لطالما كانت الجمعيات والمنظمات السرية على مدى القرون جزءًا من العالم الذي نعيش فيه، ولا يبدو أن هناك ما يشير إلى زوالها في المستقبل القريب. وتبدو بعض هذه الجمعيات عملية تمامًا، وتسمح لأعضائها بتبادل المحاباة السياسية وفرص الأعمال، لكن هناك جمعيات من هذه تبدو أكثر غموضًا وسرية، حيث تعد أعضاءها بقوى “خارقة للطبيعة”.
وعرض تقرير حديث نشره موقع “بابا ميل” ستًا من أشهر وأهم هذه المنظمات السرية، التي يبدو أنها ما زالت تتمتع بالنفوذ حول العالم حتى يومنا هذا.
الماسونية (البناؤون الأحرار)
تم تأسيس الماسونية رسميًا في العام 1717 بافتتاح المحفل الماسوني الكبير في لندن. وتعد الماسونية من أقدم الجمعيات السرية وأطولها استمرارية. ودرج الماسونيون على عقد اجتماعاتهم بأسلوب شعائري، تبرز فيه طقوس خاصة ومميزة، منها طرق المصافحة السرية، والإشارات الكثيرة إلى الرموز المعمارية، مثل الفرجار والزاوية القائمة، كما يشيرون إلى الله باسم “مهندس الكون الأعظم”.
ويتطلب انضمام أي شخص إلى الماسونية توصية به من أعضاء حاليين، يقدمونه بصفة “تلميذ الصنعة المستجد”. وعندما يكتسب التلميذ المستجد مزيدًا من المعرفة حول الشعائر الماسونية، ربما تتم ترقيته إلى مراتب أعلى، فيصبح “زميل الصنعة”، ثم يترقى إلى مرتبة “البنّاء المعلم”، أو “البنّاء الأستاذ”.
وتثير الماسونية سخط كثير من الأديان، حتى إن الكنيسة الكاثوليكية تصرح بأن المؤمنين الذين ينضمون إلى الجمعيات الماسونية يرتكبون خطيئة خطيرة، وربما يتم حرمانهم من القربان المقدس.
المتنورون
في مطلع مايو/أيار من العام 1776، تم في بافاريا تأسيس حركة من المفكرين الأحرار الذين صار أتباعهم معروفين فيما بعد باسم “المتنورون”.
ورغم حظرها من العمل بموجب القانون، بل وتعرض أعضائها للاضطهاد، يقال إن عددًا كبيرًا من الساسة والمفكرين التقدميين وأصحاب النفوذ القوي، انضموا إلى هذه الجمعية السرية. ومن أهم ميزات الجمعية التي راقت لكثير من أعضائها، أن دخول العضوية لا يتطلب من الشخص أن يكون مؤمنًا بالله، خلافًا لمتطلبات عضوية الماسونية، وهذا ما منح للملحدين وأتباع مذهب “الإنسانية” (الذي يركز على قيمة وكفاءة الإنسان، ويفضل التفكير والاستدلال على الأديان والعقائد)، فرصة لمناقشة أفكارهم بحرية أكبر. ويشكل هذا أيضًا سبب شعور العامة بأن المتنورين قد خرجوا لكي ينسفوا الأديان. وبسبب مزيج من الصراعات الداخلية وتعرض أعضائها للاضطهاد، تم حل جمعية “المتنورون” رسميًا في أواخر القرن الثامن عشر. لكن بعض أصحاب نظرية المؤامرة، يعتقدون أن المتنورين ما زالوا يمارسون نشاطهم، ويستخدمون حكومات العالم كدمى في أيديهم من أجل تحقيق هدفهم، وهو تأسيس حكومة عالمية واحدة على مبادئ الإلحاد والمذهب الإنساني.
جمعية الجمجمة والعظام
تأسست في العام 1832 في جامعة ييل الأمريكية وكانت معروفة باسم “أخوية الموت”، وهي تعد من أقدم الجمعيات الطلابية السرية في الولايات المتحدة الأمريكية، ولا تقبل في عضويتها إلا عددًا قليلًا من نخبة الطلاب. وتتبنى هذه الجمعية طقوسًا يشبه كثير منها الطقوس الماسونية، ويجتمع أعضاؤها يومَي الخميس والأحد من كل أسبوع في مكان يدعى “القبر”.
