د.حميد عبدالله
يتباهى الرئيس التركي رجب طيب ردوغان بانه كان بائعا للكعك( السميط) ، بل ذهب اكثر من ذلك حين توقف موكبه قرب بائع كعك مشهور في وسط اسطنبول ليقول له (كنت مثلك ابيع الكعك وها انا رئيسا لتركيا فلا تيأس من رحمة الله)!
أحلام بائع الكعك اتسعت ليكون قائدا كبيرا وسياسيا بارعا، ورئيسا لدولة يحسب لها العالم الف حساب !
لم يبع اردوغان الوهم لشعبه ، ولم يسمح لنفسه ان يكذب ولو مرة واحدة ، ياخذ عليه الاتراك استبداده وتفرده ونزعته الى الامساك بالسلطة واحتكارها ، والبطش بمعارضيه دون رحمة، لكن هذه المآخذ كلها تكاد تنسى أمام منجزات كبيرة تحققت على يد اردوغان نقلت تركيا من خانة الدول المتواضعة ، الى مصاف الامبراطوريات الكبرى!
بالمقابل يتحاشى ساستنا الاقرار بماضيهم وما كانوا عليه من حال قبل وصولهم الى السلطة ، بل يذهب بعضهم الى القفز على ماضية وطمس مراحل من حياته يعتقد انها تقلل من شانه وتقصر من ( قامته ) ، ويرى في الاقرار بفقره ( ضعة ) وليس تواضعا!
ماذا لو ذهب القصاب الذي صار مسؤولا كبيرا في عراق مابعد 2003 الى سوق القصابين وقال لهم كنت مثلكم لا احسن شيئا غير مهنة القصابة ، وكنت مثلكم ،وربما اكثر مهارة منكم ، في تقطيع اللحم وتسويق (الباجة) الى هواتها، وها انا احمل خاتم الملك ، وفي كل يوم اصحو من نومي تاتيني عبر هاتفي النقال رسائل من البنوك تخبرني بتضخم ارصدتي..فلا تيأسوا من رحمة الله ..يقولها كما قالها اردوغان لبائع الكعك!
لو فعل المسؤول – القصاب ذلك لاستقبله القصابون بالسكاكين انتقاما مما اشاعه ،هو ومن اوصله لمنصبه، من خراب شامل ، ودمار ماكان لاعتى اعداء الوطن ان يفعله !
حين يتحول بائع الكعك الى بائع احلام لابناء شعبه ، وحين تتحول تلك الاحلام الى رفاهية وتنمية وأمن واستقرار على يده تتحول مهنته المتواضعة الى رمز للكفاح والنضال والتواضع ، تجعله قريبا من الله قريبا من الناس بعيدا عما يغضبهم، ويوغر صدورهم بالكراهية والضغينة والاحتقار ضد النظام السياسي برمته!
اما حين يكون المسؤول بائع اوهام واكاذيب ، ومحترف تضليل وتزييف فان تواضعه سيكون (ضعة)في نظر ابناء وطنه ، وبساطته غطاء لستر سرقاته ولصوصيته !
جربوا ان تحققوا حلما واحد لابناء شعبكم وعندها سنصفق لكم حفاة كنتم ام اثرياء، قصابين ام باعة سبح ، مجاهدين ام صعاليم ومتسولين !
افعولها ومرة واحدة والبقية علينا.