بقلم: ياسين جبار الدليمي
ان منظومة العمل السياسي العربية لم تزل متأثرة بمعطيات العمل السياسي الغربي سواءاً في مجالها التوسعي تجاوباً انعكاسياً في حركة المناهضة وحركة التحرر العربية او تجاوباً مع حركة التنوير الاوربية أو انبهاراً مع ظاهرة حركة المجتمع المدني …
فالامة العربية حقيقة لايمكن اختزالها رغم الوهن والضعف والانقسام وغياب الحد الادنى في الاتفاق بين محركات منظومة أنظمة الحكم العربية . رغم مكونات ومقومات هذه الأمة . فالدم العربي والمصير الواحد واللغة والتاريخ وحقائق الجغرافية والمصالح المشتركة والدين الإسلامي الجامع للعرب ومتوحدين مع شعوب وأمم العالم الإسلامي .
وهذه الحقائق لا يمكن اختزالها اطلاقاً كثوابت قائمة ليست بحاجة البراهين فالعرب (أنظمة حكم) فشلوا في إيجاد منظومة مصالح مشتركة خادمة للعرب وشعوب الأقطار العربية بأنظمتها المؤطرة تقسيماً بأحبار اتفاقية سـايكـس – بيكو المجزأة للوطن العربي . ان ما آل حال العرب من ضعف وهوان تتحمله أنظمة الحكم ما بعد الاستقلال الذي صار منقوصاً . فتحولت الأمة العربية إلى دول لملوك الطوائف وتفتيت المفتت تكريساً للقطرية لإطالة التوريث السلطوي وتحت مسميات الامن الوطني الغائب أو التمددي وهمّياً بمسمى ضرورات الأمن القومي ووجود التهديدات الأمنية الداخلية والخارجية التي تعطلت بها الحياة السياسية والاقتصادية التي افرغت طاقات الأقطار العربية من قوتها وكوامن الانبعاث والطاقات الجماهيرية بحركتها التاريخية المثمرة نمواً اقتصادياً واجتماعياً بناءاً كي يأخذوا دورهم الحضاري بإمكانياتهم البشرية والاقتصادية الهائلة فنجد الضعف ينخر جسم الامة العربية انحطاطاً في مختلف مناحي الحياة وأصبحت الامة العربية بمجموع أقطارها الإقليمية متخلفة عن الكثير من دول العالم التي كانت متأخرة عن حال بعض الأقطار العربية في عقد الستينات من القرن الماضي لنجدها تفترق عن الأقطار العربية بدرجات اقتصادية وعلمية مثل كوريا الجنوبية / إندونيسيا / ماليزيا .. نعم ان غياب التخطيط العلمي المدروس لبرامج التنمية الاقتصادية في الاقطار العربية سبباً والارتجالية في ذلك يضاف سبباً آخر وتوظيف المردودات الاقتصادية توظيفاً لصالح انظمة الحكم وتقوية الاجهزة السلطوية للانظمة وغياب الشفافية في صرف الاموال لغياب منظومة العمل السياسي المستندة على الشرعية الجماهيرية وانعدام التداول السلمي للسلطة وغياب الرقابة ونظام المحاسبة الحكومية او البرلمانية المعبرة عن ارادة الجماهير والعمل على تكريس القطرية بأنانية الغنى وانعدام مشاريع التنمية الاقتصادية التكاملية عربياً وخلق المصالح المشتركة قومياً فكم قدمت الامة العربية من قرابين على مذبح السلطان والحاكم والزعيم دماء بأسم امن الوطن وطاقات مهدورة واموال للتسليح لحماية النظام او وقوداً في مواجهة الاحتراب الداخلي … وشهداء لمواجهة الغزاة فأخطاء الانظمة الحاكمة تحملها وتتحملها الشعوب وهي تدفع اثمان الاخطاء لمسيرة انظمة الحكم الكارثية على مستوى الاقتصاد والسياسة قد اوصلتنا الى حد ضياع القطر العراقي وفي هذا لنا وقفة هادئة .
