العيد الشهيد
د.فاضل البدراني
عيدٌ بِأَيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ …. بِما مَضى أَم بِأَمرٍ فيكَ تَجديدُ
بيت شعر مؤثر ومعبر عن عتب لواقع مؤلم يعانيه غالبية المسلمين في البلدان العربية و الأسلامية، وهذا البيت الشعري الذي يردده غالبية العراقيين منذ سنوات قد ورد ضمن قصيدة كتبها الشاعر الكبير المتنبي عندما هرب من مصر في عيد الاضحى.
وأيام عيد الفطر التي حلت هذا العام 2016، بالوقت الذي هي مناسبة تحمل بشائر فرح نفسي وانفراج أسارير وتبادل تهاني ودعوات بالخير والامان والنجاح والصحة،وغير ذلك من مفردات يتبادل بها المسلمون ومن يتعايش معهم، تعبيرا عن المحبة والسلام، لكن الواقع ان الناس رددت ما قاله المتنبي” بِأَيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ”.
وعلى صعيد الواقع العراقي فالكثير اعتذر عبر صفحته عالفيسبوك عن تبادل التهاني لصعوبة التحديات الامنية و الانسانية التي لا يوصفها حبر يسطر كلمات على ورق ولا لسان ينطق بها كما هو المعتاد، وهذه المعاناة التي حصلت في المناطق التي تحررت للتو من تنظيم داعش سواء الفلوجة وبقية المدن الاخرى،وكذلك وقوع جريمة الكرادة التي وصل عدد الشهداء ما يقرب من 300 شخص وربما بنفس هذا الرقم من الجرحى في حادث يبدو محير للمختصين بالشؤون الامنية والعسكرية،وتطول صفحات الوصف المؤلم لبقية الاحداث الدموية المروعة ومنها سقوط حوالي 40 شخصا بين شهيد وجريح من نازحي الانبار في مخيم الكسنزان في الدورة جنوب بغداد.
لو ذهبنا الى البلدان العربية التي تحولت الى منجم للعنف في السنوات ال(15) الاخيرة ستطوف بنا جاذبية التعاطف المحزن مع آخر حادث ارهابي أشعل الحزن في قلوب الجميع باستهدف المسجد النبوي الشريف من قبل ارهابي اقل ما يقال عنه “ارهابي مجنون ” و بنفس الوقت وقوع تفجيرات في جدة و القطيف،وفي الكويت تفجير ارهابي ايضا، ودماء الضحايا تجري في انهار جارية في سوريا وليبيا واليمن،و كذلك في بقية البلدان العربية والاسلامية سواء في افغانستان او باكستان وصولا الى مناطق في بلدان اسلامية اخرى بعيدة جغرافيا عن منطقتنا ومنها مجازر بورما،ومن المؤكد ان هذه الاحداث لم تأت من فراغ، بل كانت رسائل استهداف للعالم الاسلامي،ونجحت بالفعل في زعزعة الامن في هذه البلدان، بدليل أن ما يحصل من أحداث اجبر المواطنين بعدم الذهاب الى المتنزهات والمناطق السياحية للترفيه عن نفسها،وأصبح الجلوس في البيت مبررا لما ينقل من تهديد بوجود سيارات ملغمة لم يعثر عليها بعد،و قد يكون ذلك من باب الاشاعات والتضليل لكن الاصل ان الناس اصيبت بالذعر والخوف وسجنت نفسها في منازلها طلبا للامن والسلام.
أن هذه التحديات والظروف واخبار الحزن والموت الجماعي دفعت العراقيين الى أن يبدلوا مناسبة “العيد السعيد” الى تسمية “العيد الشهيد” عندما خطف الارهابيون والمجرمون بسمتهم في عيدهم الديني الاعز سواء في بلادهم وبلدان عربية واسلامية.
والذي نحذر منه أن من يلعب على تغييب الذهنية العراقية وابطال مفعول منظومة التفكير بالاتجاه الوطني،هي المخابرات الدولية الغربية و الاسرائيلية التي نجحت في كل المرات السابقة بتحويل جرائم القتل التي تمارسها في البلدان العربية والاسلامية الى عناوين قتل طائفية بين افراد المجتمع الواحد،ضمن موضوع التحول الاستراتيجي من صراع الحضارات الى صراع المذاهب.
كاتب واعلامي