شرفاء الوطن ” اصحاب التك تك نموذجاً “
بقلم: اسماعيل الجنابي
لا اعلم لما ساقتني عبارات ابن خلدون وهو يتحدث عن انتماء الأمم إلى هويتها وإلى ما يميزها من بين الأمم وكيف إذا مرضت النفوس وسَئِمَتْ ذَاتَها، وسعت إلى استبدال هوية مكان هويتها، وفرض ثقافةٍ محلَّ ثقافتها، ولعل ما يحصل اليوم في العراق من تظاهرات شعبية سلمية تطالب بالإصلاح والتغيير أكبر دليل على ان الشعوب الحرة لا تقاد من قبل الجهلة والخونة والمارقين حتى وان طالت سنوات الظلم والقهر والحرمان ومهما اشتدت السماء بغمائمها السوداء وتوسعت رقعتها ، فلابد لشمس الحرية ان تأتي بإشراقتها الساطعة لتنير درب الظلام الذي توسعت عتمته على يد خفافيش الليل .
ان اعظم واسمى مكانات الجود والكرم لدى الانسان ،هو الجود بالنفس البشرية التي خلقها الله واحسن تقويمها وان ابلغ درجات البخل هو ان توضع ضمن خانة السلع البائسة والمتردية والرخيصة الثمن بل اقذرها وابخسها المتمثلة بـ “خيانة الوطن” والارتماء بأحضان الاجنبي ، مقابل حفنة من الدولارات ملوثة بدماء وعرق ابناء الوطن الغالي ، واي وطن هذا الذي اسمه العراق صاحب المآثر والمفاخر والحضارات والامجاد التليدة والقوانين الوضعية والتشريعية على الارض ، ولعل هذا السرد التاريخي يأتي في اطار منظومة الاخلاق التي يعلو شانها لدى شباب الوطن المنتفض المطالب بالحرية والخلاص من اعداء العراق وخونته الذين لم تأخذهم الرأفة والرحمة بأرواح العراقيين جميعاً ودمائهم الطاهرة التي ازهقت دون وجه حق .
لقد شهدت التظاهرات الشعبية السلمية في العراق ابشع واقسى حالات الاضطهاد والقتل والممنهج من قبل خونة الوطن المأجورين لدى جارة الشر” ايران ” ولعل العامل الابرز والاجمل الذي ظهرت ملامحه في هذه التظاهرات هو ( راية الوطن ) التي يحملها هؤلاء الشباب اليافعين واللهج باسمه والتضحية من اجله ، اما العامل الاخر الذي سيبقى في مخيلة جميع اذهان العراقيين بشكل خاص والعالم بشكل عام يتجلى في اصحاب ( التك تك ) الذين كانوا يتسابقون في نقل اخوانهم المصابين رغم شدة رصاص الباطل الذي ينهال عليهم كالمطر ، هؤلاء الشباب الذين كانوا قبل التظاهرات يجوبون الشوارع في نقل المواطنين لقاء ثمن يسدون به رمق عوائلهم المثقلة بالحاجة والعوز رغم ضجر الناس من منظرها الغير الحضاري لم يخطر ببالهم سياتي يوما من الايام ستكون واسطة اسعاف تنقذ الارواح البريئة التي طالها رصاص المأجورين الغادر قد دخلوا تاريخ التضحية من اوسع ابوابها واعظمها من حيث الجود بالنفس الذي يسر الشرفاء ويغيض العدا.
أقول ويشاطرني القول جميع العراقيين الانقياء وغيرهم من شرفاء الكلمة الصادقة في كل ارجاء المعمورة من انصار الحرية … طوبى لكم ولأمهاتكم اللواتي ارضعوكم طهر الحليب ومثله لأباءكم الذين اسقوكم الرجولة والشهامة منذ نعومة اظفاركم وهم ينظرون الى مواقفكم الشجاعة التي سيدونها التاريخ بأحرف منور لتصبح منهاجا لا بناءكم واحفادكم يدرس في قاعات الدراسة التعليم ، اما اخوانكم الذين تخضبت دماءهم تراب الوطن وارتفعت ارواحهم الطاهرة عند بارئها في عليين ستطارد خونة الوطن وتقض مضاجعهم تلاحقهم لعنة الموت الذي سيبقى عارا على جباههم جراء ما فعلوا بكم نتيجة حقدهم على وطنتيكم وحبكم لعراقنا الغالي الذي سيتحرر باذن الله من عبودية طمعهم وجشعهم الذي سرقوه من افواه المعوزين والمحتاجين والثكالى والمساكين من اصحاب الارض واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الخلق سيدنا محمد (ص) وعلى اله وصحبه اجمعين …وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.