لا بوادر لتشكيل قائمة «موحّدة»… واجتماع مرتقب للرئاسات الثلاث يبحث التأجيل
يقف قادة «الحشد الشعبي» أمام خيارين لا ثالث لهما، بعد انتهاء العمليات العسكرية في العراق، وإعلان رئيس الوزراء حيدر العبادي، في 20 كانون الأول/ ديسمبر 2017، تحرير جميع أراضي البلاد من سيطرة تنظيم «الدولة الإسلامية».
الخيار الأول، اتخذته عدد من فصائل «الحشد»، يتمثل في «فك ارتباط» قادتها بتشكيلاتهم المسلحة، ووضعهم تحت إمرة القائد العام للقوات المسلحة ضمن «هيئة الحشد الشعبي»، التي تخضع لقانون أقره مجلس النواب العراقي مؤخراً.
وفي هذه الحالة يمكن لقادة «الحشد» التفرغ للعمل السياسي، والمنافسة في عملية الانتخابات المقرر أجراؤها أواسط أيار/ مايو المقبل، تحت إطار سياسي وليس عسكريا.
أما الخيار الثاني، فيتمثل بالاندماج مع التشكيلات العسكرية في الهيئة المقرر تشكيلها رسمياً، بعد ورود التعليمات من مكتب القائد العام للقوات المسلحة.
وتمتلك معظم الأحزاب السياسية أجنحة عسكرية وألوية، منضمّة لهيئة الحشد الشعبي، وشاركت في عمليات التحرير التي شهدها العراق بعد حزيران/ يونيو 2014.
وتسعى تلك الأحزاب إلى خوض الانتخابات التشريعية المقبلة، غير إن القانون لا يتيح مشاركة الحزب ممن يمتلك جناحاً عسكرياً، وهذا ما دفعها للتخلي عن مقاتليها، بغية المشاركة في العملية الانتخابية، سواء بقائمة واحدة أو بعدّة قوائم وتحالفات انتخابية.
اكد النائب عن ائتلاف دولة القانون، عباس البياتي ،إن «هناك قانونين يحددان مسألة مشاركة الحشد الشعبي في الانتخابات، هما قانون الانتخابات وقانون الأحزاب»، مشيراً إلى أن «القانون الأول لا يجيز لمن هو عسكري سواء كان في الحشد الشعبي أو بقية المؤسسات الأمنية، خوض الانتخابات أو المنافسة في هذا الجانب، أما قانون الأحزاب السياسية، فلا يسمح لأي حزب له تشكيل مسلح المشاركة في الانتخابات».
وأضاف: «بعد الانتهاء من المعركة مع داعش، أمام قادة الحشد طريقان، الأول يتمثل بالانخراط بالمؤسسات العسكرية والأمنية وأخذ دورهم كمقاتلين مستقلين، أو ترك العمل العسكري وينخرطون في عناوين سياسية ويمارسون العمل السياسي اسوة بالآخرين، ويكون لهم حق التنافس».
حركة عطاء
مستشار الأمن الوطني ورئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، أعلن في 25 تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، تشكيل حركة سياسية برئاسته تحمل اسم «عطاء».
وقال الفياض في بيان حينها، إن «الحركة ولدت من رحم المعاناة التي ألمت بالعراق، وما هي إلا رقم صعب في السياسة العراقية الجديدة لتكون عمودا فقريا للعراق والعراقيين»، لافتاً إلى إن «حركة عطاء ليست بديلا عن أحد وإنما هي مكملة لخطوات بناء العراق الديمقراطي».
ولم تتضح بعد معالم مشاركة «الحشد الشعبي» في الانتخابات المقبلة، وهل سيقررون الدخول بقائمة انتخابية واحدة تضم جميع قادة «الحشد» أم أن كل حزب سيخوض غمار الانتخابات بشكل منفرد معوّلاً على جمهوره من «المقاتلين»؟
في هذا الشأن، أشار إلى أن «الذين عملوا في إطار الحشد لم يعبروا عن نواياهم في تشكيل قائمة واحدة»، مبيناً أن «جميع الأحزاب السياسية كان لديها مقاتلون في الحشد الشعبي».
ووقف البياتي، وهو قيادي في حزب الدعوة الإسلامية بزعامة نوري المالكي، إلى جانب الرأي المرجّح بأن «تكون هناك قائمة تضم عدداً محدوداً من الفصائل، لكن ليس كل الحشد، بكون إن الحشد يضم جهات عدة إضافة إلى مستقلين».
وشدد بالقول: «عنوان الحشد يجب أن لا يتم زجه في الانتخابات، بل يجب أن يبقى عنوانا أمنيا لقوات مساندة للجيش والشرطة»، موضّحاً «يمكن لقادة الحشد ترك العمل العسكري، وتشكيل قائمة بالتحالف مع شخصيات سياسية، أو الانسجام مع قوائم أخرى».
