ويقول داوود الفضلي، وهو معلم متقاعد (67 عاما) لـ”العربي الجديد”، إنه اضطر للتقصير في واجبات منزلية مهمة من أجل توفير مبلغ قدره مليون وأربعمائة ألف دينار (ما يعادل 1100 دولار أميركي)، مقابل شراء مساحة لقبره في مقبرة الشيخ معروف الواقعة وسط العاصمة العراقية، موضحا أن رغبته بالدفن إلى جوار زوجته ووالديه هي التي دفعته لشراء القبر هناك.
ويضيف “شراء مساحات القبور عادة بغدادية قديمة، لكن ارتفاع الأسعار بهذا الشكل الجنوني صعّب من هذه المهمة”، مبينا أنه اشترى مساحة قبر لزوجته قبل عامين بمبلغ 400 ألف دينار عراقي (ما يعادل 320 دولارا أميركيا).
ولا يخفي الفضلي وجود بعض النصابين العاملين في المقابر، مهمتهم تسوية بعض القبور القديمة وبيعها من جديد، مشيرا إلى أن جميع هذه الأمور تجري بعيداً عن الرقابة.
ومع موجة ارتفاع الأسعار، لم يعد ثمن القبر وحده هو الذي يثقل كاهل معظم الأسر العراقية، بل انضافت إليه تكاليف نقل ودفن الميت أيضا، بحسب علاء ناجي (موظف حكومي) الذي يوضح أن ثمن القبر في مقبرة الشيخ معروف، التي تكاد تكون الأكبر وسط بغداد، لا يقل عن ألف دولار، مؤكدا لـ “العربي الجديد” أن أجور النقل والدفن كبيرة هي الأخرى.
ويضيف: “بعد أن توفي والدي مطلع العام الحالي بمرض عضال، أول شيء تبادر إلى أذهاننا هو كيفية الحصول على مساحة قبر، وبعد اتصالات مع بعض الأشخاص، تمكنا من شراء قبر بمبلغ مليون وثلاثمائة ألف دينار عراقي (ما يعادل 1050 دولارا أميركيا).
ويتابع “لم تنته قصة دفع الأموال عند القبر، بل انضافت إليها مصاريف النقل، وأجر الدفن الذي بلغ 600 ألف دينار عراقي (ما يعادل 500 دولار أميركي)”، مبينا أن الموت في العراق والانتقال إلى العالم الآخر مكلف أيضا، وليست الحياة وحدها.
وتقول “بعد أن شاهدنا ما يحدث للعراقي بعد موته، والحيرة التي يضع فيها أهله وهم يبحثون له عن قبر، قررت أنا وأسرتي شراء قبور تكفي عددنا في مقبرة الكرخ الواقعة غرب بغداد”، مبينة أن الذي دفعها لذلك هو انخفاض الأسعار مقارنة مع قبور وسط العاصمة العراقية.بدورها، تؤكد سعاد العبيدي التي تسكن حي الأعظمية في بغداد لـ “العربي الجديد”، أن ارتفاع أسعار القبور في العاصمة، دفعها للبحث عن مقبرة أخرى غير الشيخ معروف والغزالي المكتظتين، موضحة أن القبور أصبحت تباع في مكاتب العقارات حالها حال أراضي السكن.
وتوضح “سعر القبر في مقبرة الكرخ يبلغ 500 ألف دينار، أي ما يعادل (400 دولار أميركي)، مؤكدة أن الكثافة السكانية في بغداد تسببت بهذا الارتفاع الجنوني لأسعار القبور الذي جعل العراقيين يفكرون بمساحات قبورهم كما يفكرون في قوت يومهم.
من جهته، كشف موظف في أمانة العاصمة العراقية بغداد، في اتصال هاتفي مع “العربي الجديد”، وجود عصابات تسيطر على المقابر، وتقوم ببيع مساحات داخلها لغرض الدفن، مشيرا إلى تورطها في تسوية قبور قديمة لوحظ أنه لا يزورها أحد من ذويها، وتعود إلى بدايات القرن الماضي، مبينا أن دخل بعض العاملين في المقابل بات يعادل دخل مدير عام في وزارة حكومية”.