العراق جزء من الأمة العربية بحقائق الانتماء والوجود التي لا يمكن اختزالها بالاحتلال ومشاريع التقسيم او التفتيت او الانكفاء . والعراق لم يزل هو عراق سومر وبابل واشور واكد والكوفة وواسط والبصرة وكوفة الامام علي (عليه السلام) وهاشمية الانبار وبغداد دار السلام ، عراق بوابة الفتح الإسلامي / عراق اهل الرأي / عراق المال والرجال / عراق العناد … وعراق حسرة الحجاج / عراق العروبة والإسلام المتسامح بأرث جعفر الصادق / أبو حنيفة النعمان / المتنبئ والعلماء وبيت الحكمة وكربلاء والنجف ومدارسها وعراق صلاح الدين الايوبي / وعراق النخوة والنجدة لا شقاءه العرب / والمواطنة العراقية الجامعة للعرب والاكراد والتركمان وأطيافه المتآخية تحت راية العراق مهما تخندق البعض وراء شعارات ومخططات طارئة لفصل العراق عن محيطه الطبيعي واغراق العراق ارضاً وشعباً بمشاريع عالية الجودة في التفرقة وتكريس مرتكزات تقسيمية يراد لها التحقيق على الارض العراقية باستثناء المشروع الوطني عبر طوابير المؤهلين أمريكياً الذين وضعوا المصالح الأجنبية فوق المصالح الوطنية لغاية في نفس يعقوب بإيجاد خلخلة اجتماعية في النسيج الاجتماعي رغم تعدد الوان طيفه المنسوجة توحداً وطنياً وعلى مر العصور بوحدة عراقية متميزة . فهذه الخلخلة كانت ولم تزل من المحرمات ببراءة الذمة الصادقة من مرامي واهداف هذه المشاريع شعبياً قولاً وفعلاً تتجسد في مواجهة مقولات الحرب الأهلية التي يراد لها ان تكون عبر تلك المشاريع والمخططات التي تكسرت وتتكسر على صخرة الوحدة الوطنية العراقية . نعم لقد أصاب الفشل هذه المخططات فسقط اصحابها … فاي براءة ذمة هذه من التباكي على أمن العراق ومستقبله ؟؟
فأي مستقبل بدون وحدته ارضاً وشعباً ؟
واي منظومة عمل عربي بدون هوية العراق العربية ؟
ان التباكي بدموع التماسيح على العراق قد اسقط كل اوراق التوت الساترة لمشاريع لعب الاوراق مع معطيات سياسية ومشاريع القطب الواحد الحاكم والمتحكمة في العالم . او اتخاذ العراق ساحة للعب هذه الاوراق تجانساً وتقاطعاً مع هذه المشاريع يدفع ثمنها شعب العراق دماً نازفاً وثروات وسيادة وكرامة تسرق وتهان وارادة تصادر دونما تفريق بين مقاربات العنف والقتل العشوائي الموزع بعدالة توزيع الموت على ابناء العراق برسم ديمقراطية الرعب الموسومة بمشروع تحرير الشعب العراقي من جور وتسلط صدام حسين وارساء الديموقراطية المراد لها ان تكون نموذجاً يؤسس له في العراق في ظل الاحتلال وتأسيس عالم العولمة بمهر مشروع الشرق الاوسط الكبير !
ان لعب الاوراق من بعض الاشقاء ودول الجوار الجغرافي جعل العراق باباً مفتوحاً للراغبين باللعب فتحول العراق بعد الغزو الامريكي الى ورقة (الجوكر) الفواحة برائحة النفط التي يمكن لها الاصطفاف مع كل الاوراق الاخرى لعباً بغطاء مكافحة الارهاب وتحويل العراق الى ساحة المواجهة الاولى في الحرب العالمية على الارهاب ..
