في ظل الظروف الغامضة التي تحيط وجهات عناصر تنظيم داعش المهزومين في العراق وسوريا، تكشف الخارجية الجزائرية عن خوفها من “هجرة” لأفراد داعش تستهدف بلادها، بعد أن سبقتها شقيقتها مصر في إعلان قلقها من العناصر العائدة من القتال في صفوف التنظيم المتشدد.
وقال وزير الخارجية الجزائري، عبد القادر مساهل، من القاهرة إن دول شمال أفريقيا مهددة من قبل مسلحي تنظيم داعش الفارين من هزائمهم في العراق وسوريا.
ويبدو أن تصريحات مساهل التي أدلى بها تعكس صدى تصريحات مصرية سابقة أبدت تخوفا مشابها متعلقا بقضية العناصر العائدة من القتال في صفوف التنظيمات المتشددة، حيث قال الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، مطلع الشهر الجاري إنه مع نجاح العمليات العسكرية ضد التنظيم في سوريا والعراق، قد تتحرك عناصره إلى مناطق أخرى، مشيرا إلى ليبيا ومن ثم إلى مصر أو إلى أوروبا.
وأكد المحلل السياسي الجزائري، إسماعيل معراف، أن مساهل تحدث عن منطقة الشمال الإفريقي مستندا إلى مؤشرات وتقارير رسمية، موضحا إن التهديد الذي تحدث عنه وزير الخارجية الجزائري جدي بكل تأكيد، فالتهديدات ليس مصدرها وسائل إعلام ولكن تقارير رسمية للمخابرات داخل دول المغرب العربي والمخابرات المصرية التي تلعب دور كبيرا في هذه المسألة مضيفا أن التنسيق موجود بين المغرب والجزائر وتونس فيما يتعلق بالعائدين من صفوف داعش أو غيره من التنظيمات، حيث ستشكل عودتهم خطرا على استقرار المنطقة.
ويوضح أن احتمالية عودة هذه العناصر ستؤدي إلى مزيد من الاستنفار للسلطات الأمنية، مشيرا إلى وجود عسكري جزائري وتونسي على حدود البلدين مع ليبيا.
ويرى معراف أن الاجتماع الذي شارك فيه وزراء خارجية مصر وتونس والجزائر “وضع النقاط على الحروف”، مشيرا إلى أنه ناقش أهمية التوصل لحل سياسي في ليبيا التي تعاني من صراع على السلطة.
وكان عضو المجلس القومي المصري لمكافحة الإرهاب، خالد عكاشة، أكد في تصريحات سابقة أن انتقال عناصر من التنظيمات المتشددة المقاتلة في العراق وسورية إلى ليبيا، مسار مستخدم منذ نحو عامين.
وفي موازة ذلك، تبدي دول شمال أفريقيا مخاوف من التدخلات الخارجية في ليبيا، والتي من الممكن أن تزيد من المخاطر والتهديدات الأمنية في البلاد، حيث قالت وزارة الخارجية المصرية في بيان لها، إن الوزراء خلال الاجتماع الأخير أكدوا ضرورة “الحفاظ على وحدة واستقرار ليبيا وسلامتها الإقليمية، ورفض أي شكل من أشكال التدخل الخارجي في ليبيا أو اللجوء للخيار العسكري”.
ويشير أستاذ العلاقات الدولية بجامعة الجزائر، إسماعيل دبش، إلى أن “التدخل الأجنبي يتسبب في زيادة المخاطر والتهديدات الأمنية”، قائلا إن محاولات التدخل في الشأن الليبي، وبالتحديد من فرنسا وإيطاليا، “خطيرة جدا” وقد تؤدي إلى زيادة التوتر في البلد الذي يعاني أزمة سياسية في ظل سلطتين متنازعتين، إحداها حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج والأخرى البرلمان المنتخب والذي يدعمه القائد العسكري خليفة حفتر.
ويضيف دبش أن “الجزائر وفقت في خلق احتواء أمني إقليمي مع الدول المجاورة سواء الشرقية والغربية”، معتقدا أن تصريحات وزير خارجية بلاده الأخيرة تهدف إلى “تصدير رسالة للأوروبيين بأن يتوقفوا عن محاولة التدخل”، كما يوضح قائلا إن “على هذه الدول أن تنسق مع دول الإقليم وخاصة الجزائر وتونس ومصر”.
وتمثل الحدود الغربية لمصر مع ليبيا قلقا لدى حكومة القاهرة خاصة مع هجوم أخير استهدف قوات الشرطة المصرية، في تشرين الأول الماضي، أدى إلى سقوط عدد من القتلى، وافتتح الجيش المصري قاعدة عسكرية ضخمة بالقرب من حدودها مع ليبيا في تموز الماضي.
وتعد ليبيا أرضا خصبة للتنظيمات الجهادية والإرهابية، وفي ظل عدم وجود حل سياسي فيها، فلا يمكن استيعاب هذه الموجة من المقاتلين العائدين.
وكان وزراء دول شمال أفريقيا، قد اجتمعوا وناقشوا سابقا الأزمة الليبية في (شباط 2017)، في تونس، وأيضا في حزيران الماضي، في الجزائر.