عُهد إلى ترويكا (طهران – أنقرة – موسكو)، بالحمل الأساس في المقاومة ضد تنظيم “داعش” الإهاربي طول فترة الأزمة السورية، إذ غير وجود طهران على الأرض السورية المعادلة لصالح حكومة دمشق.
وقد لعبت إيران، بإيفاد المستشارين العسكرين إلى سوريا، دوراً مهماً في هزيمة “داعش”، فضلاً عن الدعم الدبلوماسي والاقتصادي. بينما سعت الولايات المتحدة، والدول المتحالفة معها، بإتباع سياسات متعددة شملت قصف مواقع الجيشين السوري والعراقي، وتعطيل أنظمة المقاتلات السورية، ونقل عناصر “داعش” الإرهابية من المناطق التي تقع تحت حصار الجيش السوري وعناصر المقاومة، إلى إحباط ملف هزيمة “داعش” ومنع إيران، بإعبتارها قائد المقاومة ضد الإرهاب، من القيام بالدور الرئيس والمؤثر في هزيمة “داعش” الإرهابية.
ورغم الدور الإيراني المهم، على حد وصف “عبدالرحمن فتح إلهي” مراسل موقع (الدبلوماسية الإيرانية) المقرب من وزارة الخارجية، في تثبيت وتدعيم الاستقرار والأمن في المنطقة، دعت المملكة العربية السعودية – بالتوازي مع إعلان نهاية تنظيم “داعش” في سوريا – إلى تشكيل اجتماع طارئ لوزراء خارجية الجامعة العربية، والذي عُقد في القاهرة بتاريخ 19 تشرين ثان/نوفمبر الجاري، واتهموا إيران بشر الإضطرابات في المنطقة.
وبالتأكيد يعلم السعوديون أن إيران كانت العامل الأساس في هزيمة “داعش” بالمنطقة، لكن السعودية تستاء من هذا الأمر، إنطلاقاً من أن هزيمة “داعش” تعتبر إنجازاً كبيراً يحسب لصالح محور المقاومة، وبالتالي مضاعفة دور هذا المحور.
لذا أجرى موقع (الدبلوماسية الإيرانية) حواراً مع “كمال دهقاني فيروز آبادي”، نائب رئيس لجنة الأمن القومي والسياسية الخارجية بالبرلمان الإيراني، لبيان وتحليل مواقف إيران تجاه سوريا في مرحلة ما بعد “داعش”.
هزيمة “داعش” النهائية رسالة للمعارضة أن لا سبيل أمامهم سوى الحوار..
“الدبلوماسية الإيرانية” : تابعنا مؤخراً إنعقاد اجتماعات “آنطاليا وسوتشي” لمناقشة الأوضاع السورية الجديدة بمشاركة رؤساء دول إيران وروسيا وتركيا وبشار الأسد (في اجتماع سوتشي)، في رأيكم كنائب رئيس لجنة الأمن القومي والسياسية الخارجية بالبرلمان، ما هو تأثير هذه الاجتماعات على مستقبل الأوضاع السورية بالتوازي مع إعلان هزيمة “داعش” ؟
فيروز آبادي : تابعنا إحتدام المواجهات العسكرية المسلحة في سوريا عشية إندلاع الأزمة الداخلية. ومع تصاعد حدة هذه المواجهات بعد تجاوز الأزمة السورية الوضع الإقليمي بل وما فوق الإقليمي، لأن بلوغ الأزمة ذروتها ترتب عليه ظهور تنظيم “داعش” الإرهابي، ذلك التنظيم الذي تسبب على مدى ما يقرب من ستة أعوام في تدمير البنية التحتية ومقتل مئات الآلاف من السوريين؛ فضلاً عن تشريد عشرات الآف وطرهم من منازلهم. لكن الجمهورية الإيرانية أعلنت منذ الوهلة الأولى موقفها من الأزمة السورية، وطالبت طهران مراراً اللجوء إلى الخيار الدبلوماسي والسياسي لحل الأزمة وبدء الحوار السوري – السوري، لكن بعض الدول الإقليمية والدولية أعربت عن رفضها الاستراتيجية الإيرانية من خلال عرقلة هذا المسار.
ودائماً ما طالبت هذه الدول بالاطاحة بالرئيس “بشار الأسد”، وفي هذا الصدد قدمت الدعم للجماعات الإرهابية، لكن في المقابل كانت المساعي الإيرانية، بالتعاون مع موسكو ودعم حكومة “الأسد”، سبباً في القضاء على جماعات المعارضة السورية، لا سيما “داعش” بقوة جبهة المقاومة، وانتهى الأمر قبل أيام بإعلان هزيمة “داعش” بشكل نهائي. وفي ظل الأوضاع الجديدة المترتبة على هزيمة “داعش” في سوريا، وزيارة الرئيس “بشار الأسد” لروسيا وإنعقاد قمة ثلاثية في “آنطاليا وسوتشي”، ولقاء “أردوغان” و”بوتين” و”روحاني”، يعكس حقيقة دخول سوريا مرحلة جديدة سياسية – أمنية، فضلاً عن الإنتصار على إرهاب “داعش”.
ومؤكد مثل هذه الاجتماعات في هذه المرحلة، يبث رسالة للمعارضة، مفادها أن السبيل الوحيد للمشاركة في المستقبل السوري هو طاولة المفاوضات وإلا فاستمرار حروب هذه الفصائل المسلحة سوف يلقي مصير “داعش” على يد حكومة دمشق القانونية.
إيران لن تتأخر عن أي مساعدة تطلبها سوريا أو العراق..
“الدبلوماسية الإيرانية” : أشرتم إلى العهد السوري الجديد.. كيف ستكون استراتيجية طهران حيال سوريا في هذه الفترة.. وهل ستتغير استراتيجية طهران ؟
فيروز آبادي : تقوم الاستراتيجية الإيرانية على توفير الأمن ودعم الإستقرار في كل دول المنطقة ورفع مستوى التعاون والعلاقات السياسية – الاقتصادية مع هذه الدول؛ بالشكل الذي يترتب عليه نمو وتطوير المنطقة. لكن ما حدث في سوريا كان إطلاق حرب عسكرية شاملة للقضاء على السلطة القانونية في هذا البلد، وقد شرعت إيران بناء على طلب الحكومة السورية في الدفاع عن الدولة والشعب السوري، وفي هذا الصدد قدمت الكثير من الإستشارات للقوات السعبية والجيش السوري، وكذلك العراق و”الحشد الشعبي”.
والآن في هذه المرحلة الجديدة لو تريد العراق، فضلاً عن سوريا، المساعدة لإقرار الاستقرار والأمن، فالمؤكد أن الحكومة الإيرانية لن تتورع عن تقديم أي مساعدة، لأن أمن إيران من أمن واستقرار دول الجوار، والهدف الذي تتطلع إليه طهران بالنسبة للمنطقة هو المحافظة على الأمان والاستقرار بالشكل الذي يترتب عليه تنمية وتطوير التعاون الاقتصادي بالشرق الأوسط.
لذا في مرحلة سوريا الجديدة بمقدور إيران (فضلاً عن مساعيها لإنتهاء مفاوضات آستانة بشكل إيجابي)، القيام بدور جاد في عملية إعمار سوريا المدمرة. مع هذا ماتزال المناقشات الأمنية في مرحلة ما بعد “داعش” قائمة، ولا يجب أن ننسى النضال ضد جميع الفصائل السورية الإرهابية.