حكاية ضابط مخابرات
بقلم: سالم الجميلي
ش أ ع ( ابو احمد)
من مواليد ١٩٥٥ الموصل ..
التحق في جهاز المخابرات عام ٧٦ .. انتسب للعمل في مديرية العمليات السرية م١٤ ، مقرها في سلمان باك ..
م١٤ مديرية معزولة ، تدريباتها خاصة ،لا احد من الجهاز يعرف عن كادرها شيئ ولا يوجد اي اتصال بينها وبين المديريات الاخرى الا في نطاق ضيق .
في عام ١٩٧٨ كلف ابو احمد و ضابط مخابرات اخر ( م . ج ) باول واجب له خارج العراق حيث تم تكليفه بمهمة إسناد وتغطية لعملية اغتيال عبد الرزاق النايف في لندن .
كان شابا مليئ بالحماس وكان لم يمضِ على زواجه فترة طويلة …
نفذ زميلة ( م. ج ) عملية الاغتيال بنجاح وفقا للخطة المرسومة و تمكن من السفر خارج بريطانيا بوقت قياسي وعاد الى العراق سالما …
لأسباب تقنية تأخر ابو احمد عن اللحاق بالطائرة وتمكنت السلطات البريطاتية من القاء القبض عليه فحكمت عليه محكمة بريطانية بالسجن مدى الحياة (٢٢عام ) .
كانت زوجته حاملا ورزق بطفله الأول وهو في السجن البريطاني ، كبرت الطفلة وتزوجت ولم يرها .
ارسل ابا احمد رسالة الى زوجته يعتذر منها عما حصل وطلب منها ان تعيش حياتها بدونه عارضا عليها الانفصال فتم ذلك .
حاولت حكومة العراق مبادلته بالجاسوس البريطاتي( بازوفت ) لكن ملكة بريطاتية رفضت الصفقة وقضى العقوبة كاملة حيث مكث في السجن ٢٢ عام .
عاد الى العراق عام ٢٠٠٠ واستقبل بحفاوه بالغة .. كرمه الرئيس الراحل صدام حسين ومنحه بيت في المنصور . ودرجة مدير عام فخرية لاغراض الراتب والامتياز .
تزوج ابا احمد للمرة الثانية ..
عرضت قيادة الجهاز علية أن يختار المديرية التي يريدها فاختار مكانه القديم في مديرية العمليات السرية . .
التقيته اول مرة و تعرفت عليه بشكل شخصي في معهد تدريس اللغه الانكليزية في المنصور حيث جمعنا كورس دراسة اللغة الإنكليزية ، كان يجيد تحدث الإنكليزية بطلاقة لكنه لا يجيدها قراءة وكتابة ..
وقعت الحرب في ٢٠٠٣ وقاد مجموعات قتالية نفذت مهام محدده ضد قوات التحالف في كربلاء .
عندما وضعت الحرب اوزارها عاد أبا احمد الى دارة في المنصور ليتفقدها فوجد فيها رجلا غريب .. سأله ابو احمد ماذا تفعل هنا ؟ أجاب الرجل هذه داري ..
بادر الرجل بسؤال ابا أحمد .. وانت ماذا تفعل هنا ؟؟ أجاب ابو احمد هذا داري ..
قال الرجل الغريب لابو احمد .. (انا ماجد السامرائي وهذا داري صادرتها حكومة البعث وليس لك شيى في هذه الدار ، اذهب الى الرجل الذي منحها لك وقل له ان ماجد السامرائي استعاد داره) .
لم يعرف ابا احمد على وجه التحديد ان كان الرجل هو ماجد السامرائي نفسه او احد اقاربه .
اصيب ابا احمد بصدمة شديدة فغادر بغداد متوجها الى دار أهله في مدينة الموصل ..
وفي ليلة من ليالي مايس ٢٠٠٣ داهمت داره قوة خاصة امريكية يرافقها شخص عراقي ملثم كان يحمل بيدة ( لايت) وجه ضوءه نحو ابا احمد وقال للجنود هذا هو ..وضعت القيود في يديه واقتيد الى المعتقل ..
تعرض الى تعذيب شديد ومعاملة سيئة من قبل استخبارات وزارة الدفاع الامريكية .
جمعتني معه هذه المرة زنزانة رقم (٦) في معتقل كروبر وكان معنا كل من لؤي خيرالله الطلفاح ،المرحوم عواد البندر ، العقيد ث .د مستشار عدي العسكري ، الفلسطيني ابو محمود من جماعة ابو نضال ، مواطن عراقي اسمه عمر عبدالرحمن متهم بالانتماء للقاعدة ، وضابط امن منشاة تابعه للتصنيع العسكري من اهالي الانبار والعقيد المتقاعد ( ابو حسن) مدير سابق لمكتب وزير الدفاع ..
ذات يوم وصلتنا رسائل الصليب الاحمر واذا به يستلم صورة لمولوده الجديد ..فقدمنا له التهنئة .
التفت إلينا قائلاً انظروا مالذي يحصل .. المشهد قبل ٢٧ عاما ذاته يتكرر اليوم . ماذا عساي أن افعل .. بدأت حياتي ب ٢٢ سنه سجن وها انا اليوم في سجن آخر لا اعرف كم سامكث فيه..لعلي أكمل ما تبقى من حياتي سجيناً ..
كان ابا احمد رجلا صلبا قوي البنية عنيد كثير المشاجرة خاصة مع لؤي الطلفاح ..
ابو احمد لايزال في الحبس بلا تهمه محدده … امضى العقوبة عن جريمه ادين بها في بريطانيا والقانون لا يسمح بعقوبتين عن جريمة واحده ..
فرّج الله محنتك يا ابا احمد ..