فمن يزكي منْ بشهادة حسن السلوك في اللعب النظيف او المغشوش بدون مجاوزة لمصلحة الوطن وقدسية وحدته واستقراره وانتمائه ؟؟
فيراد للعراق تفصيلاً لمقاسات خارج المألوف والمنسجم مع خصوصية ابناء العراق تفرقة وثأرية من بابل وصلاح الدين الايوبي ومعارك حطين وارتفاع خصوبة الشعور القومي العربي في الدماء العراقية الممزوجة اسلامياً بثنائية
( العروبة تجمعنا والاسلام يوحدنا )
ان ما يجري في العراق سيصيب بنيرانه دول الجوار الجغرافي ويتعداه الى دول الاقليم دونما تفريق حتماً .
فالرائي للمشهد العراقي يجد مماثلة في الحركة التاريخية بمحصلتها التأريخية المتوالدة من هذه الحركة من خلال استرجاع للحوافز وراء الغزو الامريكي وعلى عدة جهات بمحركها الفكري الاساسي لمشروع القرن الأمريكي هيمنة وقيادة (سياسية / عسكرية / اقتصادية / ثقافية ) للعالم . وهذه المماثلة قد تطابق في بعض اشكالها في التحالف بين الولايات المتحدة الامريكية وبعض الاطراف الاشتراكية شركاء البلاشفة في الاممية الشيوعية وذلك عبر التقسيم : شيوعيون / سوفييت / شيوعيين غير سوفييت .
فهذا التحالف قد شابه بعض الغموض والريبة لفته من كل جانب وتشكيكاً بين مقولات العميل أو الحليف الذي لم يلبس الكابوي وبين التحالف مع بعض التيارات الدينية (الاسلامية) على أعتاب أفغانستان ليتحول عند أعتاب كابول المحررة من الروس تحالفاً لم يدم طويلاً. بخاتمة ما يسمى بطلاق القاعدة بزعامة أسامة بن لادن في احداث 11 سبتمبر/ ايلول المفجر للفكر الايدولوجي للحركة التاريخية من كونه صفة لحالة سياسية خاصة الى صفة لمنهج سياسي عقائدي خاص بكرملين البيت الابيض الامريكي . فنجد منهجاً سياسياً عقائدياً قد تجسد ممارسة وسلوكاً لدى المحافظين الامريكيين الماسكين للسلطة بشعار أممي بخلق عدو وهمي وهو الارهاب .وان يكون العراق ساحة الحرب الأولى والمتقدمة في مكافحته / وإرساء الديمقراطية / وإرساء الديمقراطية في العالم .
فجاء غزو العراق كحلقة اولى بمشروع عقائدي أممي في اطار منعطف تاريخي مصيري لا يمس اطاراً جغرافياً او اقليمياً فحسب بل دولياً عبر الهيمنة والسيادة العالمية فتماثل هذا الانعطاف بتماثل عقائدي جديد بعد انهيار أممية الشيوعية العالمية وتفتت دول الاتحاد السوفياتي وهذا التماثل الجديد هو أممية الاسلام السلمية الداعية لانهاء استغلال الإنسان لأخيه الإنسان وتحريريه من كل أشكال الاستبداد والظلم بكل أشكاله فالإسلام حديثاً قد اوجد له مديات قبول واعتناق فكري وروحي بين أبناء شمال الكرة الأرضية الحضاري المتحدث والصناعي وتحديداً بعد الحرب العالمية الثانية وليشهد بالمقابل اشرس مخطط اعد بعناية ودراسة فائقة ينفذ اليوم بعد انهيار الشيوعية ليتحول الاسلام بموجبه الى العدو الاول للعالم المتمدن بوسم الاسلام بالارهاب ، ويوصم المسلمون بالارهابيين كذلك . وبالحقيقة الجدلية العقائدية الامريكية المستندة الى الفكر الصهيو- مسيحي بأدبيات دعاة الانجيل الجديد فلا بد لهذا الفكر العقائدي الجديد من عدو جديد ايدولوجي وهمي . وجدلياً بموجب الظروف الحتمية تحول الاسلام الى هذا العدو الوهمي الموعود فجاءت مفاهيم :
1- مكافحة الإرهاب موجهة للإسلام والمسلمين اينما كانوا ولإعتبار الاسلام مولداً للإرهاب وحاضناً له .
