تحت المجهر
بقلم: موفق الخطاب
رسالة الى السيد مصطفى الكاظمي..
سعادة رئيس الوزراء المحترم:
تحية وبعد:
لا شأن لي فيما قيل ويقال عنك ،ولا شأن لي في تاريخك الغامض وصندوقك الاسود، وكيف وصلت لمنصبك ومن هي الجهة الداعمة لك شرقية كانت أم غربية، ولا شأن لي في كيفية إختيار كابينتك الوزارية ،ولا شأن لي إن كنت ذا توجه علماني أم أنك تدور كسابقيك في فلك الاحزاب الدينية ..
ولكن وبما انه قد وصلت لهذا المنصب الخطير والحساس بعد مخاض عسير فشل فيه اقرانك من ان يروا النور ويرثوا كرسي الحكم، فأنت اليوم محط أنظار الجميع ليس شعبك في الداخل فحسب، بل ملايين العراقيين الذين شردوهم أسلافك الجلاوزة الطغاة في الداخل والخارج، وكذلك محط انظار الدول الاقليمية والعالمية التي تربطها مصالح في العراق.
أنت اليوم وطاقمك الحكومي الظاهر للعيان امام امتحان عسير ، فستبارزون دولة عميقة مدت جذورها منذ الاحتلال فإما ان تذيبها او تذيبكم كما اذابت وصهرت اسلافكم سيئي الصيت، ولا تنزعج مني إن صارحتك وقلت لك بأنك جزء منهم فتلك حقيقة لا تنكرها انت ولا نجهلها نحن، لكنه لم نسمع منك يوما أنك خرجت بتصريح عن هذه المنظومة وفضحت ايا من اركانهم وكنت تتربع على اهم جهاز امني في العراق وهو جهاز المخابرات!!!!!
على افتراض انه تحت ناظريك جميع ملفات السياسيين وقادة الاحزاب والمليشيات والوزراء ورئسائهم ولا محالة ان في جعبتك الكثير!!
من هذا المنطلق سعادة الرئيس فإن اردت ان يكون لك اي مقبولية لدى الشعب وتأسيسا لبداية قاعدة جماهرية لشعب عظيم قدم خيرة شبابه قربانا على مذبح الحرية ان تتقدم من فورك في عزل الفاسدين من قضاة ومسؤولين، والذين كان لهم دورا بارزا في مناصرة القتلة بل دفعهم وغض الطرف عن الفاسدين بل مشاركتهم حتى ملأت بسبب تلك السياسات الطائفية والتسلطية سجون العراق والاقبية والزنازين وجرف الصخر بالأبرياء والمظلومين من جهة ومن جهة اخرى عملت جهات ثانية على تعطيل جميع مناحي الحياة ونهبت ميزانية العراق حتى خوت من الدينار والعملات!!
ثم بعد ذلك اتخاذ قرار مصيري بمنع جميع الذين شاركوا في قتل الابرياء وتدمير العراق ونهبه من السفر ووضعهم تحت الاقامة الجبرية، ومن ثم تشكيل محاكم نزيهة علنية بدءاً بمن تلطخت أيدهم بدم شباب ثوار تشرين المباركة وشهداء معسكر سبايكر وفتح ملف داعش وخيانة تسليم الموصل واعادة الاعتبار لشهدائها واعادة بنائها بجهود دولية بعد اعطاء الضمانات بالضرب بيد من حديد على الاحزاب المتسلطة التي اوقفت عجلة الاعمار وكانت طاردة لكل الدول والشركات وتوقفت بسببهم المنح والمساعدات..
كما يستوجب عليك ان تتحرك بتشكيل لجان من كبار المشرعين والقانونيين والسياسيين ذوي التاريخ المشرف لاعادة كتابة او تعديل الدستور دون محاباة لقومية او مذهب على حساب الاخر والانفكاك من المحاصصة البغيضة ووضع مصلحة العراق فوق الجميع وفوق كل اعتبار ،وقبر ذلك الدستور الذي كان سبب لكل رزية وبلاء عاناه الشعب العراقي ..
اما عن كيفية ايقاف الهدر فذلك موضوع يحتاج منكم جهدا استثنائيا، فميزانية البلد تهدر في رواتب ومخصصات اقرها برلمان مشترك في الخراب والتشرذم لرواتب فلكية للرئاسات الثلاث واعضاء البرلمان والمستشارين ،فلا يوجد لها مثيل في جميع دول العالم وليتهم شبعوا وانكفوا !
فمع هذه الرواتب الفلكية فعينهم على خزينة الدولة فنهبوها بعقود وهمية وعمولات تفوق بعضها فائدة الشركات، ولا تسألني عن رواتب الرفحاويين والسجناء السياسيين وهم بعشرات الألوف والتي لو تم اعادة تدقيقها لربما تتراجع الى عدة مئآت ممن يستحقون ذلك فعليا، وستوفر للدولة ميزانية تشغيلية تنهض بالعراق سريعا.
واخيرا فلا تتوقع سعادة الرئيس ان الشباب المنتفض الذي اعاقته جائحة كورونا أنه سيستمر بصمته وملازمة بيته، ولا تظنوا ان صمته هو استكانة او قبولا بكم فقد وضعوا شروطهم في اختيار من يمثلهم ومن يحكمهم ولا محالة انك قد طرقت مسامعك تلك الشروط ولا اظنها تنطبق عليكم تماما ، فنفس الوجوه والكتل والاحزاب ونفس الطريقة التي نصبت أسلافك قد نصبتك ..
لكن هنالك بصيص امل وبارقة تلوح امامك ،فإن تمكنت من فك طوق التبعية والعمالة عن عنقك وتبرأت من تلك التركة الثقيلة وبدأت من فورك بسماع انين شعبك وتقدمت خطوة بالاتجاه الصحيح فستجد الشعب يبادلك بذراع وان أتيته مشيا سيتقدم اليك هرولة ..
وإن الفرصة مواتية لك اليوم طالما ان المجتمع الدولي معك وقد بارك لك منصبك وفتح ذراعيه لاسنادك ، فلا تركن بعد اليوم الى مشورة اكثر من حولك من ساسة او معممين لانهم قد تم تجريبهم وانهم بطانة فاسدة لا يهمهم الا متاعهم ، وحكم عقلك وضميرك وليكن الشعب ظهيرك بعد ان تكون ظهيره ولا ترتمي في حضن اي دولة مهما عظمت فكلهم يبحثون عن مصالحهم التي لا تكتمل الا بمعاناة الشعب العراقي، لكن وازن في العلاقات، ولا تجعل لإيران عليك سلطانا ولا لأمريكا ولا أي دولة بل سلطان الشعب هو الطريق والمنجى..
عندها سيتمسك بكم الشعب ليس لفترة سنة او يزيد بل سيرفعكم فوق الاكتاف لحكم مديد ..
آملا ان تصلك رسالتي هذه وتعمل ما استطعت بما ورد فيها ..
ولا تخيب ظن من عنده بصيص أمل في نهضة العراق، والعراق قد عانى الكثير على ايدي أسلافكم واحزابكم التي ارتضت لنفسها الخيانة والدناءة وصبر الشعب عليكم صبر ايوب او فاقه صبرا..
والسلام…