المفوضية العليا المستقلة للانتخابات واسرائيل
د.باسل حسين
ما سأقوله ليس مقاربة سياسية بل هو رؤية قانونية صرفة فقانون العقوبات العراقي يمنع التعاقد مع اي شركة اجنبية تتعامل مع” اسرائيل” لكن المفوضية العليا “المستقلة” للانتخابات خالفت القانون العراقي على نحو واضح وصريح حينما تعاقدت مع شركة اندرا الاسبانية في تجهيز البرمجيات والخوادم وبطاقات الناخبين بمبلغ يقال انه بحدود (166) مليون دولار بعد ان تعاقدت بمبلغ يناهز (100) مليون دولار نظير اجهزة العد والفرز من شركة ميرو سيستمز الكورية والتي تناولتها في مقالات سابقة وكشفت فيها عن اشكالية في وجود الشركة ومكانتها المالية ورصانة منتجاتها فضلا عن العيوب التي أوخذت على الاجهزة، لاسيما بعد فشلها في انتخابات قيرغستان الرئاسية لعام 2015 وهي نفس الاجهزة التي زودت بها الشركة المفوضية على الرغم من ادعاءاتها غير الدقيقة بانها صنعت خصيصا للعراق.
وعودا على بدء،، فشركة اندرا الاسبانية تعد احدى اكبر الشركات المزودة للانظمة الالكترونية لوزارة الدفاع الاسرائيلية ، وهي في تحالف مع شركة هيرلي الاسرائيلية منذ عام 2000 , ونشر تقرير مؤخرا عن مساهمة الشركة في الصراعات في مناطق متعددة ومنها الشرق الاوسط.
وقد استشرت الخبير القانوني الاستاذ جمال الاسدي إن كانت للمفوضية قد ارتكبت مخالفة قانونية في تعاقدها مع شركة اندرا الاسبانية من عدمها؟ فاجاب مشكورا بالراي القانوني الاتي :
ان المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بعقدها مع شركة اندرا الاسبانية قد خالفت المادة ( 172) والتي عدلت من قانون العقوبات العراقي التي تخص التبادل التجاري والتي تنص على االآتي :
(( يعاقب بالسجن المؤبد: –
1 – كل من قام مباشرة او عن طريق بلد اخر في زمن الحرب بتصدير بضاعة او منتوج او اي مال اخر الى بلد معاد او قام باستيراد ذلك منه .
2 – كل من باشر بنفسه او بواسطة غيره في زمن الحرب عملا تجاريا غير ما ذكر في الفقرة السابقه من هذه مادة مع اي فرد مقيم في بلد معاد او مع اي من رعايا ذلك البلد او ممثليه او وكلائه او هيئاته . ويحكم بمصادرة الاشياء محل الجريمة في جميع الاحوال فان لم تضبط يحكم على المجرم بغرامة تعادل ثمن الاشياء موضوع الجريمة ))
وبالاضافة الى ذلك فان المفوضية قد خالفت كل التعليمات والانظمة والتعاميم السابقة ، واخرها التعميم الصادر عن الامانة العامة لمجلس الوزراء في 11 / 6 / 2015 والذي ينص على ((وجهت الامانة العامة لمجلس الوزراء، اليوم الخميس، القطاعات والمؤسسات الحكومية بحظر التعامل مع الشركات الاجنبية التي تتعامل مع اسرائيل، وفيما اشترطت وزارة التخطيط على شركات المقاولة توقيع تعهد خطي بعدم التعامل مع اسرائيل، اكدت فسخ العقد وتحمل الجهة المخالفة للتبعات القانونية كافة.))
هذا الراي القانوني الذي قدمه الخبير القانوني الاستاذ جمال الاسدي يكشف بما لا يدع للشك عن ان المفوضية العليا المستقلة للانتخابات قد خرقت القوانين والتعليمات العراقية حينما تعاقدت مع شركة اندرا الاسبانية وبالتالي على البرلمان والاجهزة الرقابية والقضاء القيام بواحباتها..
اعلم اني اقحمت نفسي في عش الدبور ، لكن اعتقد ان سلطة المثقف ودوره ونفوذه تحتم عليه واجبا عينيا بأن يتكلم ويروي ويكشف كيف تشتغل الرحى الطاحنة وراء الستار، لتنتج مشهدا نزقا محملا بالجور وانتفاء الشفافية وبعيدا عن ميزان العدل.
ملاحظة :
1.ادناه رابط لتقرير يوضح جزء من العلاقة بين الشركات الاسبانية واسرائيل ومنها شركة اندرا..وهناك تقارير اخرى.
2.صورة لتعميم الامانة العامة لمجلس الوزراء بشأن حظر التعامل مع الشركات الاجنبية للتي تتعامل مع اسرائيل
|