وكشف عن «حديث يجري بأن قادة الحشد سيخوضون الانتخابات بشكل منفرد، فيما يتحدث آخرون عن إمكانية ضمهم إلى القائمة الكبيرة العابرة للطائفية ليكونوا جزءاً منها».
مطالبات بحل «الحشد»
في المقابل، لا تزال بعض القيادات السياسية تطالب بحلّ الحشد الشعبي ودمج المقاتلين في المؤسسة الأمنية (وزارتي الدفاع والداخلية)، وعدم زجهم في العملية السياسية أو الانتخابية.
غير إن النائب عن ائتلاف دولة القانون عدنان الأسدي، قال لـ«القدس العربي»، إن «هناك دعوات نسمعها بين الحين والحين الآخر، تطالب بحل الحشد الشعبي. هذه الجهات تخشى من الحشد»، مضيفاً أن «الحشد مؤسسة أمنية شرع لها قانون، فيما لا تزال بعض المؤسسات الأمنية تعمل من دون قانون وتتحرك بأوامر ديوانة، مثل البيشمركه، وجهاز مكافحة الإرهاب، والأمن الوطني، فضلا عن جهاز المخابرات الذي يعمل حاليا بالقانون القديم».
وتابع : «القانون لا يسمح بحل هيئة الحشد الشعبي. البرلمان هو الوحيد الذي يمتلك صلاحية تشريع وإلغاء القوانين أو حل المؤسسات، أما الحكومة فهي جهة تنفيذية تتعامل مع القوانين المشرعة في البرلمان».
وأشار الأسدي، وهو عضو في لجنة الأمن والدفاع البرلمانية، إلى إن «الحشد الشعبي جهة أمنية، ويجب أن توضع لها ضوابط، وآليات لضبط حركة المقاتلين ومعسكراتهم»، مؤكداً في الوقت عيّنه إن «وجود السلاح داخل المدن أمر مرفوض، ويجب أن يكون داخل المعسكرات، كما في الجيش والأجهزة الأمنية الأخرى».
اجتماع مرتقب للرئاسات الثلاث
ولا تزال الكتل السياسية السنّية تصر على تأجيل الانتخابات التشريعية، لحين عودة النازحين وتأمين المناطق المحررة وإعادة الاستقرار اليها وإعمارها، الأمر الذي قد يحتاج إلى وقت أطول من المتبقي على موعد الانتخابات.
وكشفت لجنة الاقاليم والمحافظات النيابية، مؤخراً، عن قرب انعقاد اجتماع سياسي واسع بحضور الرئاسات الثلاث لبحث قضية تأجيل الانتخابات.
وقال عضو اللجنة أحمد البدري في تصريح إن «الاجتماع السابق للكتل السياسية بشأن مناقشة تأجيل الانتخابات من عدمها فشل بسبب اعتذار رئيس الوزراء حيدر العبادي بسبب وعكة صحية». وفقاً لموقع «المعلومة».
وأضاف ان «الكتل السياسية ستجري لقاء آخر مع الرئاسات الثلاث لبحث إمكانية إجراء الانتخابات في موعدها بحضور رئيس حيدر العبادي، لاطلاع الكتل على آخر استعدادات الحكومة في إجراء الانتخابات»، موضّحاً ان «جميع الكتل السياسية تتحدث عن إجراء الانتخابات في موعدها، الا أنها تبحث تأجيلها وإيجاد مخارج قانونية لقضية التأجيل».
وعقد في 20 كانون الأول/ ديسمبر 2017، بقصر السلام في بغداد اجتماع برئاسة رئيس الجمهورية فؤاد معصوم، وبحضور رئيس مجلس النواب سليم الجبوري، ومدحت المحمود رئيس المحكمة الاتحادية العليا، ونواب رئيس الجمهورية نوري المالكي وأياد علاوي وأسامة النجيفي، ونائب رئيس مجلس النواب آرام الشيخ محمد، وعدد من قادة الأحزاب والكتل البرلمانية.
وحسب بيان رئاسي، حينها، فإن الاجتماع جاء «لتدارس مختلف الجوانب اللازمة لتهيئة أفضل الأجواء لمستلزمات الانتخابات التشريعية المقبلة»، مشيراً إلى إن «المجتمعين حثوا الجهات الحكومية والبرلمانية والمفوضية المستقلة للانتخابات لإتمام جميع مستلزمات العملية الانتخابية وتهيئة الظروف اللازمة لإنجاحها بما يؤكد الالتزام بالدستور والقوانين ذات الصلة».