ماذا شكلت الحركة الانقلابية التركية لبلدان المنطقة
بقلم د.فاضل البدراني
الانقلاب العسكري الذي حصل في تركيا مساء الجمعة 15 تموز 2016 جاء مفاجئا على طريقة الانقلابات التي حصلت في تركيا عبر 50 سنة الماضية من تاريخها والتي اتسمت بالدموية،وهو بالتاكيد مفاجيء لبلدان المنطقة المشغولة بحروب ضد تنظيم داعش،ولكنه قد لا يكون مفاجئا لبعض بلدان العالم المتقدم هكذا يقول المنطق اذا ما نظرنا للتغيرات الجوهرية والمفاجئة في سياسة الرئيس رجب طيب اردوغان الخارجية قبل شهر تقريبا حيال بلدان منها روسيا واسرائيل وبلدان عربية واقليمية اخرى، و بنفس الوقت فالانقلاب جاء مخيفا لبلدان منطقة الشرق الاوسط.
واول ما اعلنت عنه الجماعة الانقلابية العسكرية هو قطع جسر البوسفور الذي يفصل الجزئين الاسيوي والاوروبي لاسطنبول التي يبلغ تعداد سكانها 20 مليون نسمة وكذلك التوجه الى مبنى الاذاعة والتلفزيون ومقر الرئاسة وهذه ثقافة كل الجماعات الانقلابية في بلدان الشرق الاوسط ويبدو ان الانقلابيين في الساعات الاولى واجهوا ردة فعل الشارع الذي دعا له رئيس الجمهورية رجب طيب اردوغان للنزول للشارع، وهذه بالفعل كانت نقطة احتكام لموقف الشارع التركي ان كان مؤيدا للرئيس او مرحبا بالانقلاب ضده ، ولاحظنا بالفعل عبر شاشات الفضائيات اطلاق النار من قادة الانقلاب ضد المواطنين لكن بالتاكيد سطوة الجيش كانت قوية وبياناتها التي اعلنت السيطرة الكاملة على الوضع هي ضربة قوية للرئيس اردوغان الذي واجه الانقلاب بدبابات وطائرات وتواجد عسكريين في مقرات حكومية، وعلى اية حال فان شوارع المدن الرئيسة بتركيا ومنها اسطنبول و انقرة لاول مرة نشاهدها تعيش واقع العنف وتبادل اطلاق النار الخفيف والثقيل وقصف وتحليق للطيران التركي في سماء البلد وهو يتصارع مع بعضه،ما يجعل البلد يدخل الى خانة بلدان المنطقة وبالذات العربية ومنها العراق وسوريا المجاورة لها بالعنف والخلاف الداخلي.
وعزا المحللون والمتابعون للشان التركي اسباب الانقلاب بأنها جاءت جراء الاخفاقات المتكررة لحزب العدالة والتنمية بزعامة اردوغان، بينما واقع الحال يؤكد ان التنمية والبناء التي تشهدها تركيا منذ سنوات تمثل تجربة عالمية في النماء بكل مجالات الحياة وحققت طفرة كبيرة بالاقتصاد التركي ليحتل مرتبة متقدمة عالميا، ويبدو ان الخلل الحقيقي يعود للخلاف الثابت بين اردوغان القوي والمؤسسة العسكرية القوية ايضا والتي تريد ان تحافظ على دورها الفاعل في الحياة السياسية التركية دوما، والدافع الاخر للانقلاب هو طول المدة التي حكم فيها حزب العدالة والتنمية بزعامة اردوغان من 2002 وحتى 15 تموز 2016 يجعله غير مقبول بنظر الاحزاب السياسية المعارضة الى جانب المؤسسة العسكرية حتى لو حقق اهم الأنجازات.
والمتابع للوضع التركي في بدايات الانقلاب فانه يعيش بين تاكيدات الانقلابيين بتسلم السلطة، وبين نفي رئيس الجمهورية ووزرائه ورئيس البرلمان نجاح الانقلاب لكن ظهورهم عبر سكايب جعل المتابع الخارجي يشكك من قوة الحكومة امام قادة الانقلاب لكن هذا ليس حكما نهائيا معول عليه.
وعلى مستوى العراق فان القيادة العراقية وبتوجيه من رئيس الوزراء حيدر العبادي عقد اجتماعا طارئا وفوريا للمجلس الوزاري والامن الوطني ومتابعة ما يجري في تركيا عن كثب وبحذر شديد،وهي بلا شك خطوة احاطة يشوبها خوف من تشظي عملية الانقلاب التركي الى العراق وهي رسالة بالتاكيد لجميع بلدان المنطقة التي تشهد وضعا امنيا وسياسيا هشا ومنها العراق وبلدان اخرى ربما قوية ولكنها تعاني نفورا شعبيا غير معلن.
يبقى السؤال الذي يحتاج لاجابة من ساند قادة الانقلاب ضد اردوغان، هل هي الولايات المتحدة الاميركية ام روسيا بأخذ ثأر الطائرة عندما توعد الرئيس بوتين وعد البدوي نظيره اردوغان بغضب سيأتيه لاحقا؟. ام اسرائيل التي وقف ضدها اردوغان في اكثر من محفل دولي معريا لمواقفها العدائية من فلسطين؟،أم هي فعلا مرحلة اردوغانية استمرت من 2002 ويجب ان تتوقف في الخامس عشر من تموز 2016 بامر الشعب التركي؟.