قراءة في ابعاد زيارة البرزاني الى بغداد والخليج
بقلم: حيدر سلمان
ربما تناولنا موضوع زيارة مسعود البارزاني الى العاصمة بغداد من عدة نواحي لأهميتها في هذه المرحلة بالذات مع ولادة حكومة حديدة مع تقارب نسبي بين نتائج صقور العملية السياسية بالأرقام نوعاً ما و تباعد كبير بالسياسات الفردية برغم التوجه المتشابه بشكل او بأخر.
على العموم فلنتناول الجانب الايجابي وهو الاهم حالياً؛ حيث اعتبر الكثيرين من المراقبين مجيئه الى بغداد اعتراف صحيح وواضح بسيادة العاصمة على الاقليم في الشمال حيث يعتبره اغلب العراقيين من خارج وحتى من داخل الاقليم متمرداً على سياسات الدولة العراقية بشواهد كثيرة من ملف المنافذ والحدود الادارية والمطارات والثروات الطبيعية، وبالتالي كان الواضح عدم انصياع رئيس الإقليم وحكومته للكثير من سياسات العراق العامة حتى اصبحت كأنها دولة في داخل دولة.
و لا يمكن لأحد ان ينكر سيطرة الاقليم عسكرياً على ٢٦ وحدة ادارية خارج الحدود الادارية التي حددها الدستور و أغلب تلك الوحدات تم السيطرة عليها بعد دخول تنظيم داعش الإرهابي الى الموصل تحديداً ما احدث فراغ امني واسع ساهم بأحداثه الاقليم ليمد قوات البيشمركة التابعة الى رئاسة الاقليم بأسرع مما هو متوقع وكأنها خطة جاهزة بل و معدة سلفاً، من ثم الاسراع بربط نفط كركوك بأنبوب النفط الذي انشأ قبل اكثر من ثلاث سنوات قبيل دخول داعش من اربيل الى تركيا و لينتهي عهد خط كركوك – موصل – فيشخابور – تركيا ويصبح من الماضي.
وعادت الامور بعد ذلك بإعادة انتشار القوات العراقية الى ٢٠ وحدة إدارية وبقيت ٦ وحدات ليتوقف عندها الانتشار تحت ضغط أمريكي على حكومة العبادي أنذاك و لتدخل علاقة الاقليم بالمركز بمنحى خطير بعد استفتاء فاشل على الانفصال من العراق. و بذلك اتت زيارة مسعود البارزاني بشكل ايجابي لفتح طريق معبد لأعادة علاقة أربيل مع بغداد و أكثر الفرحين كما لاحظنا هم المسؤولين الأمريكيين وهو الملاحظ من تغريداتهم.
والملاحظ ان الكثيرين من المراقبين والمواطنين كذلك ذهب الى السجال وتبادل التهم حول من التقى به و أعتبرها فرصة للاقتصاص من الاخر و بجماهير شبه الهائجة يقابلها رباطة جأش وثقة من رؤساء الكتل ولكن الكل اجمع ان الزيارة ايجابية بأعتراف واضح بأن بغداد تبقى العاصمة ولو تعددت الصقور و العوائل ومسمياتها.
هذا كله جانب ايجابي للأقليم وايجابي لمكاشفة الكتل وتوجهاتها التي تنتقد تارة وتتصرف بشكل مغاير تارة اخرى ما يدفع الجماهير للأدراك انها لعبة سياسية معتادة سمعنا بها واليوم نراها بشكل عادي في العراق وعلينا تقبلها.
ما تبقى هو الحديث عن الجانب السلبي لزيارة البرزاني فهو الاقل حدة برغم تصاعد لغة المواجهة بين جماهير الكتل.
تحديد السلبي هو ان العملية السياسية اضعفت الحكومة وشخوصها مقابل زيادة سطوة رؤساء الكتل حتى ظهر شكل العراق و كأنه لا يحتوي حكومة مطلقاً بل مماليك وكل مملكة يقودها احد الصقور و تشبه حكومة كاملة وليس حزباً و انتهى الموضوع و الدليل ان اغلب الاضواء سلطت على لقاء البرزاني مع العامري والصدر والحكيم واقل قليلا مع العبادي، و غابت تماماً الاضواء عن لقاءه مع عبد المهدي والحلبوسي.
الواضح ان البرزاني بزيارة بغداد لم يهدف الى المميزات و الوعود بقدر اعادة المياه الى سابق مجاريها لصالح حزبه وهو ما سيزيد الهوة بينه و بين الكتل الكردية الاخرى في اقليم يعاني تناحرات لا تختلف كثيراً عما هو موجود في بغداد.
واكمل اليوم البرزاني جولته الى الخليج مفتتحاً اياها بالإمارات و محمد بن زايد، اليوم السبت لبروز دور الامارات خليجياً ونزول الدور السعودي على خلفية مقتل الخاشقجي ونحن نفهم انه سيزور الرياض بعدها ولو تراجع دورها باي شكل. لكن كون الزيارة من داخل العراق الى خارجه تحت عيون امريكية و ربما توجيه مباشر كذلك، ما يجعلنا نفكر ان مجمل الهدف وملخصه داخلياً و خارجياً ينعكس على الداخل الكردي ليعيد سيطرته التي فقدها مجدداً، أكثر من خارج الاقليم وكان الله بعون تلك الكتل بالداخل من اتحاد وطني و تغيير و اتحاد اسلامي و اخرين.