2- نشر الحرية ومحاربة الطغيان العالمي .
3- ارساء الديمقراطية .
4- محاربة قوى ودول الطغيان .
فالصراع هنا عبر هذه المشاريع يدعو اساساً الى خندقة العالم ضد الاسلام بعباءة مكافحة الارهاب ونشر الحرية والديمقراطية والبدء في الوطن العربي باعتباره استراتيجياً قلب العالم والعالم الاسلامي تحديداً لتاثير العرب في مسلمي العالم روحياً وفكرياً تارةً وعبر مؤسسات الشرعية الدولية وفق المنهج الامريكي الخارق لهذه الشرعية واقرار مبدأ الامر الواقع كما جرى في امر غزو العراق ثم إقرار احتلاله بقرار دولي لإضفاء الشرعية الدولية وهذه سابقة خطيرة في خرق القانون الدولي وميثاق الامم المتحدة وصولاً لشرعنة هذا الصراع الذي تريد له الولايات المتحدة ان يكون اممياً على الرغم من عدم التماثل في صراع الولايات المتحدة مع الاسلام .
فالتماثل التاريخي للصراع قد أخذ بُعداً أممياً تجسد في شرعنة هذا الصراع بالشرعية الامريكية بمقولة الرئيس جورج بوشمن لم يكن معنا فهو ضدنا) فأممية هذا الصراع قد أخذ بعداً أممياً بين الفكر واستراتيجيته وعمل تنظيم القاعدة بقيادة اسامة بن لادن فنجد تنظيمات كثيرة ومتعددة ليست لها علاقة بتنظيم القاعدة تتبنى نهج القاعدة السياسي والعقائدي والجهادي … وقد يحسب البعض ان احداث 11 سبتمبر / أيلول 2001م قد فجرت اسس هذا الصراع . بل انها لم تكن سوى اشارة البدء لانطلاق مسيرة اللحظة التأريخية للمشروع الامريكي بكفاءة رجل الكابوي باستخدام السلاح المحسوب زماناً ومكاناً وبالتوقيت الملائم للمشروع الامبراطوري الامريكي بفيروس الزعامة الامريكية الكامن في حضانة الحرب الباردة .
فالتماثل في الصراع هنا قد غدا واضحاً كونهما شكلا منعطفاً تاريخياً ومصيرياً برغم التماثل في القوة والامكانيات .
وهنا هل يختزل العراق ؟ وهل ينحصر بصيغة واحدة حسب ما هو مخطط له امريكياً ؟ ان التأرجح بين تشاؤم العقل وتفاؤل الارادة وسلخ الجلود والتنكر للوطن والهوية والقومية ولإرادة الشعب في الحياة والعيش والكرامة الوطنية كما يفعل لذلك ترويجاً وسلوكاً وعملاً ممن رضخوا لقسم الولاء في اكتساب الجنسية الأجنبية . فالبصيرة العراقية والعربية ليست بحاجة الى مجهر فعراق اليوم اقليمياً واقعاً تحت الاحتلال والمشرق العربي والوطن العربي والاسلامي ككل مشروع احتلال امريكي لا محال وهدف لاستعمار من نوع جديد … لقد سالت بطائح العراق بالدبابات والجيب الهامفي والهمر وألفت السماء الطائرات بانواعها والشعب العراقي قد تعود وراثياً الحزن المتوالد عراقياً منذ كربلاء ومتناسخاً من هولاكو / واسياط السخرة / وعذابات المقهورين فصار السواد حزناً بعد ان كان رمزاً للخصب وباسقات النخل رطباً جنياً . فكم من ليلى ثكلى ؟ وكم من ام البنين توالدت في العراق سبايا ؟ . فكم هو طويل عاشوراء العراق ؟ وكم العراق مسكوناً بالحزن ؟ وكم مسكوناً بالجوع وبالجنون العابر للقارات طمعاً بوسم الجوع مطراً ليبقى في العراق جوعاً ومطراً وخصباً .
