعم السياسية الخارجية والأمن القومي للولايات المتحدة، وتتمتع تلك المؤسسة بموارد مادية وصلاحيات واسعة وتخصص لها سنوياً ميزانية ضخمة لتمويل نشاطاتها في داخل البلاد وخارجها.
وبالرغم من تلك الامكانيات الواسعة وتطور وسائلها فقد رافقت مسيرة الاستخبارات الأمريكية إخفاقات كبيرة وبالذات في العراق وأفغانستان التي تعرضت للاحتلال العسكري الأمريكي الذي كانت غايته تدمير البلاد وتمزيق لحمـــــــة المجتمع وليس بناء نموذج الدولة.
اخفاقات الاستخبارات الامريكية في العراق، بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 بدت سافرة عندما قدمت معلومات مضللة عن أسلحة الدمار الشامل العراقية بالرغم من النفي الرسمي والقاطع من حكومة بغداد، ولم تعثر لجان التفتيش التابعة للأمم المتحدة التي نفذت أكثر من 250 مهمة تفتيش، على أي دليل يثبت امتلاك العراق لتلك الأسلحة، وكرر السياسيون الأمريكيون تلك المزاعم لتسويغ استمرار حصار الشعب ومن ثم الغزو والاحتلال العسكري سنة 2003 وارتكاب أكبر جريمة وخطيئة بحق دولة مستقلة وشعب آمن. بعد الاحتلال وانتشار الاستخبارات في عموم الساحة العراقية، تشكلت مئات اللجان التي كانت تجوب انحاء البلاد بحثاً عن أسلحة الدمار الشامل بغية تأكيد تلك المزاعم وتسويغ فشلها، وبالنهاية توصلت إلى عدم صحة المعلومات التي قدمتها بشأن امتلاك العراق لهذه الأسلحة المحرمة التي استخدمت ذريعة لتسويق الغزو الذي أفضى إلى احتلال العراق وتدميره.
كانت الاستخبارات الأمريكية حاضرة في ملف سجل تعذيب العراقيين وانتهاكات حقوق الإنسان في السجون الأمريكية بالعراق وكذلك ملف انتهاكات حقوق الانسان وفضائح سجن ابو غريب.
ويستمر مسلسل الفشل وتعود الاستخبارات الامريكية لتقع في إخفاقات كبيرة بتقييم الموقف الأفغاني وارتكاب أخطاء جسيمة رافقت عملية الانسحاب، بالرغم من وجودها في ذلك البلد المحتل لمدة عشرين عاماً وتمتعها بنفوذ وإمكانيات وتسهيلات كبيرة، إذ أخفقت في الجوانب الآتية:
– في جانب تقييم قوة حركة طالبان على الأرض ونياتها وتحركاتها، فهي لم تتوقع سقوط الولايات الأفغانية بيد طالبان ومن ثم الدخول إلى العاصمة بهذه السرعة، بل توقعت الاستخبارات دخول الحركة إلى العاصمة، بعد ستة أشهر، وبالفعل فوجئ المسؤولون الامريكيون جميعاً بوقوع الحدث، ابتداء من الرئيس نزولاً إلى وزراء الدفاع والخارجية ورئيس أركان الجيوش الأمريكية، والجميع في حالة الصدمة!!.
– الفشل في تقييم قدرات الجيش الافغاني ومعنوياته وإرادته القتالية وإمكانياته بالدفاع عن العاصمة وباقي الولايات أمام تقدم حركة طالبان، ولم تحسب فرضية سقوط ترسانة الأسلحة التي جهزتها الولايات المتحدة للجيش الافغاني بيد طالبان، وبالنهاية أصبح السلاح الأمريكي غنيمة باردة بيد طالبان.
فشل موقف
– فشل الاستخبارات في تقييم موقف الحكومة الأفغانية التي لم تصمد أكثر من 11 يوماً!! وهروب الرئيس الأفغاني (أشرف غني) والقيادات السياسية والعسكرية إلى خارج البلاد، مما ولّد انهيار المؤسسة العسكرية والأمنية وأحدث فراغاً في السلطة التي أصبحت أبوابها مشرعة أمام الحركة من دون مقاومة تذكر.
– إخفاق الاستخبارات في توقع امكانية تدخل قوة طالبان بمراحل تنفيذ خطة انسحاب القوات الأمريكية، ما أدى إلى حدوث الفوضى وهروب البعثات الدبلوماسية والمتعاونين والمترجمين الى مطار كابل وحدوث فوضى غير متوقعة، الأمر الذي استدعى موافقة الإدارة الأمريكية على إرسال جنود إضافيين على جناح السرعة لتأمين عملية الانسحاب وإجلاء المتعاونين والمترجمين والخائفين من بطش الحركة والطامعين باللجوء في أمريكا والدول الأوربية.
– الجهل بقراءة مستقبل أفغانستان والفشل في تقييم قدرات وتحركات تنظيم الدولة – ولاية خراسان، وإمكانية تدخلها في عملية الانسحاب الأمريكي وما بعده في صراعها على السلطة مع طالبان. ودليلنا على ذلك تبني ولاية خراسان وقوع تفجير مساء يوم الخميس 26 آب/ أغسطس 2021 في محيط مطار كابل والذي راح ضحيته 72 قتيلاً بينهم 13 جندياً من قوات مشاة البحرية (المارينز) وكذلك إطلاق 5 صواريخ باتجاه مطار كابل من شمال العاصمة يوم الاثنين 30 آب، قبل يوم من الموعد النهائي للانسحاب.
وبالخلاصة نؤكد أن أخطاء الاستخبارات الامريكية واخفاقاتها كثيرة في كل زمان ومكان وضحيتها دوماً الشعوب الآمنة التي قدر لها أن تدفع الأثمان غالية. ويعود اسباب فشل الاستخبارات الامريكية في تقييم التهديدات والمخاطر الى البيروقراطية والغرور والنظرة القاصرة بدراسة واقع الشعوب الرافضة للاحتلال الاجنبي وثقافتها وتاريخها وعدم الثقة بالأدوات التي ينصبها .
والاحتلال مهما طال بقاؤه فهو زائل حتماً وهو لن يبني نموذج دولة ولا مؤسسات يعول عليها في حماية الأوطان والشعوب .
ضابط عراقي برتبة فريق ركن – معاون رئيس أركان الجيش العراقي السابق

اقرأ أيضا

أخبار ذات صلة

Next Post

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.