المؤسسة التعليمية تخرق الدستور العراقي وتنتهك حقوق المرأة والطفل دون رادع !
إدارة مدرسة ابتدائية للبنات بمحافظة النجف تستغل الاحتفالات العالمية بيوم المرأة لتحتفل بطريقتها الخاصة؛ وذلك بتنظيم احتفال حاشد، يحضره عدد مناسب من المسؤولين الممثلين للحكومة العراقية، من أجل إجبار وحض التلميذات على إرتداء الحجاب “الشرعي”.. في مشهد أصبح متوافقاً مع التناقضات العاصفة بواقع المجتمع العراقي، الذي لا يمل أو يكل مسؤولي حكومته برئاسة، “حيدر العبادي”، من إطلاق التصريحات والخطب الإعلامية الرنانة بمناسبة الاحتفال بيوم المرأة العالمي وأعياد آذار/مارس التي لا يمكن خلالها أن نغفل حق المرأة بالمساواة في الحقوق الإنسانية.
احتفال رسمي لإجبار التلميذات..
بدأ المشهد – الأشبه بالسوريالية الاجتماعية – حينما أقامت مدرسة “البصائر” الابتدائية للبنات في قضاء “المناذرة” محافظة النجف، (الأشرف)، يوم الخميس 15 آذار/مارس 2018، وبحضور كل من رئيس مجلس محافظة النجف، “خضير نعمة الجبوري”، وقائمقام القضاء ومدير الناحية ومدير تربية المناذرة ومدير شرطة المناذرة وثلاثة من المشرفين التربويين، بالإضافة إلى ملاك المدرسة، (الكادر التدريسي)، في المدرسة المذكورة، وخصص الاحتفال لإجبار التلميذات في (الصف الثالث الابتدائي) على إرتداء الحجاب بهذه المناسبة؛ وبحجة بلغوهن، (سن التكليف الشرعي)، وقد تم تنفيذ ذلك داخل المدرسة الابتدائية، وخرجت التلميذات من المدرسة بعد إنتهاء الدوام الرسمي وهن مرتديات الحجاب..
أحلام دستورية وكوابيس طائفية !
هكذا مشهد، وأسلوب في إدارة الحكومة للمجتمع، يؤكد على أن مستقبل المرأة والطفلة العراقية لازال محفوفاً بالكثير من المخاطر والتهديدات التي تمس حقوقها الدستورية العراقية أولاً، قبل الحقوق الإنسانية العالمية، وهنا لابد من الإشارة إلى إن هذه الممارسات تتناقض تماماً مع النص الدستوري الذي أكد على المساواة وعدم التمييز والحق في الحياة والأمن والحرية والخصوصية الشخصية وعدم تقييدها؛ كما في المواد (14 و15 و17) من الباب الثاني في “الحقوق والحريات”، وما نصت عليه المادة (29) الدستورية؛ ثانياً/ الفقرة رابعاً: “تمنع كل أشكال العنف والتعسف في الأسرة والمدرسة والمجتمع”، وكما جاء في المادة (33): “أولاً؛ لكل فرد حق العيش في ظروف بيئية سليمة”، والفصل الثاني، (الحريات)، المادة (37): أولاً: (أ): “حرية الإنسان وكرامته مصونة”، وثانياً: “تكفل الدولة حماية الفرد من الإكراه الفكري والسياسي والديني”.
هذا فضلاً عن تضمنه فقرات تحرم جميع أنواع التعذيب النفسي والجسدي والمعاملة غير الإنسانية، وما حصل هو عدم احترام لأي من هذه الحقوق وشكل من أشكال العنف.
كيف سيفسر المسؤولين هذا التصرف ؟.. في وقت يتطلب فيه الاهتمام بالمؤسسة التربوية لتكون حاضنة سليمة تكافح الأمية والجهل؛ وتوفر التوعية والتعليم الصحيح بهدف خلق جيل يكون قادر على التفوق والإبداع والإبتكار لضمان تقدم المجتمع وتطور البلد.
مدارس.. حاضنات للطائفية والمحاصصة..
علينا إن نتحدث بواقعية أكثر؛ إن المرافق المدرسية اليوم، التي باتت توظف للمصالح الشخصية وتخضع للرهان السياسي الطائفي المقيت والمحاصصة الحزبية التي نخرت المنظومة التعليمية ودمرت كل مقومات التعليم الصحيح فيها، وخلفت في نفوس الأطفال التمييز وكرست الكراهية والحقد، بدلاً من المحبة والسلام والإخاء والشعور بالمواطنة، وهي تُستغل أبشع استغلال لنشر ثقافات بعيدة عن القيم الحقيقية للأديان السماوية.. وما حدث في مدرسة (البصائر)؛ ليس الفعل الوحيد بل إن مدرسة “الأكرمين” الابتدائية في محافظة “النجف” أيضاً، تقيم مديرتها مجالس للعزاء، (قراية)، في داخل المدرسة بالمناسبات الدينية الخاصة، إلى متى سيستمر التعليم بهذه الصورة دون متابعة ورقابة ومعالجات حقيقية، كيف سيفسر المشرفين التربويين موقفهم ؟!
هذا الفعل وغيره يثير الإستهجان والكثير من المخاوف؛ بسبب إصرار المسؤول العراقي على استغلال منصبه في التجاوز وإنتهاك حرمة المؤسسات التعليمية، (المدارس والإعداديات والجامعات)، بدلاً من رعايتها والاهتمام بها.
هل تكليف التلميذات بالتعليمات والتلقينات الدينية أهم من كل التحديات التي تسببت في تراجع التعليم، مثل التعليم الأهلي والدروس الخصوصية، وإنحسار التعليم المهني، (الصناعي والتجاري والزراعي)، وهل دروس الحض على الطائفية والتمييز الديني أهم من توفير البنايات الكافية لإستيعاب أعداد الطلبة، وأهم من توفير المرافق الصحية والاهتمام بالحمامات والماء الصالح للشرب ؟.. وهل هو أهم من توفير كوادر الإختصاص بدلاً من كوادر أفرزتها وجاءت بها المحاصصة الحزبية والمحسوبية والمنسوبية ؟..