في اليوم العالمي لحرية الصحافة يقول الصحفي العراقي، منتظر بخيت، “أكتب وأنا مهدد من الميليشيات وهارب من الرصاص خارج محافظتي التي كنت أعيش فيها”.
ينحدر منتظر من محافظة البصرة العراقية، التي شهدت مقتل صحفيين وناشطين مثل الصحفي، أحمد عبد الصمد، والناشطة، ريهام، وناشطون وصحفيون آخرون.
وخشية من مصير مماثل، ترك عشرات الصحفيين العراقيين أماكن عملهم وسكنهم وحتى مهنهم في بعض الأحيان خوفا من “تهديدات بالتصفية،” كما يقول بخيت لموقع “الحرة”.
ويضيف “في العراق، الصحفي إذا أراد الكتابة عليه وضع ثلاثة خطوط حمر لا يمكن تجاوزها، وهي سلطة المليشيات وسلطة العشيرة، والسلطة الدينية”، بينما “تقف الدولة عاجزة أمام هذه السلطات بل في بعض الأحيان قد تسهل أو تتجاهل الانتهاكات التي يتعرض لها الصحفي”.
ويصنف العراق على أنه من أخطر المناطق على العاملين في الصحافة، ومنذ مايو 2020 إلى مايو 2021 سجل العراق 268 انتهاكا ضد الصحفيين، بحسب دراسة أعدتها جمعية الدفاع عن حرية الصحافة، التي تتخذ من العراق مقرا لها.
انتهاكات بالأرقام
وشملت الانتهاكات “تهديدات وملاحقات للصحفيين واحتجاز واعتقال ودعاوى كيدية واعتداء بالضرب ومنع تغطيات وإغلاق وسائل إعلام وتسريح عاملين”.
وبحسب التقرير فقد سجلت بغداد (77 حالة) و كركوك (36 حالة) نحو نصف حالات الانتهاكات في البلاد بينما كان أكثر الأشهر التي شهدت تسجيلا لحالات الانتهاك هما شهرا (حزيران وآب) بالمرتبة الأولى بتسجيل (51) حالة انتهاك لكل منهما.
وقال رئيس جمعية الدفاع عن حرية الصحافة، مصطفى ناصر إن “الأرقام الواردة في التقرير ربما تكون أدنى من الأرقام الحقيقية التي لم نتمكن من الوصول اليها بفعل التضييق على الصحفيين في المحافظات وتشريد العديد منهم”.
ويضيف ناصر لموقع “الحرة” أن هذا “خلق جوا مغلقا في داخل المحافظات ولا سيما الجنوبية والوسطى، وبات من الصعب الاطلاع على أوضاع الصحفيين في تلك المحافظات بعد مغادرة العديد منهم مناطقهم أو تغيير مناطق إقاماتهم الأصلية”.
وبحسب ناصر فإن “هذه الارقام لا تختلف عن مثيلاتها في تقارير السنوات السابقة، وهذا يؤشر عدم جدية السلطات بحماية حرية الصحافة المكفولة دستوريا”.
ويقول ناصر إن “الرعب الذي خلفه منهج اقتحام مقار وسائل الإعلام منذ تشرين الأول 2019، ما يزال يخيم على العديد من وسائل الإعلام العاملة في عدد من المحافظات، وهذا أثر بشكل كبير على خطابات تلك الوسائل، وإخفاء العديد من المعلومات التي تستقيها تلك الوسائل من مصادرها”.
ناصر كان يشير إلى اقتحام مجاميع “مسلحة بأسلحة نارية وترتدي أزياء قوى الحشد الشعبي، وأخرى تحمل عنوان “ربع الله” لعدة قنوات فضائية ووسائل إعلام لأسباب مختلفة خلال العامين الماضيين”.
ويعتقد ناصر أن “تذيل العراق تصنيف الدول في مجال حرية التعبير منطقي للغاية، بالنظر إلى عدم اكتراث السلطات لمعالجة التحديات والمشاكل التي تواجه هذا المجال”.
ويؤكد ناصر أن “العراق تلكأ كثيرا في ملف “الإفلات من العقاب” لا سيما بعد اغتيال عدد من الصحفيين، وتهديد العشرات الآخرين، بدون محاسبة قاتليهم.
صحفيون مهددون
يقول الناشط العراقي، رائد المعموري، إن “الصحفي العراقي يمكنه التعبير عن رأيه أو الكشف عن الفساد دون أن يعتقل، لكنه “من المحتمل أن يكون هدفا للأسلحة الكاتمة، فالسجون خالية من الصحفيين لكن المقابر ملأى بهم”
ويقول الصحفي العراقي، محمود النجار، لموقع “الحرة” إن “التقرير السنوي الصادر عن جمعية الدفاع عن حرية الصحافة في العراق، يعكس مؤشرات خطيرة لتراجع مهنة الصحافة في البلاد، لأسباب أبرزها تتعلق بالانتهاكات، ورفع الدعاوى الكيدية، واغتيال وملاحقة وتهجير الصحفيين من قبل الميليشيات المسلحة، حيث تستمر عمليات القمع الممنهجة تحت وصاية الحكومة العراقية وأجهزتها الأمنية العاجزة عن الكشف عن الشهداء الصحفيين والباحثين مثل أحمد عبدالصمد، وهشام الهاشمي”.
ويضيف النجار، وهو صحفي من مدينة الموصل العراقية إن “عدم جدّية الدولة في وقف العنف ضد الصحفيين، أدّى إلى تراجع مستوى الصحافة في العراق، بالإضافة لاستمرار التهديدات والتحريض بحقّ الصحفيين”.
ويبدو النجار متشائما وهو يقول إنه “لا يبدو في ظلّ غياب القانون وسيادة لغة السلاح والترهيب أن معضلة الصحفيين العراقيين في طريقها إلى الحل”، داعيا الحكومة إلى “اتخاذ تدابير لحماية حرية الصحافة في البلاد وعدم الاكتفاء بإطلاق الوعود”.