تحت المجهر
بقلم: موفق الخطاب
(إياك أن تكون بوقا وطبلا مخروقا)
من يمتلك السلطة والمال والقوة وناصية العلم هو من يتحكم في مصائر الدول والافراد والشعوب.
لقد دأبت الدول الكبرى تتقدمهم الولايات المتحدة الأمريكية على تسخيرهذه الأدوات لفرض هيمنتها على العالم ومراكز القرار وكل ذلك من اجل بقائها اطول فترة ممكنة متربعة ومهيمنة على عرش ومقدرات العالم وتسخير خيراته لرفاهيتها, مستعبدة مجاميع البشر ونهب الثروات الهائلة للبلدان من العالم الثالث خاصة ببسط نفوذ شركاتها وتجارتها فضلا عن تجارة خردة السلاح عنوة للدول مسلوبة الارادة والقرار لبناء امبراطورياتها على تعاسة الآخرين .
ولم يكن ليتحقق لهم ذلك الا بوجود طبقة من الخونة والعملاء والذين لا يترددون بتنفيذ ما مطلوب منهم برهن خيرات بلادهم وتنفيذ ما مطلوب منهم بالضد من مصالح شعوبهم لطالما تتعهد تلك الدول بحماية انظمتهم وبقائهم اطول فترة ممكنة في السلطة.
اما عن تلك الدول والانظمة التي تقف حجرعثرة امام مشاريعهم فلن تتركهم وشأنهم فتراها تعد لهم المخططات الرهيبة في المطبخ السياسي , وقد تكون طويلة الأمد لإزاحتهم بالطريقة المناسبة , فتعمد اولا بلوي عنق الشرعية باللجوء الى مجلس الامن الدولي ومنصات الامم المتحدة للنفوذ اليهم , وإن جوبهت بالرفض أوالفيتو اضطرت الى إحداث الإنشقاقات والفوضى ثم تنفيذ الإغتيالات, وأخرى بلملمة شتات المعارضة من الخونة والإستعانة بهم بالإنقلابات, وإن لم تفلح فتعمد الى شن الحروب الإقتصادية لتغرق الدولة المعنية بالديون المثقلة حتى اذا اشرفت تلك الدولة او النظام على الهلاك فلن تجد لها مناصا إلا بالإرتماء في حضن صندوق النقد الدولي فيغلق عليها ويبتلعها كما يغلق الاخطبوط ونجم البحر اذرعه على فريسته.
هذا هو ملخص ما يدور في عالم اليوم من صراع غير شريف وغير متكافئ خاليا من الرحمة ومعاني الانسانية في حروب قذرة مدمرة تستخدم فيها كل انواع الاسلحة .
ونحن للأسف كدول عربية نمثل الطرف الأضعف بين الدول والأمم حيث تعصف بنا رياح المكر والغدر والخيانة من كل حدب وصوب و نحن في قلب هذا الصراع .
لكن ما يقف عائقا امام مخططاتهم الرهيبة اليوم والذي لم يكن في متناول اليد قبل عدة عقود وقرون من الحروب والاستعمار الكلاسيكي البغيض هو بروزعالم الانترنت و تقنية التواصل الإجتماعي والإنفتاح والذي جعل من العالم قرية صغيرة يصعب معها التكتم على اي خبر وهذا يعتبر سلاح ذو حدين , حيث سهل الحصول على المعلومة وكذلك سهولة تشكيل الرأي والرأي المضاد سواء بواسطة المرئي منها أوالمسموع والمقروء, والذي بات يصعب السيطرة عليه بادواتهم آنفة الذكر, لذا لم تغفل هذه الدول وعملائها عن ذلك فأغدقت الاموال الطائلة بتدارك هذه الثغرة وهذا العدو الخفي , فعمدت بنشر العديد من الفضائيات والإذاعات وتأسيس كبريات الصحف وأحكمت سيطرتها على كل ماينشر في المواقع الاكثر متابعة وإنتشارا في هذه المنطقة وبالذات الفيسبوك والتويتر والواتس اب , بل ربما ذهبت لابعد من ذلك ان دفعت بالمليارات لشراء هذه المنصات او تجنيد القائمين عليها, والجميع قد عانى من الحظر والغاء الحساب او لاحظ حجم الرقابة المشددة إن تطرقت لذكر أنظمة تدور في فلكها ومؤسسات وكيانات ومليشيات بعينها, ونشرت اي تصرف او مقطع فيديو يدينهم فستجد نفسك محظور او ممنوع من النشر لاسبوع او لشهر , ومع ذلك تمكن جيل الشباب ممن برعوا في هذه التقنية التحايل عليها والنفوذ من خلالها وهذا ما بات يقلق تلك الدول وعملائها ويشتت من جهودهما في فرض ارادتهما .ومن جهة اخرى ايضا سهلت هذه التقنية بتشكيل مجاميع الإنتفاضة والثورات للشعوب المضطهدة لجعلها تتنامى بطريقة لوغارتمية سريعة كما حدث في الشارع المصري وكذلك العراقي !!
