بقلم: الدكتور سعد شاكر شبلي
شكلت أزمة الرهن العقاري لعام 2007 الإطار الواضح لتحولات عالمية توالت تباعاً من قبيل: الاختلالات الاقتصادية العالمية والنزاعات على العملات، والانهيار الفعلي لجولة الدوحة للتنمية، والانتشار النووي، وتصاعد قوة بعض الاقتصادات الناشئة مثل الصين والهند، والتهديدات الأمنية وغياب الأمن في مناطق شمال وغرب إفريقيا، وظروف الخليج العربي، وتفاعلات وسط وشرق آسيا، وتعميق الأزمات البيئية المتصلة بمياه المحيطات، والنظم الغذائية، والتنوع البيولوجي، وتصاعد أزمات المناخ وغيرها. وغالباً ما كان ينظر إلى هذه الأزمات الدولية بوصفها قضايا منفصلة عن بعضها بعضاً، ولكل منها ديناميات فريدة خاصة بها. بيد أن التزامن بين هذه المشكلات أدى إلى تراكم المخاطر التي أخذت تشير إلى أن اندلاع أي أزمة جديدة يمكن أن يؤدي بنتائج كارثية على نظم الحكم العالمية.
ثم جاءت تحديات أمنية تقليدية جديدة ظهرت في أركان عديدة من النظام الدولي كان مبعثها الخلافات فيما بين الدول، مثل تلك التي بين الولايات المتحدة الأمريكية واليابان والهند كلا على حدة والصين، وبين القوى الغربية وإيران، وبين العرب وإسرائيل، وغيرها من الصراعات التي تسبب عدم الاستقرار على المستوى العالمي، بحيث أضحت الصراعات الداخلية أكثر تهديداً من بعض الصراعات الدولية كالأزمة السورية والأزمة الليبية والأزمة اللبنانية.
وإلى جانب التحديات الأمنية التقليدية؛ تعرضت مجموعة أخرى من الدول لتهديدات أمنية ناشئة، تشمل الأشكال الجديدة من الإرهاب المرتبطة بالدول الفاشلة الهشة، والإرهاب الإلكتروني، والقرصنة، والأوبئة. ولم يكن من السهل أن تتم إدارة هذه التحديات الجديدة باستخدام آليات الحكم الموجودة، إذا ما تم في الحسبان وضع التحديات المرتبطة بالبيئة كتغير المناخ، واستنزاف طبقة الأوزون، وتلوث المياه، وتهديد التنوع البيولوجي.
ويبدو أن الأزمة الاقتصادية التي ظهرت بوادرها مطلع 2020 أصبحت واضحة للعيان، التي جعلت العالم وفي مقدمته الولايات المتحدة الأمريكية يمر بمرحلة انكماش اقتصادي، في ظل حالة من الإفلاس المالي العالمي التي تظهر جلية في أن حجم الدين العالمي يبلغ ثلاث أضعاف الناتج القومي الإجمالي العالمي، بمعنى أن العالم مديون بنسبة 300% من قيمة الناتج القومي الإجمالي، وهذا إفلاس حقيقي…
وسرعان ما جاءت أزمة فيروس كورونا لتكشف عن نقاط القوة والضعف في الصين، من خلال الطريقة الأولية التي تابعت بها الصين الفيروس، الأمر الذي زاد من وضوح مشهد أن الزمن الذي نعيش فيه ليس زمناً جيداً للعالم ولاسيما للعلاقات بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية التي أخذت تنبأ عن اندلاع حرب شرسة لا يمكن ان تتعدى عام 2030، وحينذاك سيقوم نظام عالمي جديد يتوقع أن تتربع الصين على قمته، تليها الهند فالولايات المتحدة الأمريكية التي ستحل ثالثة على العالم، فاندونيسيا ثم تركيا ومن بعدها اليابان فمصر ومن بعدها روسيا فالبرازيل ثم نيجيريا والمانيا .