أنتهت المهلة التي أعطاها الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، للكونغرس لبحث الاتفاق النووي الإيراني، فيما أكد الكونغرس بالتنسيق مع مسؤولي البيت الأبيض أنهم سيحددون موعد لتمديد العقوبات على إيران دون المساس بالاتفاق النووي.
ووفقاً لوسائل إعلام أجنبية، لم يوضح الكونغرس خططه فيما يتعلق بإعادة فرض العقوبات على إيران قبل الموعد النهائي، الذي ينتهي خلال الأسبوع المقبل، وقال عدد من الأعضاء إن “المشرعين سيسمحون بالمرور النهائي دون إتخاذ إجراء يذكر”.
يهدد بإنهاء الاتفاق..
حيال هذا التأخر في إصدار القرار، وجه “ترامب” تهديداً بإنهاء الاتفاق النووي مع إيران إذا لم يتحرك الكونغرس لإصدار تشريعات جديدة بخصوص الدولة، حيث علق قائلاً: “إذا لم نتمكن من التوصل إلى حل مع الكونغرس وحلفائنا سيتم إنهاء الاتفاق”.
إيران مستعدة لأي قرار..
من جهتها، أعلنت طهران، على لسان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، “بهرام قاسمي”، أنها مستعدة لأي وضع تجاه القرار الأميركي المرتقب حول الاتفاق النووي.
قائلاً “قاسمي”، إن إيران مستعدة تماماً لمواجهة أي وضع تجاه عدم تنفيذ إلتزامات أميركا في الاتفاق النووي واستمرار واشنطن في التنصل من الاتفاق ووضع العراقيل.
يجب مراجعته..
يأتي هذا بينما أكد وزير الخارجية الأميركي، “ريكس تيلرسون”، في تصريحات، الثلاثاء، على أن هناك “نقاط ضعف” في الاتفاق النووي ولذا يجب مراجعته.
ويريد “ترمب” مراجعة الاتفاق مع وضع بنود جديدة تعالج المشاكل ونقاط الخلل فيه، بحيث تؤدي إلى إلزام طهران بوقف تجاربها “الباليستية” ووقف إنتاج وتطوير منظومة الصواريخ بعيدة المدى، وكذلك شرط “الغروب” الذي يسمح لإيران بإستئناف أنشطة نووية حساسة وإختبارات حول رؤوس نووية مع إنتهاء مدة الاتفاق.
مناقشات مثمرة..
هذا وقال “ميكا جونسون”، المتحدث باسم رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي، السيناتور “بوب كوركر”، لمحطة (أي. بي. سي. نيوز)، إن مجلس الشيوخ يجري “مناقشات مثمرة” مع الإدارة وقادة الكونغرس الآخرين “حول المسار المناسب للاتفاق”.
ويهدد “ترمب” بإنهاء الاتفاق مع إيران بمفرده؛ إذا لم يفعل الكونغرس شيئاً، حيث قال في تشرين أول/أكتوبر الماضي: “في حال لم نتمكن من التوصل إلى حل مع الكونغرس وحلفائنا، سيتم إنهاء الاتفاق”، مضيفاً أنه “قيد المراجعة المستمرة، ويمكن أن ألغي الاتفاق بصفتي رئيساً، في أي وقت أشاء”.
ووصف “ترامب” الاتفاق النووي مع إيران، بأنه “الأسوأ”، داعياً الولايات المتحدة إلى الخروج منه.
سيعود للبيت الأبيض..
من المتوقع أن يتم إرجاع الاتفاق إلى البيت الأبيض، إذا ما لم يصدر الكونغرس أي تشريع جديد حول إيران، وعندها سيكون القرار بيد “ترامب” حتى موعد مناقشة الجولة المقبلة من الإعفاء من العقوبات بحق طهران في 13 كانون ثان/يناير المقبل.
قلق من تطوير الصواريخ “الباليستية”..
في السياق ذاته، يبحث مجلس الأمن الدولي تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، الذي رفعه إليه قبل أيام في إطار المراجعة الدورية لإلتزام إيران بقرارات مجلس الأمن المتعلقة بالاتفاق النووي والعقوبات والنشاط الصاروخي.
ويشير الجزء الخاص بالنشاطات النووية إلى ما صدر عن “وكالة الطاقة الذرية” من تقارير التفتيش على المنشآت النووية في إيران.
أما فيما يتعلق بالنشاط الصاروخي، فينقل الأمين العام لمجلس الأمن قلق عدد من الدول الكبرى، من تطوير إيران للصواريخ “الباليستية” القادرة على حمل رؤوس نووية.
روسيا تدافع..