وحتى لاتخرج تلك الانتفاضات عن السيطرة فترى تلك الدول تأخذ في البدء دور المتفرج حتى اذا وصل الأمر لحد الانفجار فانها تعطي الضوء الاخضر لعملائها بقمعها باستخدام العنف المفرط كما حدث مع شباب انتفاضة تشرين العراقية مع التكفل بحماية الانظمة ووسائلها القمعية بالسكوت عن كل الجرائم بل حماية الفاعل وعدم ملاحقته في الوقت الحالي, او الرضوخ لمطالب الثوار ان لم ينفع معها العنف مع تبديل لكامل المخطط والطاقم بوجوه جديدة او ارجاء تنفيذه .
بقي جانب آخر في غاية الاهمية ربما يحتاج لإفراد عمود له ,ويتمثل بتضليل الرأي العام بتقديم شخصيات وكتاب ومحللين وتلميع صورة من يتقمص لباس الوطنية ويرفع شعارتها او يرتدي عمامة الدين ليلبسوا عليهم ما يلبسون.
فتراهم يتصدروا المشهد مع كل حادثة ليغطوا على الاخفاقات والجرائم والفساد ويخففوا من وطأتها ,وفي بعض الاحيان يستغفلوا العامة ويوهموهم ان ما ترونه امامكم هو ليس انهزاما ولا إنكسارا بل هو تمكين و نصر مبين !!
كما حدث في حروب طاحنة اجتاحت عالمنا العربي اكلت معها الاخضر واليابس ليظهر لنا القائد الملهم الهمام ملوحا بيده انه حقق العز والنصر العظيم ودحر اعداء الامة ويطبل خلفه المطبلون الى ان يصلوا به الى نقطة الانهيار .و ربما هذا الكلام لا يروق للبعض لكنها الحقيقة التي لا أحيد عنها وان احد اسباب تخلفنا وابتلاءآتنا هو تقديس القادة وبعض البشر !! .
اليوم سادتي الاكارم يتكرر المشهد بوجه آخر لينبري من خلف الكواليس كتاب ومحللون يزيفوا الحقائق ويعطوا انطباعا بأن العدوالامريكي او الإيرني او الصهيوني على شفى جرف هار وانه بات منهكا من الملف العراقي او اليمني او السوري واللبناني والفلسطيني والليبي والتركي وووو وسيضطرالى للملمة فلوله تاركا المنطقة بغير رجعة وللغير .
كما حصل ان غيرت امريكا من استراتيجيتها في افغانستان فانبرى للحدث كتاب لم نسمع بهم من قبل بالتحليل ويتنبأ بغير دراية ولا علم ان الخطوة الامريكية والانسحاب المفاجئ المقبل هو العراق ! وعندما تطالع مقالاتهم يشعرك بانه جالس في مركز القرار الامريكي !!
وكثير من أولئك الكتاب والمحللون يعزفون على نفس الوتر منذ سنين ولم يتحقق من كتاباتهم وتحليلاتهم شيئ فعافهم القراء وخاصة ان كتب باسمه الصريح لانه بات يعرف بعبد الجنيه واليورو والدولار .
لذا بعد انكشف للكثير زيف وعمالة هولاء الكتاب نطالع اليوم وبكثرة مقالات على نفس المنوال لكن لا تحمل اسم كاتبها اوهي بإسم كاتب مبهم لو بحثت عنه في عالم السوشيال ميديا فلن تعثر له لا على إسم معروف ولا على عنوان ودار نشر رصين , وهولاء هم ما يطلق عليهم بالجيش او الذباب الإلكتروني والذي تنفق عليهم الدول مليارات الدولارات للترويج لسياستها واجرامها وفساد اتباعها .
لذا بات من الضروي الحذر وعدم الانسياق خلف اي مقال مجهول الكاتب وجهة النشر والتوقف عن ترويجه لانك ستكون اداة بيد عدوك وبوقا وستساهم دون ان تدري بالنشر له والترويج وبالمجان .