بقلم: موفق الخطاب
تحت المجهر
لأ يكاد يمر يوما في العراق الجريح إلا و ننصدم بوقوع مصيبة منذ إحتلاله ليذهب ضحيتها الأبرياء، وأغلب هذه الفواجع تقع بفعل فاعل وليست قضاء وقدرا كالكوارث والزلازل والفيضانات فتلك نسلم بها أمرنا لله .
فلو استعرضنا معاناة العراقيين منذ أن دنس المحتل أرضه الطاهرة وجلب معه مجموعة الخونة وسلمهم مقاليد الحكم وطارد وصفى الشرفاء والكفاءآت بتواطئ جارة السوء لما كفتنا مجلدات،.
وآخر ما فجع به الشعب العراقي بالأمس هو الحريق الهائل الذي وقع في قاعة أعراس في قضاء الحمدانية أحد أقضية محافظة نينوى والذي يقطنه غالبية من الإخوة المسيحيين والتي قضى فيها ما يزيد عن مائة شهيد والعدد في إرتفاع ومئآت من الذين أصابهم حروق مختلفة الشدة وسط واقع صحي متردي بعد مرور سبعة أعوام على تحرير مدينة الموصل من الإرهاب وعجز الحكومة الاتحادية والمحلية بإعادة مشافيها المدمرة وإكتفائهم بالمجسرات وصبغ الأرصفة والمتنزهات!!
فوقعت تلك الفاجعة عند تلبية المدعويين لحفلة عرس لكنه و بجهل من صبية تم إطلاق العاب نارية داخل القاعة المغلقة والمكتظة بالعوائل مما أدى الى احتراق السقف وانهيار المبنى وانتشار النيران التي التهمت الأجساد البريئة وذلك من شدة التدافع والنار المستعرة وغياب تام لشروط السلامة العامة وضعف جهود الدفاع المدني والنقص الشديد في الاسعافات الأولية ..
إن حوادث الحرائق في العراق ليست بالأمر الجديد ولقد شاهدنا سابقا احتراق العديد من المستشفيات والمباني الحكومية وغالبا ما تبرره الحكومة بأنه تماس كهربائي وفي حقيقة الأمر أن هذه الحرائق بعضها متعمد لإخفاء آثار العقود والسرقات في الوزارات والبنوك وبعضها نتيجة الفساد والعمولات وسوء التنفيذ وتشييد المباني بمادة الألواح sandwich panal القابلة للإشتعال كما هو الحال مع قاعة الأعراس هذه، وسط غياب تام للإشتراطات الهندسية والمواصفات الفنية والسلامة العامة .
والملفت للنظر أن أغلب هذه القاعات المنفذه في عموم العراق غير مستكملة الموافقات الاصولية وإن حصل بعضها على الموافقات فبدفع الرشاوى أو تحت التهديد ثم هنالك تفلت وعدم الالتزام بالمواصفات الفنية والفحوصات اثناء التنفيذ .
ولا نستغرب مستقبلا من إنهيار جسور ومجسرات ومباني شاهقة ومولات ،وستر الله الشعب العراقي لا قدر الله إن تعرض لكوارث وزلازل وفيضانات وهو بهذا التردي من سوء البنى التحتية والخدمات!
وهنالك أمر في غاية الأهمية لا يتجرأ احد من طرحه خوفا من الملاحقة من المليشيات المنفلتة،وهو أن أغلب هذه القاعات والصالات وأي مواقع للترفيه والمولات وكبريات المطاعم والفنادق والمتنزهات وكبريات المقاولات والإحالات لا يتمكن أي مستثمر من تشييدها واستخراج الموافقات دون أن يكون هنالك خلفه حزب و جهة مسلحة وقائد كتلة و ميليشيا له حصة الأسد فيها والذي تم الاصطلاح عليه ب (المكاتب الإقتصادية ) والذي سبق وأن ادلى بذلك محافظ نينوى السيد نجم الجبوري دون أن تتحرك النزاهة والقضاء باالتحقق من تصريحه !!
على أن تتكفل تلك المليشيا بتسهيل مهمته وحمايته عند وقوع أي طارئ ليتم تهريبه أو ربما تصفيته لتضيع معها معالم الجريمة ،لتقع الكوادر التشغيلية كضحايا ليساقوا الى القضاء ولينجو المتهم الرئيسي ،وهذا ما حدث مع فاجعة عبارة الموصل وما زال المتهم طليقا !
كان الله في عون المواطن العراقي الذي يحاصره الموت في كل مكان إما غرقا أو حرقا أو غدرا أو عوزا وفقرا أو في العراء مهجرا وشريدا..