مقال افتتاحي في جريدة السياسه للكاتب أحمد عبد العزيز الجارالله
من المفترض أن تكون ايران اليوم دولة الحريات والانفتاح، لا القمع والتنكيل وإثارة النعرات المذهبية، وذلك استنادا إلى تجربة دستورية طويلة عمرها 110 سنوات حين فرضت ثورة العام 1906 أول دستور متطور، لكن للأسف ما نراه من ممارسات نظام الملالي هو نسخ حرفي لمرحلة الحكم الصفوي في القرن السابع عشر، عندما أوقدت اطماع ملوك الصفويين حرب المئة عام مع العثمانيين تحت شعارات دينية، فيما جوهرها التوسع لا أكثر. نظام الأوهام الطاووسية استعاد منذ العام 1979 ممارسات وشعارات عباس شاه الذي اعتبر أكثر الحكام قمعا وعدوانية في تلك المرحلة، فهو شن الحروب على اساس أنها تقرب ظهور المهدي المنتظر، واليوم نجد مجموعة من الاشد تطرفا في نظام الملالي تكرر الكلام نفسه، أي ان الدم والقتل سيؤديان إلى تعجيل”فرج الامام الغائب”. لا شك ان الصورة الحالية لا تختلف عما كان اثناء القرن الخامس عشر في أوروبا أو السابع عشر في إيران، ففي حرب المئة عام بين فرنسا وبريطانيا استغل رجال الكنيسة الخلاف السياسي لزيادة نفوذهم بين الشعوب، ونظموا الحملات التوسعية تحت شعار “الحرب الصليبية واستعادة قبر المسيح”، يومذاك، رفعت بعض الفرق شعارات مشابهة لما يرفعه نظام طهران حاليا، اكان لجهة تكريس المفاهيم المتزمتة المعادية للعلم، أو التمييز المذهبي. منذ تسلم نظام الملالي الحكم في ايران بدأت عمليات القتل والقمع والسحل والنفي وتكميم الافواه، وربط كل ذلك بمحرمات المس أو معارضة السلطة الحاكمة المعتبرة “الهية”، ووضعت لها المسوغات الدينية البعيدة كل البعد عن الإسلام والفكر الشيعي العربي. بدأ حكم نظام الملالي بحرب انتقامية من العراق استمرت ثماني سنوات، وفي الوقت نفسه شق طرق تدخلاته في لبنان واليمن والسعودية والبحرين والعراق وسورية، تحت شعار “تصدير الثورة”، وايضا تحت شعارات حماية المقامات الشيعية التي لم تكن طوال قرون وقبل نظام الملالي بحاجة لأي حماية، أكان في الشام حيث مقام السيدة زينب بنت علي (رضي الله عنهما)، أو في العراق حيث المقامات الشيعية، كانت وما تزال بحماية السنة من ابناء البلدين. لذا حين نتحدث عن مشروع توسعي فارسي حالي فهو موجود في ادبيات وخطب ومواقف وممارسات نظام طهران الذي يحاول بالقوة فرض وصايته على الشيعة العرب فيما هم يهربون منه ويعارضونه بقوة، وآخرها تلك التظاهرات الكبيرة التي خرجت في مدن جنوب العراق هاتفة ضد خامنئي، ومطالبة بانهاء التدخلات الإيرانية في شؤون العراق. اليوم، نرى في مريم رجوي جاندارك إيران، فهذا ما قصدته أمس، لانها تحمل شعلة ثورة شعبية ستخرج ايران من كهوف ظلامية العصور الوسطى، وتنهي حكم من يقتلون القتيل ويمشون بجنازته، بل يطالبون بثأره من الضحية، تماما كما هي حالهم مع المملكة العربية السعودية التي يعتدون عليها ويحملونها مسؤولية مجازرهم في العراق وسورية ولبنان واليمن. نعم، كما طوى التاريخ صفحة عباس شاه، وغيره من الحكام الدمويين لا شك ستقلب المعارضة الإيرانية الحالية صفحة نظام الملالي وتعيد إيران إلى إنسانيتها ومساهمتها الحضارية. أحمد عبد العزيز الجارالله
– See more at: http://al-seyassah.com/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%AA%D9%84%D8%A9-%D8%A3%D8%AD%D9%81%D8%A7%D8%AF-%D8%B9%D8%A8%D8%A7%D8%B3-%D8%B4%D8%A7%D9%87/#sthash.13eBczca.dpuf