هل سيبقى الاعلام سلطة رابعة؟
بقلم: الدكتور عبد الكريم الوزان
.عضو لجنة الثقافة والإعلام في المنتدى العراقي للنخب والكفاءات
يتناهى كثيرا الى أسماعنا عبارة السلطة الرابعة (Fourth Estate) ، وتطلق على وسائل الإعلام عمومًا وعلى الصحافة بشكل خاص ، وربما يتساءل البعض ، كيف يكون الاعلام سلطة ؟ ، ولماذا ياخذ تسلسل رابع ؟.
” في السابق عُرفت الصحافة بلقب ” صاحبة الجلالة ، أما مصطلح السلطة الرابعة ، فتعود نشأته إلى بداية بزوغ فجر الأنظمة الديموقراطيّة ، في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، عندما قال المفكّر البريطاني “أدموند بروك” في إحدى جلسات مجلس البرلمان البريطاني : “هناك ثلاث سلطاتٍ تجتمع هنا تحت سقف البرلمان ، لكن في قاعة المراسلين تجلس السلطة الرابعة وهي أهمّ منكم جميعا ” (1).
وهنا مصدر آخر يشير الى أن مفهوم السلطة الرابعة كان من خلال المؤرخ الاسكتلندي توماس كارليل ” وذلك من خلال كتابه ( الأبطال وعبادة البطل 1841) ، حين اقتبس عبارات للمفكر الإيرلندي إدموند بيرك أشار فيها الأخير إلى الأحزاب الثلاثة (أو الطبقات) التي تحكم البلاد ذلك الوقت، رجال الدين والنبلاء والعوام، قائلًا: إن المراسلين الصحفيين هم الحزب الرابع – السلطة الرابعة – الأكثر تأثيرًا من كافة الأحزاب الأخرى.(2).
وعلى الرغم من تصور الكثير أن المقصود بالسلطة الرابعة هي الصحافة ، لوجود سلطات ثلاث تسبقها وهي التشريعية والقضائية والتنفيذية ، ” إلا أن السلطة المعنية في المصطلح ، تبعًا لمن أطلقه أول مرة، هي القوة التي تؤثر في الشعب وتعادل ، أو تفوق، قوة الحكومة ” . (3).
لكن مع ذلك وفي ظل وجود تلك السلطات في كل دول العالم بشكل عام في الوقت الحاضر، فلاضير من التسليم بأن الاعلام والصحافة هما السلطة التي تليها أي الرابعة ، وبلاشك الاعلام تحديدا ، بسبب التوسع والتنوع والابتكار في مضامينه ، ولكون الصحافة من فروعه وواجهاته .
لقد مضى أكثر من قرن على هذه التوصيفات ، فهل يصح الابقاء على دور ومكانة الاعلام والصحافة كسلطة رابعة ، ونحن نعيش عصر المعرفة ، في ضوء الانفجار التكنولوجي الهائل لوسائل الاعلام والاتصال والاعلام الرقمي ، وبرامج التواصل الاجتماعي في العالم ، ووسائل الاتصال الجماهيري بشكل خاص ، حيث ينعكس كل ذلك على مدى التاثير المؤدلج والتفعيل الممنهج في الرأي العام والحكومات.
كما ان الاعلام قد ساد وهيمن وتخطى السياسة ، وسحب البساط من تحت أرجل الساسة والمتنفذين ، وكل القوى الفاعلة والمؤثرة في المجتمعات بالعالم ، وماانفك يتحكم في ادارة الأزمات ، وتحديد ماهية الموقف الذي سيكون عليه الرأي العام والعالم ، وبات يرسم السياسات ويضع الخطط الاستراتيجية للدول ، ويقارب مابين الحضارات والأديان ، ويصنع السلام بفاعلية ، وأرى أنه أٓن الأوان لترقيته الى سلطة متقدمة عن ماهو عليه الان .
1- لماذا يعتبر الاعلام السلطة الرابعة ومادوره في وجه السلطات الثلاث ، https://raseef22.net/article/1073828 ، 13 يونيو 2019
2- السلطة الرابعة ، https://ar.wikipedia.org/wiki ، 10 مايو 2019
3- المصدر السابق