سيعلن الرئيس الأميركي “دونالد ترامب” خلال الأيام القليلة المقبلة عن قراره حول نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، وبالتالي الإعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
وتقول مصادر إسرائيلية وأميركية إن الإعلان عن نقل السفارة هو مجرد مسألة وقت، خصوصاً وأن “ترامب” سبق أن قطع هذا الوعد على نفسه خلال حملته الانتخابية.
وفي سياق ردود الأفعال الإسرائيلية المُرحبة، بالطبع، بنقل السفارة الأميركية للقدس, فقد نشرت صحيفة (إسرائيل اليوم) العبرية مقالاً للكاتب “إيال زيسر”، يرى فيه وجوب الوفاء بالوعد الانتخابي الذي قطعه “ترامب” على نفسه، لأن الفرصة سانحة والدول العربية مشغولة بهمومها ولن تعارض القرار المنتظر.
“ترامب” عازم النية على نقل السفارة..
يقول “زيسر”: “يواصل الرئيس ترامب في واشنطن الإقدام بحذر نحو تحقيق الهدف الذي وضعه لنفسه عشية انتخابه رئيساً للولايات المتحدة الأميركية، ألا وهو: الإعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. لكن كل خطوة إلى الأمام تتبعها في الحقيقة خطوتين إلى الوراء، حيث يعترض المسؤولون في وزارة الخارجية الأميركية على نقل السفارة ويحاولون إحباط الإجراءات التي يتخذها رئيسهم في هذا الصدد. ورغم ذلك كله فإن ترامب قد عزم النية، وسوف يعلن عن قراره بشأن نقل السفارة في وقت لاحق من هذا الإسبوع. أما عملية نقل مقر السفارة من تل أبيب إلى القدس فلابد أنها سيستغرق بعض الوقت”.
“بوتين” سبق “ترامب” بالإعتراف بالقدس عاصة لإسرائيل..
أشار “زيسر” إلى أن الروس قد سبقوا الأميركيين فيما يخص الإعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل – وهذا يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن الرئيس “بوتين” يتخذ موقفاً قوياً وواضحاً، وينتهج سياسة واقعية فيما يتعلق بقضايا الشرق الأوسط.
وجدير بالذكر أن موسكو كانت قد أعلنت في نيسان/إبريل الماضي، عن أن القدس، (وإن كانت تقصد القدس الغربية)، وليس تل أبيب هي عاصمة إسرائيل.
ولهذا الموقف الروسي أهميته الخاصة لأن الرئيس “بوتين” يُعد الشخصية الأكثر تأثيراً في منطقة الشرق الأوسط، ولذا يحُج إليه الحكام العرب؛ بدءاً من الرئيس السوري وحتى الرئيس المصري والملك السعودي.
وقبل قرابة إسبوعين فقط، أستضاف “بوتين” مؤتمر قمة في مدينة “سوتشي” بمشاركة الرئيسين الإيراني والتركي. ولم يُعرب أي من هؤلاء الزعماء عن إنزعاجه أو أعتراضه على إعلان “بوتين” بأن القدس هي عاصمة إسرائيل. كما أن ذلك الإعلان لم يُضعف مكانة روسيا في المنطقة، بل العكس هو الصحيح. ولعل هذا هو الدرس الذي ينبغي على “ترامب” أن يتعلمه من نظيره الروسي. فإذا كان “ترامب” قائداً واثقاص من نفسه ويعتقد أنه زعيم قوي ويترأس الدولة العُظمى والأقوى على مستوى العالم، فيجب عليه أن يتصرف وفق ذلك وكل شيء آخر سيحدث من تلقاء نفسه.
مواقف عربية سلبية..
يزعم “زيسر” أن إعتزام “ترامب” الإعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل لم يتسبب حتى هذه اللحظة، في إحداث ضجة في العالم العربي، باستثناء بعض الاحتجاج المُتوقع من قبل الفلسطينيين ومن قبل ملك الأردن، الذي يشعر بالقلق والخشية على استقرار نظامه.
ويبدو أن الدول العربية لا تهتم حتى بمجرد إطلاق تصريحات التنديد, لمساندة القضية الفلسطينية، أو لدعم الإنذار الفلسطيني القديم، الذي يُحذر الأميركيين من فتح ملف القدس قبل التوصل إلى تسوية شاملة للصراع الإسرائيلي الفلسطيني تُرضي القيادة الفلسطينية في “رام الله”.
الدول العربية مُنشغلة بهمومها..
يزعم “زيسر” أن دول الخليج تعيش بطبيعة الحال حراكاً متسارعاً ومُفاجئاً نحو تطبيع علاقاتها مع إسرائيل. كما أن تلك الدول تعطي أولوية واضحة للتصدي لإيران، وليس لإسرائيل، حيث ترى أن إيران تمثل التهديد الأكبر لاستقرارها وأمنها.
ونفس الحال تنسحب “مصر” أيضاً، لأنها منشغلة بمكافحة التطرف الإسلامي، الذي بلغ مداه بإرتكاب المذبحة المروعة التي وقعت مؤخراً في “مسجد الروضة” ببلدة “بئر العبد” في شمال سيناء.
“ترامب” لن يأت بجديد..
يؤكد الكاتب الأسرائيلي على أن إعتراف إدارة “ترامب” بالقدس عاصمة لإسرائيل لا يمثل تحولاً جوهرياً في الموقف الأميركي، ولا حتى فيما يتعلق بالسياسة التي تبنتها الإدارات الأميركية الأكثر تشدداً تجاه إسرائيل، مثل إدارة “جورج بوش” الأب وإدارة “باراك أوباما”, حيث أعترف كلاهما بأن القدس عاصمة لإسرائيل. لكن حبذا بالطبع أن يأتي الإعتراف بالقدس ضمن خطة سياسة؛ أو حتى ضمن استراتيجية أميركية متكاملة تتعلق بالشرق الأوسط، وتركز على دعم حلفاء واشنطن في المنطقة من أجل التصدي لما يواجهها من تهديدات. ولكن في ظل الغياب المؤسف لمثل تلك الاستراتيجية، فإن مجرد إتخاذ خطوة وحيدة هو أمر مُستحب ومرغوب.
لقد مضى ما يقرب من عام كامل على تولي إدارة “ترامب”، التي حققت إنجازات وإخفاقات. فها هي “كوريا الشمالية” لا تعبأ بإدارة “ترامب”، وها هي “إيران” أيضاً تسارع الخُطى لإخضاع أجزاء شاسعة من الشرق الأوسط لنفوذها. وكان المسؤولون في العواصم الموالية لواشنطن في الشرق الأوسط قد أشادوا بتصريحات قوية أطلقتها الإدارة الأميركية، لكنهم ينتظرون رؤية الأفعال, والأهم من ذلك أنهم يريدون التأكد من أن هناك شخص في البيت الأبيض يأخذ تصريحاته ووعوده مأخذ الجد.