ان ما يجري في العراق الجريح ارضاً وشعباً هو نموذج بكل الالوان للمشروع الامريكي . والرائي للمشهد العراقي من خارج الحدود يرى بنصف عين ومن يسمع لا يستمع الى ضجيج وصدى ماكنة التضليل الاعلامي الامريكية . فنيران المشروع الامريكي قد اكتوينا بها : الوطن والمواطن مصادرة وتزيف تحت شعار مكافحة الارهاب الدولي الذي لم تعرفه الساحة العراقية من قبل الغزو وفراغها من أي ملمح ارهابي من قبل . فصار الشعب العراقي وقوداً لهذا المشروع الاممي وللأسف بدم عراقي رخيص الثمن عبر مخططات متنوعة تتمثل بالانشطة الصهيونية المباشرة وغير المباشرة وبفعاليات متعددة الاشكال وتحت مسميات كثيرة بلعب اوراق متطابقة ومتضاربة وتصفية حسابات دولية تحول معها العراق الى ساحة لعب مفتوح لهذه الصراعات . وليعيش العراقي بين توديع الشهداء واستقبال الايام الحبلى بالعنف المطلق بين المقاومة الوطنية والارهاب المنظم عبر منظومة القتل الجماعي واطلاق النار العشوائي ، واليد المطلقة للجندي الامريكي من دون أي رادع قانوني واخلاقي بمعطيات منهجية الاحتراف العسكري الخاضعة للمواثيق والمعاهدات الدولية الكافلة لحياة وامان وحقوق الشعوب الواقعة تحت الاحتلال ان هذه النار التي اريد لها ان تكون رعباً وخوفاً وفزعاً للعراقيين قد تحولت هذه النار الى رعب وفزع لحياة الاف عوائل الجنود الأمريكيين المنتظرة للاستدعاء عبر هواتف البنتاغون لابلاغها بالاخبار غير السارة السيئة والمحزنة من أبنائهم في العراق .. ان المروجين للمشروع الامريكي قولاً بان عصر الشعوب قد بدأ بالاحتلال الامريكي للعراق ما هو الا ترويجاً رخيصاً لسموم بادوات عربية واسلامية لم تعد تحمل هذه الادوات من العروبة والانتماء لها سوى المفردة المسوقة بحروف الابجدية … فعصر الشعوب يراد له ان تتآكل السيادة الوطنية باسم الحرية والتحرير والخلاص من حكامها او الارتهان للمشروع الامريكي بألية ديمقراطية الرعب والموت لكل ما هو قومي أو إسلامي . فمن حكم التفويض الالهي الى التفويض الديمقراطي برسم الرضا او الاستنساخ في مراكز صنع القرار الامريكي استراتيجياً بوسم العولمة فأين الحلم الوردي المبشر به حرية للعراقيين ؟
وأين خبراء التبسيط الايدولوجي ومبشري المشروع الامريكي الديمقراطي وحقوق الانسان من الذي يجري في العراق الجريح ؟
لقد ضاعت الحرية الموعودة فتحولت هذه الحرية احتلالاً مطرزاً بمداهمات زوار الليل والامتهان منا امام اولادنا وامهات العيال المخدرات بافكارنا واحلامنا الوردية بالحرية والعدالة وتحقيق الحلم القومي العربي بوحدة عربية . . !!!
نعم لقد ضاع صدقنا لأولادنا بتحقيق الغد السعيد فلم نعد نقدر على البوح باحلامنا الوطنية أو القومية التي أفطمنا آباؤنا على حب العروبة والصدح بالوحدة العربية الجامعة للعرب من المحيط الهادر الى الخليج الثائر .
نعم ضعنا لاننا تحولنا الى إرهابيين .
