عُين “عادل عبدالمهدي”؛ بعد حلف اليمين الدستورية، رئيس الحكومة العراقية الجديدة بشكل رسمي. وقبلاً طوى رئيس الوزراء، المكلف من البرلمان باعتباره شخصية تكنوقراط، طريقًا طويلاً للوصول إلى هذا المنصب؛ لأنه بعد الانتخابات البرلمانية المثيرة للجدل وما تلاها من أحداث، مثل إحتراق صناديق الإقتراع، وإمتداد الاحتجاجات إلى جنوب العراق، ثم الصراع يبن الفصائل السياسية المختلفة، عانى “العراق” من الإنغلاق السياسي النسبي، وتوقع معظم المحللين أن تستغرق عملية تشكيل الحكومة أشهر، على غرار ما حدث في العام 2010م.
من جهة أخرى؛ فقد عانت التيارات الأساسية، الفائزة في الانتخابات البرلمانية، طوال الفترة الماضية من التقارب والإبتعاد ولم يتفقوا على شخص محدد. بحسب ما نشرته صحيفة (المبادرة) الإيرانية.
أول وعود “عبدالمهدي” التي تحققت..
مع هذا؛ وبعد تحديات الشهرين الماضيين، والتي إنتهت باندلاع موجة من الاحتجاجات الشعبية، لاسيما في “البصرة” وما تلاه من إحراق مقرات الكثير من الأحزاب والتيارات السياسية، ورغم التوقعات المعروفة، فقد اختار البرلمان، “محمد الحلبوسي”، رئيسًا له، و”برهم صالح” رئيسًا للجمهورية، والذي اختار بدوره، “عادل عبدالمهدي”، رئيسًا للوزراء، وكلفه بتشكيل الحكومة.
وعليه؛ مثل “عبدالمهدي” أمام البرلمان، وأقسم اليمين الدستورية، وقدم 22 وزيرًا بحكومته، حصل 14 منهم على ثقة البرلمان.
وقبل أداء اليمين؛ نشر “عبدالمهدي” خطته للسنوات الخمس المقبلة، ورسم خلالها اهتمامات حكومته. وأهم محور بالخطة يتعلق بتحرير “العراق” من نفوذ القوى الأجنبية، وعدم التماهي مع العقوبات الأحادية ضد دولة أخرى، واختيار المستقلين على أساس الجدارة، ومكافحة الفساد المالي والإداري، ورفع مستويات الرفاه الاجتماعية، وتقوية القوى العسكرية والأمنية. كذلك وطبقًا للوعود التي أطلقها رئيس الوزراء، فقد عُقدت أولى اجتماعات الحكومة خارج “المنطقة الخضراء”، في “بغداد”، للمرة الأولى منذ خمسة عشر عامًا. كذلك وعد “عبدالمهدي” نقل مقر الحكومة خارج “المنطقة الخضراء”.
رئيس وزراء على خلفية جيدة بالعلاقات “الإيرانية-العراقية”..
رئيس الوزراء العراقي، “عادل عبدالمهدي”، البالغ من العمر 67 عامًا، يحمل في سيرته الذاتية خبرات طويلة في مجال العمل السياسي. وهو باعتباره خبير اقتصادي شيعي عراقي؛ فقد أنهى دراسته نهاية العام 1960م بـ”فرنسا”، وتعاون، (بجانب عضويته في “الحزب الشيوعي العراقي”)، مع مجلات عربية وفرنسية.
تقرب “عبدالمهدي”، عام 1980م، مع فصائل الإسلام السياسي المعارضة لـ”نظام البعث”، وحصل على عضوية “المجلس الإسلامي الأعلى” في “العراق”. واستمر، بعد سقوط “صدام حسين”، في ممارسة العمل السياسي كـ”وزير للمالية” بالحكومة المؤقتة، ثم “وزير النفط”، وكذلك “نائب رئيس الجمهورية”.
وفي هذا الصدد؛ ومع تأكيد الأحزاب الفائزة بالانتخابات البرلمانية على ضرورة أن يكون رئيس الوزراء الجديد “تكنوقراط” و”مستقل”، فقد وصل “عبدالمهدي” بدعم هذه التيارات، وكذلك المرجعية العراقية، وسعى في أولى إجراء له إلى إبراز رؤيته المستقلة.
وقد ألمح في خطته الخمسية أنه لن ينجرف وراء “العقوبات الأميركية” ضد الدول الأخرى، وأكد كذلك، في مؤتمر صحافي بالأمس، على أنه سوف يتحرك فيما يتعلق بـ”العقوبات الأميركية” من منطلق المصالح العراقية، وأنه يضع استقلال ومصالح “العراق” على رأس أولويات الحكومة.
وقد دفعت هذه الرؤية الخبراء إلى القول بإحاطة “عبدالمهدي” الجيدة، (نظرًا لعلاقاته الطويلة مع إيران)، بالعلاقات الثنائية بين البلدين، ومن المحتمل أنه سيبقي على حرارة العلاقات طوال فترة رئاسته للحكومة العراقية.
كذلك تعكس التركيبة السياسية العراقية الجديدة، إتخاذ خطوات للموازنة الإيجابية فضلاً عن الاستقلال. وإتخاذ، (فضلاً عن التعامل مع سائر دول المنطقة)، وضع الوسيط بين “إيران” والقوى الإقليمية وفوق الإقليمية.