موضحاً رد روسيا على تطوير إيران لقاذف صاروخي ينطبق عليه ما ورد في قرارات مجلس الأمن، إلا أن الرد الروسي ينفي أي أساس قانوني لمنع إيران من تطوير الصواريخ؛ طالما ليس لديها أسلحة نووية.
وفيما يتعلق بنقل إيران للصواريخ، أو مكوناتها، لجماعة “الحوثي” في اليمن، يشير تقرير الأمين العام “أنطونيو غوتيريس”، إلى دراسة وتمحيص بقايا الصواريخ، التي أطلقت على السعودية في “ينبع” و”الرياض”، وأنه سيوافي المجلس بنتائج التحقيق.
وإن كانت اللجنة، التي بحثت الحطام عثرت في بعضه على بقايا شعار يماثل شعار مجموعة “شاهد باقري” الصناعية المشمولة بقرارات مجلس الأمن وتتبع الصناعات الجوية الإيرانية، كما عثر على بقايا كابلات إيرانية المنشأ.
ويفيد تقرير الأمين العام، في موضع آخر أن ما صادرته القوات الأميركية والفرنسية في مياه خليج عمان، العام الماضي، من أسلحة كانت في طريقها للحوثيين هي أسلحة إيرانية.
واشنطن ترحب..
أعلنت “نيكي هيلي”، مندوبة الولايات المتحدة بالمنظمة الأممية، ترحيب واشنطن بتقرير الأمم المتحدة الذي أشار لتورط إيران في دعم الإرهاب، لافتة إلى أن التقرير الأممي تحدث عن تزويد إيران للحوثيين بأسلحة خطيرة.
صنع في إيران..
كشفت المندوبة الأميركية، في مؤتمر صحافي عقدته في قاعدة عسكرية أميركية خارج واشنطن، أمس الخميس، عن أن أجزاء من الصاروخ الذي أطلقه الحوثيون على السعودية تؤكد على أنه صنع في إيران، لافتة إلى أن الحوثيين أستهدفوا مطاراً مدنياً في الرياض لإسقاط ضحايا بين المدنيين.
كما كشفت عن أن الولايات المتحدة لديها أدلة على دعم إيران للحوثيين بالصواريخ والسلاح.
مؤكدة، “هيلي”، على أن تهديد الصواريخ الإيرانية يشمل الجميع وليس فقط السعودية والإمارات، موضحة أن القرارات الأممية تمنع إيران من تصدير السلاح أو الصواريخ.
إجراءات جديدة ضد إيران..
مضيفة: أنه “لا يوجد تحسن في سلوك إيران، ودعمها للإرهاب متواصل”. وأعلنت “هيلي” أن وزير الدفاع الأميركي سيعلن عن إجراءات جديدة ضد إيران بسبب سلوكها العدائي.
وقالت “هيلي”: “لا توجد جماعة إرهابية في الشرق الأوسط ليس لإيران بصمات عليها”، مشيرة إلى أن إيران تعمل على إشعال الحرائق في منطقة الشرق الأوسط.
مضيفة: أن “إنتهاكات إيران تتوسع من اليمن للبنان والعراق وسوريا.. ولدينا أدلة على ذلك”.
مباحثات لمواجهة التهديد الإيراني..
أعتبرت أن إيران تفترض أنها حصلت على إذن من المجتمع الدولي للتصرف كما تريد، معلنة أن واشنطن تتحدث مع أعضاء مجلس الأمن عن كيفية مواجهة التهديد الإيراني.
تشكيل تحالف دولي..
دعت “هيلي” دول العالم لمواجهة تهديد إيران؛ حتى لا تصبح مثل “كوريا الشمالية”، مؤكدة على أن التصرفات الإيرانية تخترق قرارات مجلس الأمن الدولي.
وقالت إن واشنطن تسعى لتشكيل تحالف دولي لمواجهة خطر طهران، موضحة أن الأزمة مع إيران لا تنحصر في الاتفاق النووي بل على التهديد الذي تمثله.
أدلة مزيفة..
رفضت إيران “في شكل قاطع” إعلان السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، “نيكي هيلي”، أن الصاروخ الذي أطلقه الحوثيون على السعودية “إيراني الصنع”، مؤكدة على أنها قدمت “أدلة مفبركة”.
وردت البعثة الإيرانية في الأمم المتحدة على الإتهامات الأميركية، قائلة: “الأسلحة التي عرضتها هيلي مزيفة”. ورفضت، في بيان، “هذا الإتهام في شكل قاطع”، مؤكدة على أن “لا أساس له، وغير مسؤول وإستفزازي ومدمر”.