فدنست حرمات البيوت بمداهمات المارينز والتي لم تشفع لنا خبرتنا في مداهمات الامن والمخابرات فيما مضى وكان أو كوننا نزلاء دائميين للزنازن والسجون وأوسمة السياط التي لم تزل علامات فارقة على اجسامنا بوسم التعذيب بعد زيارات زوار آخر الليل ……
نعم اريد لنا الضياع لاننا ما زلنا ممهورين بالدم العربي وروح الاسلام الحنيف فتقاطعنا مع المشاريع المطروحة امريكياً بعصرنا عصراً بين مواقع الارهاب والراديكالية وبوصمنا بالتخلف والارتهان بالموهوم التاريخي لامة عريقة لديها من العمق الحضاري المغني للبشرية دونما تعصب او تسلط او استعباد. هذا الوصم يأتي من ابناء جلدتنا بوسم الحداثة والحدثوية لكوننا عرباً ومسلمين …
ولكونهم نخباً ثقافية وسياسية وملاكي مشروعات المجتمعات المدنية المبشرة بالخير الامريكي العميم : حرية وديمقراطية وعدلاً بمؤسسات حقوق الانسان الراقصة على ايقاعات البوب الامريكي . وتتوزع علينا التهم من منافذ متعددة عبر وسائل الاعلام المنغلقة فضائياً في اثير الوطن العربي عبر توزيع جغرافي على الارض العربية بدوريات الكتب من منافذ الكتب من منافذ عواصم الثقافة العربية التاريخية والمستحدثة بمجاميع نخبوية قد اعدت اعداداً جيداً ، بكفاءة الشهادات العليا او اعتمار العمامات الدينية وببراهين الفرق الناجية من الطاغوت والحكم الشمولي واجهزة القائد الاوحد القمعية تارة وتحت تأثير احزاب المارينز وقادتها الذين منَّ الله عليهم بالفتح المبين . فالحرية للعراق لايمكن لها ان تتشكل الا (بالبسطال الامريكي) وصواريخ كروز . فكم من محاولة تغيير وئدت قبل قيامها ايام حكم صدام حسين وبمباركة أمريكية ! ؟ ؟
فجاءتنا الحرية بالصواريخ والقصف والبطش الامريكي الذي لم يفرق ابداً بين اتباع صدام ومعارضيه .. فجاء الخلاص بالتخلي عن القومية العربية وسلخ العراق عن محيطه العربي والحرية تصان بالتقسيم العرقي والطائفي والمذهبي الذي يراد له تاسيساً في العراق اليوم . والديمقراطية لا يمكن ان تتشكل على الواقع العراقي ممارسة وسلوكاً الا بالفيدرالية باقاليم متعددة في العراق .. وان يكون العراق المستقبلي عراقاً غير عربي خوفاً من عراق عربي مستبد .
وهنا تظهر الصورة جليةً فالاستبعاد العربي لن ولم ينتهي ابداً الا بانهاء الصراع العربي – الفلسطيني بالتخلي عن فلسطين وتوطين اهلها الشرعيين المهجرين في دول الشتات أو في غرب العراق كوطن بديل .ان الطروحات المطروحة بمعطيات المشروع الامريكي حول مستقبل العراق وشكل نظامه السياسي يكون بانكفاء العراق قطرياً وتأسيس وتكريس مفهوم الامة العراقية واعطاء الاولوية لحاجات المستقبل بدل مفاهيم وتفاسير الماضي وعلى العراقيين نبذ السياسات القائمة على التشبث المهووس بالتاريخ …هكذا يراد لعراق ما بين النهرين فتباً لهذا الزمن الرديء بملوك الطوائف . وطوبى للاحرار والشهداء في سماء العراق وارض الاسلام .
ان ما نريده للعراق اليوم ان يكون عراق العروبة والاسلام / عراق المواطنة الحقة الجامعة والموحدة لابناءه / وحتمية الوجود المشترك والتعدديـة والديمقراطية .. عراق التداول السلمي للسلطات والانفتاح والحوار البناء الهادف . فهل من يرى غير ذلك ؟
فالعراق هو الوطن والحرية والديمقراطية / وهو العدالة الاجتماعية الصادقة .. فالعراق وطناً مع الحياة .. وغير ذلك مع مسلسل التقسيم والتجزئة .
ولي في قول الأخ كمال ناصر عند قبر الشهيد غسان كنفاني خاتمة للمشهد العراقي : كفنوه بالعزِّ من أمجاده وأدفنوه مشرداً في بلاده