يترقب عشاق كرة القدم في العالم ولاسيما في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا انطلاق أوّل نصف نهائي في تاريخ كأس العالم يخوضه بلد إفريقي أو عربي، حيث ستواجه فرنسا المغرب الذي يسعى لمواصلة إنجازه التاريخي في مونديال قطر 2022.
وأثار منتخب “أسود الأطلس” بإنجازاته أعجابا واسعا، وبحال تخطيه بطلة 1998 و2018، سيضرب موعداً في نهائي الأحد مع أرجنتين “البرغوث” ليونيل ميسي المتأهلة الثلاثاء بسهولة على حساب كرواتيا 3-0.
واستهل المغرب البطولة بمؤشر إيجابي عندما تعادل سلباً مع كرواتيا وصيفة النسخة الماضية، قبل أن تكر سبحة انتصارات لم يكن يحلم بها لاعبوه أو أبناء البلد الواقع على مشارف القارة الأوروبية.
انتصارات على أمثال بلجيكا ثالثة 2018 (2-0)، كندا (2-1)، ثم إسبانيا القوية بركلات الترجيح في ثمن النهائي، وصولاً إلى البرتغال المرشحة للمنافسة 1-0. لكن قماشة الخصم هذه المرة مختلفة، فالمنتخب الفرنسي بدوره يقدّم أداء تصاعدياً يجعله مرشحاً طبيعياً لتخطي المغرب في أول مواجهة رسمية بينهما في بطولة كبرى، وفق فرانس برس.
اللاعب الثاني عشر
ويعوّل المغرب على جماهيره والجماهير العربية التي تعد اللاعب الثاني عشر في الفريق ولعبت دوراً رئيساً في مشوار بلوغه النهائي، فقد كانت أمواج الجماهير الحمراء الداعمة له الأكثر صخباً في البطولة مع جماهير الأرجنتين.
فإقامة المونديال في قطر التي تضم جالية عربية كبيرة ساهم في تحشيد استثنائي للمنتخبات العربية، فضلاً عن بدء طلائع 30 رحلة بين الدار البيضاء والدوحة لدعم أمثال حكيم زياش وأشرف حكيمي ويوسف النصيري بطل هدف الفوز على البرتغال.
بيد أن وصول المشجعين المغاربة الى الدوحة تعكّر مع اعلان الخطوط المغربية إلغاء رحلات “على أثر القيود التي فرضتها السلطات القطرية”، دون أن يوضح بيانها طبيعة هذه القيود، فيما نبّهت سلطات مطار حمد الدولي المشجعين إلى “عدم القدوم إلى مطاري الدوحة الدوليين حتى تكون بحوزتهم تذاكر للمباريات المقبلة”.
وقالت الشركة المغربية، في بيان أُرسل عبر البريد الإلكتروني، “عقب القيود الأخيرة التي فرضتها السلطات القطرية، تأسف الخطوط الملكية المغربية لإبلاغ عملاء بإلغاء رحلاتهم التي تشغلها الخطوط الجوية القطرية”. ولم يرد المكتب الإعلامي الدولي للحكومة القطرية على طلبات رويترز للتعليق.
ويعني إلغاء الرحلات السبع التي كانت مقررة اليوم أن شركة الطيران الوطنية المغربية لم تتمكن إلا من تسيير سبع رحلات فقط أمس الثلاثاء، مما يعني أن المشجعين الذين حجزوا بالفعل تذاكر المباراة أو غرفا فندقية لا يمكنهم السفر.
وقال المشجع رشيد مكرد الذي أخفق بالحصول على تذكرة بعد وصوله مطار الدوحة “وقفنا ننتظر بالطابور، كان أمامي نحو أربعين شخصاً وورائي كان العدد أكبر. وقفنا من الساعة السابعة مساء لغاية الساعة الثانية فجرا. قالوا لنا أن نأتي اليوم إلى نفس المكان في المطار. جئنا صباحاً وكان المكان مقفلاً”
وروت سعاد القمري (31 عاما) ما جرى معها بعد عودتها من مطار محمد الخامس في الدار البيضاء إلى بيتها في مدينة فاس “خائبة”: “ذهبت إلى مكاتب شركة الطيران المغربي ووجدت المئات ينتظرون دورهم، ليأخذوا تذاكر الطائرة، وبعد عناء يوم طويل حصلت على التذكرة بعد انتظار دام نحو 9 ساعات”.