قائلة: “أدلة (هيلي) المفترضة، والتي قدمت علناً مفبركة، على غرار أدلة أخرى عرضت سابقاً في مناسبات أخرى”. وأشارت إلى أن الحكومة الأميركية “تمضي وقتها في تضليل الرأي العام حول قضايا” تصب في مصلحة أجندتها السياسية.
ليست مصادفة..
مؤكدة، البعثة الإيرانية، على أن “إيران لم تزود اليمن بصواريخ”، معتبرة أنها “ليست مصادفة أن المؤتمر الصحافي (الذي عقدته هيلي) يأتي بعد يومين من مقابلة أجرتها مع شبكة (سي. إن. إن) أكدت فيها أن المعركة المشتركة ضد إيران أكثر أهمية بالنسبة إلى حلفاء الأميركيين في المنطقة من وضع الفلسطينيين الدقيق والإعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل”.
معتبرة أن “هذه الإتهامات تهدف أيضاً إلى التغطية على جرائم الحرب (التي ترتكبها) السعودية في اليمن، بتواطؤ أميركي”.
ترحيب سعودي..
من جانبها، رحبت السعودية بتقرير الأمم المتحدة حول تدخلات إيران العدوانية، ورحبت أيضاً بالموقف الأميركي الذي أدان نشاطات إيران ودعمها للميليشيات، وأدانت النظام الإيراني لخرقه الصارخ للقرارات والأعراف الدولية.
وطالبت المملكة بإجراءات دولية لضمان إلتزام إيران بالقرارات الأممية، مضيفة: “على المجتمع الدولي محاسبة النظام الإيراني على أعماله العدوانية”.
مؤكدة على ضرورة تشديد آلية التحقق والتفتيش لوقف تهريب أسلحة إيران للحوثيين، معلنة دعمها مهمة المبعوث الأممي للتوصل لحل سلمي في اليمن وفق المرجعيات الثلاث.
يتوقع إعلان الخروج من الاتفاق..
رجح الباحث في معهد الدفاع عن الديمقراطية، “مارك دوبويتز”، في تحليل نشرته (واشنطن تايمز)، عندما يحل منتصف كانون ثان/يناير، أن “ترمب” سيكون ساخطاً على عدم إحراز أي تقدم حول قراره. ومع إخفاق حلفاء أميركا في وضع حلول لرفع ثغرات الاتفاق، فإنه من الوارد أن يُعلِن “ترمب” الخروج من الاتفاق النووي.
كما يتزامن منتصف الشهر المقبل مع الذكرى الثالثة لبدء تنفيذ الاتفاق النووي، بعدما أعلنت الوكالة بدايته الرسمية بإتخاذ خطوات متزامنة من إيران والدول المشاركة بالاتفاق.
وإذا لم يصادِق “ترمب” على الاتفاق النووي، الشهر المقبل، فإنه بذلك سينسف الاتفاق، وأعلن على مدى شهرين حلفاء واشنطن الأوروبيين التمسك بخيار الاتفاق النووي، وتنفيذ تعهداتهم، رغم إنتقاد دور إيران الإقليمي وبرنامج الصواريخ “الباليستية”.
تلميح إيراني توضح حقيقة موقفه..
خلال هذه الفترة، أشاد المرشد الإيراني، “علي خامنئي”، بمواقف الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” من الاتفاق، مما أوضح حقيقة موقفه من الاتفاق النووي، وتمسكَه به، رغم تلميحات وردت في خطابات تُحمِّل حكومة الرئيس الإيراني “حسن روحاني” مسؤولية الاتفاق.
ويقول الديمقراطيون إنه ينبغي فرض عقوبات بسبب برنامج الصواريخ “الباليستية” الإيراني أو إنتهاكات طهران لحقوق الإنسان، لكنهم يصرون على أن ذلك ينبغي أن يكون منفصلاً عن الاتفاق النووي.
استراتيجية “ترامب” الجديدة..
الباحث “ريتشارد غولدبرغ”، أشار في مجلة (فورين بوليسي) الأميركية، إلى أنه بعدم فرض الكونغرس عقوبات على إيران ورمي الكرة عند الرئيس “دونالد ترامب”، الذي كشف سياسة أميركية جديدة حيال طهران، فإن الرئيس وجه إتهاماً قوياً لكلٍ من إيران والاتفاق النووي.
أيران أقوى..
من تطوير إيران المستمر لصواريخها “الباليستية” القادرة على حمل رؤوس نووية، إلى رفضها السماح لمفتشين دوليين بزيارة مواقع عسكرية رئيسة، إلى توسعها الإقليمي في اليمن وسوريا ولبنان، فإن العيوب الأساسية في الاتفاق النووي جعلت إيران أقوى على حساب الأمن القومي للولايات المتحدة.
