المستحيل ليس في قاموسنا ؟
درس بليغ وحكمة اقل مايُقال عنها هي قمة في الأبداع والرقي واحترام الذات والانتماء الصادق للوطن ، وأحتضان العقول المنتجة ، وتشجيعها على التسابق من أجل البحث عن منافذ الأبداع .
أطلق الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أمس وزارة اللامستحيل، في مبادرة حكومية غير مسبوقة عالمياً، من خلال وزارة تتبنّى منظومة عمل افتراضية غير تقليدية، يتولى إدارتها أعضاء مجلس الوزراء، وتعمل على إعادة هندسة المنظومات الحكومية والسلوكيات المجتمعية، والتفكير الاستباقي، من خلال توليها ملفات وطنية مهمة.
ووجه الشيخ محمد ال مكتوم بالبدء بالعمل على عدد من الملفات المهمة ، المتعلقة بعمل وزارة اللامستحيل، في مرحلة أولى، تشمل كلاً من إدارة الخدمات الاستباقية، وإدارة المكافآت السلوكية، وإدارة اكتشاف المهارات، وإدارة منصة المشتريات الحكومية.
عندما يقرر الشيخ محمد بن راشد ال مكتوم بالقفز للمستقبل بوزارة اللامستحيل ويؤكد ان المستحيل ليس في قاموسنا ولن يكون جزاً من مستقبلنا ، هي اشارة للتسابق مع الزمن ومواكبة حركة التطور العالمي من اجل الانجاز والتَمَكُن .
هكذا تعمل الحكومات المُبدعة حيث تتبَنَّنى مشاريع الابداع الاستباقية ، تلك الحكومات التي تجاوزت مرحلة التوقف عند أنجاز معين والتغني به ماتبقى من عمر الشعوب ، بل وتعمل المستحيل من اجل تَقَدُم بلدانها وَرُقي شعوبها ، دولة الأمارات التي اعطت أجمل صور الوحدة الوطنية والتكافل الأجتماعي مابين اماراتها السبع ،تَمَكنت من ان تستثمر كل الطاقات الوطنية وشجعت واستقطبت وسهلت الاستثمارات الخارجية لصناعة وطن يُعد اليوم مثابة ومضرب مثل لباقي البلدان ، نعم اللامستحيل استطاع ان يحول الصحراء الرملية الى مدن خرافية وقبلة للسائحين ، وبالتأكيد سأبتعد كثيراً عن تعداد الانجازات الأماراتية على جميع الأصعدة لأكتفي بالقول ان البلد الذي يفكر بأستحداث وزارة للسعادة ووزارة اللامستحيل ، هو بلد يستحق التضحية والإيثار والصدارة .
ونعود الى العراق الحبيب وبغداد السلام حيث التأريخ اجمل من الحاظر ، كان قادة الامارات عندما يزورون بغداد يَتَمنون ان تكون اماراتهم مثل بغداد وتخطيطها وتنظيمها وتحضرها ، بغداد ذات التأريخ العريق والحضارة التي تجاوزت السبعة آلاف عام تسقط من قمة الأبداع الى قاع التأمر الدولي ، فتتحول الى مدينة باكية في بلد ينزف دم في صراع من أجل البقاء في غابة دولية ، الأقرب لنا منهم بمواقفه يفكر كيف يسرق ثرواتنا ، والعدو يعمل على تدميرنا .
تجاوزنا الكثير من المِحن والمآسي منذ تشكيل دولة العراق الحديثة الى يومنا ، لم تفارقنا الحروب والنزاعات والثورات التي ندفع ثمنها دماء ابنائنا ، وضاعت هويتنا وفقاً لرغبات القادة ، تارة نحن أقرب للشيوعية وتارة اخرى قوميون عروبيون نناضل من اجل الدفاع عن قضايا الامة المصيرية ، ومرة ثالثة نحن طائفيون نتصارع فيما بيننا من اجل السلطة ، وليس من اجل بناء البلد ، تباً لقيادات لاتفقه معنى الوطن ، وتباً لقيادات لاتُقدر معنى التضحية بالابناء من أجل الاوطان ، تلك القيادات تفكر ان التضحية معناها الحفاظ على وجودهم على كراسي السلطة وما أعرف (مدري حظنة مدري حظ العراق ماجابلنة احد براسة خير ويفكر بشكل ستراتيجي )، وبقينا ندفع الثمن فاتورة دم وعوز واوبئة منتشرة وتردي دائم ، متى ننهض سؤال الى جميع مسؤولي العراق ، متى نشعر بأدميتنا ؟
متى نُعَلم اولادنا بشكل سليم ، ونستثمر شبابنا وطاقاتهم ، ونعز شيبة شيوخنا ، متى لانرى المرأة تستجدي كي تعيش ، والمريض يموت لانه لايجد العلاج ، متى لا ارى في بلادي مُهجر او مهاجر او مظلوم ولايجد من ناصر ، لن اطالبكم بوزارة “السعادة” ونحن غير قادرين على اكمال الكابينة الحكومية منذ اكثر من تسعة شهور على تشكيل الحكومة ، ولن اطالبكم بوزارة “اللامستحيل “ونحن نبتعد عن تنفيذ المطالب الاساسية للمواطنين ، لكني اطالبكم بأن تتوحدوا بالقول والفعل من اجل العراق وشعبه ، لن ينهض العراق على رُفات صراعاتكم واخلافاتكم وتمدد بعضكم على بعض ، بل ينهض عندما تكونوا على كلمة سواء كي تتمكنوا من النهوض بثورة التنمية والبناء (بناء البشر والحجر ) ، وهذا ماننتظره منكم في قادم الايام بأذن الله .
بقلم /كامل كريم الدليمي