مع تسارع الأحداث في سوريا والعراق وتكبيد تنظيم “داعش” الإرهابي خسائر متكررة ومحاصرته في المناطق الحدودية بينهما، تلجأ أعداد كبيرة من الجهاديين إلى العودة إلى مواطنهم الأصلية ما يشكل تحدياً كبيراً للأجهزة الأمنية في معظم دول المنطقة، إذ أن الآلاف منهم تدربوا واكتسبوا خبرة قتالية وأصبحوا مخضرمين في تكتيات القتال واستخدام الأسلحة والمتفجرات ومواجهة الأجهزة الأمنية.
لا توجد بيانات دقيقة لأعداد المقاتلين..
حتى الآن لا توجد بيانات دقيقة توضح العدد الفعلي للمقاتلين الأجانب الذي انضموا إلى “داعش” في سوريا والعراق، ويقدر “المركز القومي لمكافحة الإرهاب” في الولايات المتحدة عددهم بحوالي 20 ألف مقاتل من 90 دولة على الأقل، بينما ذكرت تقارير دولية أخرى أن العدد قد يتراوح ما بين 30 ألف و60 ألف عنصر.
وسجل منسق الاتحاد الأوروبي لقضايا الإرهاب مقتل ما بين 15% و20% من إجمالي المقاتلين خلال المعارك الأخيرة، وعودة 30 إلى 35% إلى بلدانهم الأصلية، فيما لايزال قرابة 40% منهم في سوريا والعراق.
عودة 5600 مقاتل إلى بلدانهم..
شهدت الفترة الماضية عودة 5600 مقاتل من صفوف “داعش” إلى مواطنهم الأصلية، بينهم رجال ونساء وأطفال، وفقاً لتقرير مركز “صوفان سنتر” لدراسات مكافحة الإرهاب، وذكر التقرير أن الدول لم تتوصل بعد إلى استراتيجية للتعامل مع العائدين، وأن أغلبهم تم سجنهم والبعض الآخر اختفى بعيداً عن الأضواء، وشدد على الحاجة إلى تبادل المعلومات والتحقيقات لوضع خطط لمواجهة هذا التهديد.
وبحسب التقرير فإن “تونس” استقبلت 800 جهادي من بين المقاتلين التونسيين الذين كانوا قد انضموا إلى “داعش” في سوريا والعراق وبلغ عددهم 2926، كما استقبلت “فرنسا” 271 من 1910، ووصل إلى “روسيا” 400 مقاتل من بين 3417 جهادي، بينما عاد إلى “المملكة العربية السعودية” 670 من بين 3244، وإلى “الأردن” 250 من 3 آلاف.
وذكر المركز أن تدفق المقاتلين توقف بنهاية عام 2015، بسبب توجه عدد من الدول إلى تطبيق إجراءات لعرقلة حركة الجهاديين إلى سوريا والعراق، بالإضافة إلى الخسائر المتتالية التي تكبدها التنظيم.
تخوفات من خطر عودة المقاتلين..
تتزايد المخاوف من عودة المقاتلين؛ إذ أن بعضهم لا يزالون يتبعون للتنظيم، ومن الممكن أن تكون عودتهم جاءت بناء على أوامر القيادة لتنفيذ عمليات في دول أخرى أو فتح جبهات قتال جديدة في مناطق مختلفة أو تشكيل خلايا نائمة، كما يمكن أن يتم توظيفهم كحلقة وصل بين تنظيمات إرهابية خارجية وجماعات محلية موالية لها.
ولا يمكن القول بأن جميع العائدين إرهابيين، فمنهم من فشل في الانخراط في بنية التنظيم وقرر العودة إلى بلده، وهذا النوع من السهل إعادة تأهيله ليصبح شخص عادي.
كما سيكون على الدول العمل على إعادة دمجهم في المجتمع من خلال وضع آليات لدعمهم على المستوى الاجتماعي والصحة النفسية، لأنهم قد تلقوا تدريبات على القتل واستخدام السلاح والعنف.
فشل أوروبا في التصدي للإرهاب..
شهد العالم كله وأوروبا خاصة عدد كبير من العمليات الإرهابية رغم الاستعدادات الأمنية الكبرى التي اتخذتها العواصم الغربية، وهو ما يمكن اعتباره فشلاً ذريعاً في التصدي للإرهاب، لذا يتزايد القلق من إمكانية فشل هذه الدول في التعامل مع المقاتلين العائدين، وهو ما يفرض عليها البحث عن استراتيجيات جديدة تتناسب مع قوة هذه العناصر وتعزيز التنسيق وتبادل المعلومات فيما بينها.
وحذر التقرير من أن خطر تنفيذ هؤلاء الجهاديين عمليات إرهابية جديدة في بلدانهم يظل ممتداً لعدة سنوات مقبلة، ولا يمكن الكف عن التفكير في أن العائدين لا يزالون يعتنقون الفكر الجهادي.