مشروع G.A.P التركي وجفاف الرافدين
مقالة لكاتبها.
تابعنا خلال ايام كتابات الناشطين بخصوص الحزن والتباكي على نهري دجلة والفرات وان كارثة ستحل على العراق وهذا صحيح بديل ان الضرر لايقتصر على العراق وحده وانما على ( العراق وسوريا وايران ) بدليل ان ايران اشتكت في عدة مرات من الجارة تركيا.
ان تركيا وبعد تنامي الصراع في المنطقة فهمت اللعبة وكما قال وزير التركي “ان تركيا ادركت ان المياه باتت اغلى من النفط!”. ولكن هل كان الامر حقاً هو لحجب المياه عن المنطقة؟ في الحقيقة فإن تركيا لها مشروع اسمه ( G.A.P ) جنوب وشرق البلاد لاستصلاح الاراضي وايضا تهدف الى تطوير وتنمية هذه المناطق من خلال انشاء 22 سد لهدفين رئيسيين : الأول هدف سياسي : متمثل بتنمية تلك المناطق وصرف نظر الاكراد عن دعم حزب العمال الكردستاني . والهدف الثاني اقتصادي.
يعتبر سد ايليسو ثاني اكبر سد بعد سد اتاتورك وبكلفة 1.8 مليار دولار والذي سيحصر حوالي 10.4 كم مكعب من المياه ، ففي عام 2002 سحبت الشركات (الالمانية/السويسرية/النمساوية) التمويل بحجة ان المشروع له اضرار كبيرة على المنطقة وعلى التراث والمدينة المحيطة ، ولكنهم عادوا الى تمويل المشروع سنة 2007 رغم المخاطر ورغم اعتراض العراق على المشروع.
ويذكر فؤاد قاسم الامير في مقاله: – تركيا تدعي أن اجتماعاً تم في آذار 2007 حول الموضوع، تم التوصل خلاله إلى اتفاق بين تركيا والعراق وسوريا بشأن خطط تركيا في إنشاء السد ، الأمر دعا وزارة الخارجية العراقية الى أرسال مذكرة بتاريخ 20/1/2007 إلى وزير خارجية ألمانيا تحدثت فيها عن المشكلة المائية في العراق، مع ذكر أن “وكالات الأنباء تناقلت قيام تركيا مؤخراً بوضع حجر الأساس لإنشاء سد أليسو على دجلة دون علم العراق، مايعد مخالفة للمعاهدات الدولية ومبادئ وأحكام القانون الدولي ،كما أن الرسالة قد ذكرت أن “من المتوقع أن ينخفض الوارد المائي من دجلة والبالغ (9.7) مليار متر مكعب/السنة”، وهذا مايعني إن النتائج الكارثية سوف لا تأتي “في السنوات الجافة” فحسب، وإنما ستكون نتائج كارثية مستمرة خصوصاً في ضوء مشاريع الري المتأخرة في العراق بالوقت الحالي .
بعد أسابيع من الرسالة أعلاه، استلمت وزارة الخارجية العراقية/الدائرة القانونية رسالة من وزارة الموارد المائية مؤرخة في 8/4/ 2007، أرفق فيها ملاحظات الوزارة الأخيرة على التقارير المرسلة إليها عن مشروع سد أليسو، والتي تسلمها الجانب العراقي من الجانب التركي في 14/12/2006، وتطلب من وزارة الخارجية تسليم الملاحظات إلى الجانب التركي والنتمثلة مايلي :
1- إن الجانب العراقي استلم الدراسة التفصيلية للمشروع في كانون الأول 2006، بينما قام الجانب التركي بوضع الحجر الأساس له في بداية آب 2006، والذي يعني عدم اهتمام الجانب التركي برأي الجانب العراقي، وأن الأمر جزء من الشكليات، لاسيما وأن أقساماً كبيرة من الدراسات المتعلقة بالمشروع لم تسلم إلى الجانب العراقي.
2- إن مقدار النقص المتوقع في دجلة الداخل إل العراق سيكون (6)كم مكعب/السنة، علماً أن التقرير أعطى معلومات ناقصة عن سعة الأراضي الإروائية التي سيقوم المشروع بسقيها.
3- ستكون نوعية المياه لما بعد السد ذات نوعية رديئة لأنها ستتضمن المياه المسترجعة من الأراضي المسقية لعدم وجود مبازل أو مجارٍ لتصريفها بعيداً عن مجرى النهر، والتي ستكون ملوثة، إضافة للمياه الملوثة نتيجة الخدمات المدنية في المناطق الجديدة المستصلحة.
4- أوضح التقرير التركي أن السد يقع ضمن منطقة زلزالية يصل تأثيرها إلى (6) درجات على مقياس رختر، وأن التصميم أخذ بنظر الاعتبار عوامل الأمان، في حين أن تأثير الهزة إذا حصلت مع وجود (10.4)كم مكعب من الماء تتطلب دراسة معالجة أي انهيار أو تصدع يحصل في السد جراء الهزة، سيما أنه لا يوجد خزان آخر عند مؤخر السد لحجز الموجات الفيضانية الهائلة.
5- لقد اعترضت وزارة الموارد المائية على تصاريف النهر التي أوردها التقرير، إذ أنها لا تلبي الحد الأدنى للمحافظة على بيئة النهر. كما اعترضت على التصميم فيما يتعلق بالثروة السمكية وهجرة الأسماك وتكاثرها، وغيرها من الأمور. بالحقيقة ليس هناك اعتراض من قبل وزير الموارد المائية على بناء السد بحد ذاته، ولكن ينبغي أن يتم ذلك بعد تثبيت كمية حق العراق في مياه دجلة.
إن نقص (6)كم مكعب/السنة من مياه دجلة يعتبر كمية هائلة جداً، ولا يمكن حجزها عن العراق ، فهي تكفي لسد احتياجات ( 6 ) ملايين نسمة لكافة المتطلبات الزراعية والصناعية والخدمية حسب المقاييس العالمية، (أي 1000م مكعب/السنة/الفرد)، ولثلاثة ملايين نسمة لمقاييس العراق غير الكفوءة!!. وبرأيي فإن التحرك كان يجب ان يكون بوقت مبكر جداً لا سيما وان هناك عريضة في اوربا كانت قد ارسلت الى رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء التركي، وإلى أنجيلا ميركيل المستشارة الألمانية، وإلى هانز رودلف ميرز رئيس الكونفدرالية السويسرية، وإلى وينر فايمان المستشار النمساوي، تطلب “إعلان حسانكيف ووادي دجلة/تركيا، كموقع لليونسكو وجزء من التراث العالمي”(62)!! حيث تطالب العريضة بإيقاف العمل بسد أليسو، للأسباب الإنسانية لأهالي المنطقة، ولحماية مدينة حسانكيف الأثرية، و حماية البيئة في نظام نهر دجلة في تركيا، وعن حماية ” السلحفاة رقيقة القشرة Euphrates Soft-shell Turtle” المعرضة للانقراض!!. ولكن العريضة لم تتحدث عن ملايين العراقيين المعرضين للعطش والجوع والتشرد، وباعتقادي أنها تركت هذا الأمر للسلطات العراقية، التي لم تتحرك لحد الآن، ـ حسب علمي ـ، كان الأمر لا يعنيها!! المسألة تحتاج الى تدويل لان الامر خرج عن مجرد اتفاق وتعاون مشترك.