زيارة قلما تحدث من وقت لآخر على هذا النحو.. ربما كان هناك ما يُمهد لها بتنسيق عسكري، هو الأول من نوعه بين البلدين منذ قيام الثورة في إيران عام 1979.. ويبدو أن ثمة تفاهمات قد اتُفق عليها مبدأياً ما جعل الرجل يُسارع الخطى إلى إيران لتستقبله الأخيرة بموكب الفرسان وتفرش له السجاد الأحمر في مختلف الأركان !
استقبال بالـ”خيالة” وحرس الشرف..
إنه الرئيس التركي “رجب طيب اردوغان”.. أخيراً يصل طهران وفي استقباله يصطف الرئيس الإيراني “حسن روحاني”، وحرس الشرف الجمهوري والخيالة بالأعلام التركية جنباً إلى جنب مع الأعلام الإيرانية.. فماذا أتى بـ”أردوغان” على عجل إلى دولة طالما اختلف معها منذ 2011 لدعمها الرئيس السوري “بشار الأسد” بينما يراه هو رجلاً دموياً بحق شعبه ؟!
القضايا الإقليمية الساخنة فرضت نفسها بقوة على لقاء الرئيسين الإيراني “حسن روحاني” والتركي “رجب طيب أردوغان”، القادم من تركيا إلى طهران في زيارة رسمية.
انفصال الإقليم عن العراق يتصدر قائمة المباحثات..
لكن بالتأكيد فإن التطور الأبرز في منطقة الشرق الأوسط، وهو استفتاء “إقليم كردستان العراق”، تصدى قائمة مباحثات الطرفين المتفقين بشكل مسبق حول هذا الإجراء الذي يعتبره جيرانه ناقوس خطر يدق في المنطقة.
وأكد الرئيسان رفضهما له مع الإشارة إلى ما سيتخذانه من ردود أفعال تجاهه، وأنها تستهدف فقط القرارات ومصدرها دون سكان الإقليم.
مضطرون لاتخاذ خطوات جادة بحق كردستان للحفاظ على مصالحنا..
إذ قال “روحاني” إن أبناء “إقليم كردستان العراق” أصدقاء لبلده وجيران له، وإنه لا يرغب في فرض أي إملاءات عليهم.. لكن في الوقت نفسه هناك قرارات خاطئة لبعض مسؤولي الإقليم ويجب عليهم التراجع عنها.
تركيا وإيران والعراق مضطرون لاتخاذ خطوات جادة وضرورية للحفاظ على مصالحها، وأيضاً لحفظ الأمن والسلام في المنطقة، هكذا قال “روحاني” نصاً.. لكنه لم يوضح كيف أنه يهتم لأمر سكان الإقليم بينما غلقه للمعابر ومنعه من عبور الشاحنات سيتسبب في أزمات اقتصادية لهم وارتفاع في أسعار أغلب السلع ؟!
قرار بالاستغناء عن الدولار.. هل تكتفي أميركا بالمشاهدة ؟
لكن ثمة مفاجأة حملها اللقاء أيضاً، إذ إن التعاون الاقتصادي بين البلدين، البالغ حجم تداولاته المالية المتبادلة 10 مليارات دولار أميركي، أفردت له اتفاقيات ومعاملات خاصة تهدف لتنميته ومضاعفته بما يحقق لهما استقرارا من نوع آخر وتحصين مما يراه الجانبان ثغرات قد يستغلها البعض في زعزعة استقرارهما الداخلي.
والأبرز ما قاله “أردوغان”، في المؤتمر الصحافي بينه ونظيره الإيراني، إن علاقتهما التجارية تقع تحت ضغط العملات الأجنبية وأنهما بسبب ذلك قررا أن يبدأ مبادلاتهما التجارية بعملتيهما الوطنية لكل منهما والتخلي عن الدولار فيما بينهما !
وكشف عن اجتماع للبنكين المركزيين في البلدين خلال أيام للتوقيع على اتفاق في هذا الأمر.. لكن فات “أردوغان” أن يذكر هل تسمح أميركا لأمر كهذا أن يحدث ؟.. هل تترك واشنطن من يهدد عملتها ويسحب من رصيدها الاقتصادي ويهز الثقة في الدولار ويفتح الباب أمام دول أخرى للسير في ذات الاتجاه، فضلاً عن ما اتفقت عليه دول مجموعة “البريكس” من التعامل أيضاً فيما بينها بعملة الصين ما يهدد الاقتصادي الأميركي بالكامل ؟
هي خطوة ستعجل من اتخاذ الرئيس الأميركي “دونالد ترامب” قرارات صعبة بحق “أردوغان”، وربما تشعل منطقة الشرق الأوسط في وقت قريب وتقلب واشنطن في المقابل الطاولة على الجميع !
التمسك بوحدة سوريا وعدم السماح بسيناريو “كردستان العراق”..
على جانب آخر، أيضاً سوريا وملفاتها المعقدة حضرت في أجندة اللقاء التركي الإيراني، خاصة اتفاق مناطق خفض التوترات والتصعيد في الشمال السوري، إضافة إلى التمسك بوحدة الأراضي السورية ورفض مشاريع مستقبلية قد تسعى أطرافها لإعادة سيناريو ما حدث في “إقليم كردستان العراق”.
شركاء في الهواجس والطموح وعلى الجميع إعادة الحسابات..
إذاً يجد الأتراك والإيرانيون أنفسهم شركاء في الهواجس والطموح، تترجم عبر ما خلص الطرفان إليه من اتفاقيات أولية لمجاراة متغيرات وتطورات المشهد الإقليمي الذي يفرض عليهما إعادة الحسابات في كثير من المواقف وأطرافها والتحالفات التي ستؤسس وفقاً لها وآخرها استفتاء إقليم كردستان وسيره في خطوات الانفصال عن العراق بشكل رسمي بإعلانه إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في تشرين ثان/نوفمبر 2017 !
وضع قابل للانفجار في أي لحظة.. تعليق عضوية الأكراد وإعادة الشاحنات..
إذ يبدو أن ثمة وضع قابل للانفجار في أي لحظة، فحكومات تركيا وإيران ومعهما العراق تحاول إعاقة والضغط ضد استقلال كردستان، بل ومستعدة للقيام بخطوات استراتيجية ضد الاستقلال.