أكراد العراق يستعدون لاستفتاء الاستقلال (رويترز)
في مستهل افتتاحيتها بعنوان “برميل البارود الكردي” كتبت التايمز البريطانية أن آخر شيء يحتاجه الشرق الأوسط في الوقت الحالي هو دولة فاشلة أخرى.
وترى الصحيفة أنه إذا صوت الأكراد في شمالالعراق للاستقلال الأسبوع المقبل، فقد لا ينتهي المطاف بالمنطقة سريعا إلى إطار واحد ولكن إطارين سياسيين أجوفين، نظام متداع في بغداد ودولة بدائية محاصرة ومتعثرة في أراضي كردستان العراق، والنتيجة المباشرة لذلك ستكون تصعيدا في سفك الدماء وليس الحرية.
وأشارت الصحيفة إلى حق الشعب الكردي في إقامة دولته بموجب ميثاق الأمم المتحدةالذي ينص على حق الشعوب في تقرير مصيرها، ومع ذلك رأت أن توقيت استفتاء 25 سبتمبر/أيلول خطأ، وعللت ذلك بأن الانفصال الآن، أو في الفترة التي تسبق الانتخابات العراقية المقررة العام المقبل، سيسرع من تقسيم البلاد بين السنة والشيعة والأكراد، ومن شأن هذا الانقسام أن يحول العراق أقرب إلى ساحة قتال، كما أن تمرد تنظيم الدولةسوف يستفيد من الفوضى الناجمة.
تجدر الإشارة إلى أن المليشيات الشيعية المسلحة والممولة جيدا مستعدة بالفعل للتعبئة ضد حكومة إقليم كردستان الأسبوع القادم إذا كانت مطالبتها بالاستقلال ستشمل مركز النفط الثري والمتنازع عليه في كركوك. كما أن حكومة بغداد، تدعمها إيران، ستحارب للحفاظ على سلامة الدولة. وإيران التي تشعر بالتوتر إزاء النجاح السياسي للأكراد الذين يشجعون أقلياتهم، تهدد بإغلاق الحدود ويمكن أن تسد الأنهار وتعترض خطوط الأنابيب وتغلق المعابر الحدودية.
”
وليس من المستغرب أن منافسي إيران الكبيرين إسرائيل علنا، والسعودية سرا يؤيدان الاستفتاء. فهما يريان ميزات وجود وكيل له حدود جبلية طويلة مع إيران
”
وفي الشمال، والكلام للصحيفة، تشعر تركيابالقلق إزاء انتشار كردستان معادية على طول حدودها، وكانت قد أوضحت أنها ستضرب أي قواعد عسكرية يديرها حزب العمال الكردستاني اليساري. ومن ثم فمن المحتمل أن تكون دولة كردستان العراق الجديدة عرضة للاختناق في مهدها.
ورغم أن الغرب، بما في ذلك الولايات المتحدةوبريطانيا، أيد إنشاء منطقة كردية في عام 1991، فإنه كان يضغط على رئيس حكومة إقليم كردستان مسعود البارزاني لتأجيل خطط استقلاله. وهناك حجة براغماتية لهذا الأمر وهي أن تنظيم الدولة يجب أن يهزم بشكل كامل أولا. وعندما يتحقق ذلك يجب أن تكون الأولوية هي تحقيق الاستقرار في بلد يفيض بالأسلحة.
وختمت الصحيفة بأنه قبل الشروع في الاستقلال يجب على البارزاني أن يثبت أن كردستان الجديدة سيكون لديها قدر من الشرعية الديمقراطية، وهذا يعني أن البرلمان الكردستاني يجب أن يخرج من حالة السبات التي يعيشها ويمنح الضمانات بأن إقامة الدولة لن تنتهي ببساطة بصراع دموي من أجل السيطرة بين الفصائل الكردية المتناحرة.
كردستان العراق تؤكد تصميمها على الاستفتاء (الجزيرة)
وفي تحليل آخر، قال مراسل الصحيفة نفسها بالشرق الأوسط ريتشارد سبنسر إن خطة كردستان العراق لإجراء استفتاء على الاستقلال قد وحد عدوين لدودين، الولايات المتحدة وإيران، وجعل مبعوثيهما يترجون المسؤولين في الإقليم لتأجيل التصويت على الأقل. والمفارقة هي أن كل جهة تعارضه لأنها تعتقد أنه سيكون لصالح الآخر.
فبالنسبة لواشنطن الاستفتاء سيزيد من زعزعة استقرار البلد الذي استثمرت فيه كثيرا. فقبل ثلاث سنوات كان صعود تنظيم الدولة، والآن الانفصال المخطط لحليفها القديم في كردستان مستقلة سيترك قطعة من العراق غالبيتها من الشيعة وأكثر عرضة للوقوع تحت تأثير إيران السياسي.
والأكثر من ذلك أن العراق لديه أخيرا رئيس وزراء في شخص حيدر العبادي الذي يرى الأميركيون أنه ودود وكفء ومدعوم بشكل معقول عبر الانقسام الطائفي، ومن ثم فإن فقدان جزء كبير من الدولة لحركة استقلالية من المرجح أن يؤدي إلى إسقاطه كأي زعيم في أي مكان آخر. كما أن العبادي مرتبط جدا بالغرب حتى أنه يحمل جواز سفر بريطاني، ومن غير المرجح أن يكون هذا هو الحال بالنسبة لخليفته.
وبالنسبة للإيرانيين، فإن الأكراد حلفاء أثبتوا حظوظهم. فقد دعمتهم طهران في الحرب الإيرانية العراقية ضد عدوهما المشترك، مما أدى إلى تأديبهم فيي عام 1988. ولكنهم بمجرد حصولهم على الحكم الذاتي أصبحوا أكبر حلفاء بريطانيا وأميركا في المنطقة. وبالتالي بناء على مبدأ “عدو عدوي هو صديقي”، فقد أصبحوا حلفاء مع إسرائيل.
وليس من المستغرب، كما يقول الكاتب، أن منافسي إيران الكبيرين -إسرائيل علنا، والسعودية سرا- يؤيدان الاستفتاء. فهما يريان ميزات وجود وكيل له حدود جبلية طويلة مع إيران.
وختم الكاتب تحليله بأن الوجود الصاخب لكثير من المصالح المتنافسة لم يكن مفيدا بوجه عام للشرق الأوسط في أوقات الأزمات، ومن غير المحتمل أن تصمت تلك الأصوات الآن