وتابعت “اعتقدت أنني سأحقق مبتغاي بحضور المنتخب الوطني في نصف نهائي كأس العالم، وبالتالي لم آبه للتعب، وعدت إلى منزلي أوضب حاجياتي وضربت موعداً مع سيدة أخرى ذاهبة مع زوجها وطفليهما في الرحلة عينها، وانطلقنا في السيارة من فاس وقبل وصولنا إلى المطار بنحو نصف ساعة وبينما كنا نجلس في استراحة من عناء الطريق جاءت الأخبار بإلغاء الرحلات”.
في المقابل، تستعد الشرطة الفرنسية لأعمال شغب قد ترافق المباراة في مختلف المدن، لكن هذه المباراة “التي تغصّ بالرموز” بحسب صحيفة لا بروفانس يجب “أن تبقى مباراة كرة قدم، حتى لو كانت مرتبطة بالتاريخ، حتى لو كان فيها الكثير من الشغف” حسب ديشان.
نادراً ما أحتفظ بطل بلقبه بعد أربع سنوات، آخرهم برازيل بيليه في 1962، لكن فرنسا مع مدرّبها المحنّك ديدييه ديشان، عرفت كيف تتخطى كل المطبات وصولاً إلى نصف النهائي.
يصعب تخيّل أن منتخباً جرّدته الإصابات لاعبين من طراز المهاجم كريم بنزيمة أفضل لاعب في العالم، لاعبي الوسط نغولو كانتي وبول بوغبا، الظهير لوكا هرنانديز، المهاجم كريستوفر نكونكو، المدافع بريسنيل كيمبيمبي والحارس مايك مينيان، لا يبدو متأثراً البتة ويحقق الانتصار تلو الآخر.
ضمن تأهله إلى الدور الثاني بعد فوزين على أستراليا 4-1 والدنمارك 2-1 قبل أن يخسر باحتياطييه أمام تونس بهدف. في الأدوار الاقصائية كان حازماً بفوز سهل على بولندا 3-1، قبل تخطيه أصعب استحقاق أمام جيرانه الأقوياء الإنكليز 2-1.
مرّة جديدة، يبدو كيليان مبابي العنصر الأخطر في تشكيلة “الزرق” مع خمسة أهداف في صدارة ترتيب الهدافين بالتساوي مع ميسي، وخلفهما المهاجم أوليفييه جيرو هاوي تسجيل الأهداف من وضعيات صعبة وأحياناً مستحيلة، فيما يحوم شك حول مشاركة المدافع دايو أوباميكانو ولاعب الوسط أدريان رابيو للاصابة.
لكن “الحلم” المغربي قادر على تغيير معادلات كثيرة، ومنها المخطط الفرنسي، بحال توافرت عوامل النجاح لدى لاعبي المدرب وليد الركراكي الذي زرع برؤوس لاعبيه ذهنية الفوز وعدم مواجهة “عمالقة” اللعبة بدونية.
قال ابن ضاحية كوربي-إيسون الباريسية، المولود في فرنسا التي يعرفها الكثير من لاعبيه “إذا وضعنا في ذهننا أن مشاركتنا ناجحة ببلوغ نصف النهائي ونفرح، فلن نواصل مشوارنا. نحن بين أفضل أربع منتخبات في العالم، وهذا ليس من قبيل الصدفة، وستكون لدينا الكلمة غدا من أجل بلوغ المباراة النهائية”.
ديشان يبحث عن الحل
في المقابل، بدا ديشان الساعي للتويج مرّة ثالثة بكأس العالم بعد 1998 كلاعب و2018 كمدرب، هادئاً قبل مواجهة منتخب غير اعتيادي تؤهله معنوياته التي وصلت إلى الغيوم مقارعة أي خصم ولو كان يضمّ أمثال مبابي وجيرو وأنطوان غريزمان وعثمان ديمبيليه وغيرهم… “سوف نجد حلاً. لكن هذا المنتخب (المغربي) لديه القدرة على الدفاع بشكل جيد للغاية”.
دفاعٌّ لم يهتز سوى مرة يتيمة في خمس مباريات، وجاء بهدف عكسي لنايف أكرد في المباراة ضد كندا. وللمفارقة، قد يغيب أكرد عن نصف النهائي نظراً لاصابة أبعدته عن ربع نهائي البرتغال وعن تمارين الثلاثاء التي عاد اليها الظهير نصير مزراوي وقائد الدفاع رومان سايس.
إصابات بدلاً من أن توقع المغاربة بالمحظور، فتحت باب تألق البدلاء على مصراعيه، على غرار جواد الياميق ويحيى عطيةالله.