لا يُعرف الكثير عن النقاشات التي تدور في الاجتماعات، لكن المؤكد هو أن بعض الأعضاء حققوا الشهرة والثروات. ومن المعلوم أن الرئيسينِ الأمريكيينِ السابقين جورج بوش الأب، وجورج بوش الابن، هما من الأعضاء المهمين في هذه الجمعية. ويحيط كثير من نظريات المؤامرة بهذه الجمعية، ومنها أنها مسؤولة عن تأسيس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية “سي آي إيه.”
منظمة “الصليب الزهري”
تأسست هذه المنظمة في مطلع القرن الخامس عشر، على يد شخص يدعى Christian Rosenkreuz، الذي تم اشتقاق اسم المنظمة من اسمه. وتعرض أعضاء المنظمة للاتهامات المتكررة باستخدام طقوس غامضة وسرية بهدف تغيير العالم. ورغم أن أعضاء هذه المنظمة التزموا الصمت والهدوء طوال 200 سنة، فإن نشرهم 3 بيانات عامة في القرن السابع عشر على نحو مفاجئ، دفع بهم إلى دائرة الضوء. وتتحدث هذه البيانات عن علم الخيمياء وعلم الكيمياء والمعرفة السرية.
ويعتقد أنصار نظريات المؤامرة في العصر الحالي أن أعضاء منظمة الصليب الزهري يتمتعون بنفوذ هائل واسع النطاق، وأنهم مسؤولون عن تأسيس جمعية المتنورين وجمعية البنائين الأحرار (الماسونية) ومنظمة سرية أخرى تدعى “المجمع الخفي”.
ويعتقد البعض أن أعضاء منظمة الصليب الزهري هم القوة التي تدفع وتوجه الثورات والصراعات على السلطة في كل العالم.
مجموعة بيلدربيرغ
تأسست في العام 1954 على يد أكثر الأشخاص نفوذًا في العالم في اجتماع عقدوه في فندق بيلدربيرغ في هولندا بهدف التخطيط لأجندة سياسية للسنة التالية. ويواصل أعضاء هذه المنظمة الاجتماع كل سنة، ورغم أنه يتم نشر قائمة أسماء الأعضاء والمشاركين وجدول أعمال الاجتماعات، تحظر قوانين المنظمة على أعضائها الإفصاح عن أي شيء يقال أو يتم فعله في اجتماعاتهم؛ والتبرير الرسمي لهذه السرية، الذي تسوقه المجموعة، هو أنها تسمح لكل عضو بالتحدث بحرية عما يجول بخاطره في الاجتماع دون أن يقلق من احتمال تحريف وسائل الإعلام الجماهيرية لكلماته. ومن نافلة القول إن هناك نظريات مؤامرة كثيرة تحيط بمجموعة بيلدربيرغ، وإن الكثير من الناس قلقون من تأثير وسطوة اجتماعاتها السنوية على الأحداث في العالم.
فرسان الهيكل
في القرن الثاني عشر الميلادي، أقسم 9 فرسان مسيحيين على حماية الحجاج المتوجهين إلى الأرض المقدسة، ومع مرور الوقت، تم تجنيد العديد من الفرسان، الذين جمعوا ثروات طائلة وحققوا شهرة واسعة وتمتعوا بنفوذ واسع. وهناك مزاعم تقول إن فرسان الهيكل حصلوا على ما يسمى “الكأس المقدسة” و”دم المسيح” و”تابوت العهد”، الذي حمل ألواح الوصايا العشرة التي تلقاها النبي موسى، وهي مزاعم لا تجد حتى الآن أدلة دامغة تؤكدها.
ومن المؤسف أن معظم فرسان الهيكل كان مصيرهم التعذيب والقتل، ثم كان حل منظمتهم أمرًا محتومًا، على أن هناك جماعات من فرسان الهيكل ظهرت اليوم وتنشط من جديد، والكثير من هذه الجماعات تزعم أنه لا قرابة دم تربطهم بفرسان الهيكل الذين ظهروا في القرن الثاني عشر، وأنهم فقط يستخدمون نفس الممارسات والمعتقدات والطقوس التي تبناها الأعضاء القدماء. لكن هناك عددًا قليلًا من مجموعات أصغر تزعم أن أعضاءها أحفاد أولئك الفرسان، رغم أنه لا يوجد دليل يؤكد صدق مزاعمهم.