لقد أنهى الرئيس تقديمه بتحذير واضح إلى العالم – أصلحوا الاتفاق السيئ، وإلا فإن أميركا ستعاود فرض العقوبات القصوى غير المسبوقة في التاريخ على دولة أجنبية.
صدمات دبلوماسية واقتصادية..
مشيراً إلى أن تهديد الرئيس بعث بصدمات دبلوماسية واقتصادية في أنحاء الشرق الأوسط وأوروبا. وتوقف تجار السوق السوداء داخل إيران عن بيع العملات الصعبة، بسبب تدنٍ مفاجئ في قيمة الريال الإيراني إلى مستويات لم يشهدها حتى قبل دخول الاتفاق النووي حيز التنفيذ.
وتعمد إيران اليوم إلى خفض نفطها في السوق الفورية، محاولة تجاوز فترة عدم اليقين بالنسبة إلى العقوبات.
ولفت “غولدبرغ”، إلى أن شركة “توتال” الفرنسية العملاقة للنفط؛ أوقفت جهوداً لتطوير حقل “بارس” للغاز الطبيعي في جنوب إيران، حتى تتبين نوعية العقوبات الأميركية الجديدة.
“ماكرون” يعلنها صراحة..
يتردد دبلوماسيون أوروبيون على “الكابيتول هيل”؛ متوسلين المشرعين الأميركيين عدم إعادة فرض العقوبات، بينما الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون” يقر علناً بالعيوب الأساسية الموجودة في الاتفاق النووي بالنسبة إلى الصواريخ “الباليستية”.
سيعزل واشنطن..
أوضح الباحث أنه على رغم تحذيرات مسؤولين في إدارة “أوباما” السابقة من أن عدم مصادقة الرئيس الأميركي على إلتزام إيران الاتفاق النووي، سيتم تجاهله من قبل حلفاء الولايات المتحدة، ما سيجعل واشنطن معزولة، فإن الدليل واضح على أن عدم المصادقة أحدثت تأثيراً كبيراً على الاستثمارات الأوروبية وصدمت الاقتصاد الإيراني.
ويبدو أن أحداث الشهر الماضي تطمئن الرئيس إلى أنه إتخذ القرار الصائب – على رغم المعطيات المضللة من بعض أعضاء الحكومة الذين يفتقرون إلى الرؤية الاستراتيجية أو الثقة المعنوية.
هدف جديد..
يلفت “غولدبرغ” إلى إنه بعدما أخفق مؤيدو الاتفاق في إقناع الرئيس، فإنهم يعملون في إتجاه هدف جديد: “الكونغرس الأميركي”.
وفيما تتمتع السلطة التنفيذية بصلاحية كاملة لفرض تغييرات على الاتفاق النووي من طريق تعزيز شروط إرجاء العقوبات، فإن “ترامب” وجه إلى الكونغرس إنذاراً: “إصلحوا الاتفاق من الناحية التشريعية أو ستواجهون إلغاءه”.
وفي أول الأمر، بدا كأن الكونغرس يمكن أن يرد على الرئيس بدعوة إلى إتخاذ إجراء.
إعادة فرض العقوبات..
تدعو مسودة المشروع، التي وزعت في “الكابيتول هيل”، إلى إعادة فرض كل العقوبات الأميركية على إيران؛ إذا لم يوقف النظام برنامجه للصواريخ “الباليستية”، ويسمح للمفتشين الدوليين بزيارة مواقع عسكرية أساسية، حيث من الممكن أن تكون ثمة برامج نووية سرية.
كذلك، يتضمن المشروع التهديد بعقوبات أميركية لإزالة الإلتباسات الموجودة في الاتفاق الأصلي، الذي يفتح مساراً نحو برنامج نووي تسليحي معترف بها دولياً في غضون عشرة أعوام.
ومع الصلاحية المطلقة للسلطة التنفيذية لتغيير السياسة الأميركية حيال الاتفاق النووي وإعادة فرض عقوبات عندما يريد الرئيس، فإن قيادة مجلسي النواب والشيوخ يجب أن تتذكر أن تشريعاً سيئاً فيما يتعلق بإيران سيكون أسوأ من عدم وجود تشريع. على الكونغرس أن يمتنع عن التحرك إلا إذا كان في إمكانه تمرير تشريع يعزز الرافعة الأميركية لتغيير سلوك إيران من خلال تسليط “سيف ديموقليس” فوق رقبة النظام وشركائة التجاريين المفترضين في أوروبا.