إيران بين نجاحات
كبيرة وإخفاقات منتظرة ..
لايختلف إثنان ممن يتابعون الأحداث ويراقبون الوقائع من إدراك حقيقة النفوذ الأيراني والتوغل الكبير في الساحة العربية المنهكة والمتشرذمة أصلا نتيجة لأحتلال العراق وغياب دوره الريادي في تماسك وإتزان عرى هذه الساحة العربية المثقلة بالأزمات والمستهدفة من قبل البعيد والقريب على حد سواء بالأظافة للأحداث والمتغيرات التي أعقبت الربيع العربي سنة (2011) والتي عصفت بالمنطقة بقوة وأطاحت بأنظمة عربية عديدة مما زاد في عمق الخلافات والصراعات العربية وفي خظم هذا الواقع المؤسف وهذا الشتات والتناحر والتضاد في المواقف والتحالفات تمكنت إيران من تعزيز نفوذها وإتساع رقعة وجودها المؤثر بل المسيطر والمتحكم في القرار في بعض دولنا العربية متسلحين في بناء مشروعهم هذا بفكر عقائدي منحرف وموروث تأريخي قائم على الحقد والأستعلاء الحضاري على تأريخ وحاضر أمتنا وموظفة لهذا المشروع الخطير أذرعها المتغلغلة داخل الجسد العربي مستخدمة كل وسائلها وطرقها المعهودة مستغلة هذا الواقع المؤسف وهذا الفراغ الذي تركه الأحتلال الأمريكي للعراق وماتبعه من تهاون وتراخي بل غياب الدور العربي المؤثر وبذلك أغتنمت إيران هذه الفرصة التأريخية السانحة لتطوير مشروعها التوسعي الذي نجحت فيه بسرعة وبقليل من الخسائر المنظورة، ولابد لنا أن نعترف بهذا الواقع رغم مرارته وقساوته ولابد أيظا أن لانسلم بهذا الواقع بل نتعامل معه بمسؤلية وعقلية الطامح والمتربص والساعي الى التخلص من هذا الواقع المزري بوعي جمعي يوازي هذا الخطر الجسيم على حاضر ومستقبل وطننا وأمتنا من قناعة راسخة بقدراتنا الذاتية النابعة من الأزلية الخيرية التي وهبها الخالق (جل وعلا ) لأمتنا المجيدة وليس بأستجداء العون والنصرة واللوذ خلف أمريكا الطاغية التي أحتلت بلدنا وقتلت أبنائه وقوضت كيانه تدميرا وتخريبا ونهبا ومن ثم أسلمته لأيران على طبق من ذهب .
ولعل القارئ لهذه المقالة تنتابه الحيرة والإستغراب وهو يطالع هذا العنوان المتضمن أخفاقات منتظرة لإيران في ظل هذا التغول والغطرسة لنظام الولي الفقيه ولعل ما يزيد من هذه الحيرة وعلامات الأستفهام هي التعبئة الفكرية المسبقة والقناعة الراسخة بفكرةنجاح المشروع الإيراني لدى الكثير من المهتمين والمراقبين لهذا المشروع وكيفية نشوئه ومراحل تطوره على أرض الواقع وهو أمر لايمكن نكرانه أو التخفيف من أثاره ونتأئجه برغم ماأثيرت ضده من جعجعة أعلامية لم تؤثر في صيرورته وبذلك يكون من الصعوبة بمكان تقبل فكرة الأخفاقات الأيرانية المنتظرة التي نحاول أن نتلمس جوانبها من خلال حسابات كلية بمنظور ستراتيجي بعيد المدى قد تلوح منه في الوقت الراهن لمحات أو إرهاصات يمكن أن تكون منطلقا لنظرة جديدة فاحصة لمستقبل هذا المشروع وأثره في المنطقة إذا ما تتبعنا هذه المسيرة وقرأناها بتمعن قرأة موضوعية متجردة بعيدا عن ميول العاطفة وإسقاطاتها العشوائية فسوف نكتشف ملامح هذا الأخفاق المنتظر، فالإيرانيون شيدوا صرح مشروعهم التوسعي على أسس هشة عمادها الطائفية المقيتة وسلاحها القهر والتنكيل والتصفية لكل من يخالفهم أوينتقد تصرفاتهم وهذا ماحدث ويحدث حاليآ في العراق وكانت ركائز هذا المشروع أحزاب إسلامية طائفية مشبعة بعقد الماضي وخرافات الموروث التأريخي المحرف والمزور والمشبع برغبة الثأر والأنتقام من مخالفيهم في الرأي والأعتقاد تتزعمها نخبة من الفاشلين والفاسدين والمجرمين الذين أنكشفت عوراتهم وأزكمت الأنوف رائحة فسادهم حتى ضاق بهم ذرعا جمهورهم الذي أيدهم وأوصلهم للسلطة عندما خدع بشعاراتهم ووعودهم الكاذبة التي ذهبت أدراج الرياح ولم يتحقق منها شيئ على أرض الواقع ولعلنا نستطيع أن نؤشر إبتداء هذا الأخفاق فبالرغم من سيطرة إيران المطلقة على الساحة العراقية إلا إنها فشلت في بناء منظومة فكرية وطبقة سياسية خارج هذه الأحزاب الدينية تستطيع من خلالها إنعاش مشروعها المتهالك أخلاقيا وترميم ما قد إنثلم من سمعتها وقوتها المعنوية في نفوس الكثير من العراقيين الذين كانوا يعتبرونها دولة الحق والفضيلة إلا أن إيران وأدوات مشروعها في العراق مازالوا يجترون الفشل تلو الفشل والفساد إثر الفساد حتى أدرك المتعاطفون معها أن إيران تأخذ ولاتعطي وأنه لا أمل في إصلاح هذا الواقع السيئ ألا بالخلاص من هذا المشروع وركائزه فخرجت الجماهير مرارا وتكرارا في وسط وجنوب مدن العراق منددة بسياسات إيران الهدامة ومطالبة بالتغيير الجذري لهذه العملية السياسية ورموزها فخسرت إيران معظم مؤيديها وجمهورها داخل العراق وخارجه
وكانت الأنتخابات الأخيرة في شهر أيار (2018) شاهدا ودليلا لايمكن تجاهله على هذا الفشل والإخفاق عندما قاطع الشعب هذه الأنتخابات بشكل كبير باعثا برسائل قوية لأيران وحلفائها في السلطة برفض هذا الواقع وهذه العملية السياسية الفاشلة والفاسدة ومؤشرا واضحآ على فهم وإدراك حقيقة المشروع الإيراني منهجآ وسلوكآ …
عبدالقادر الضاري