بعد ان قارب على نهاية ولايته: البرلمان لا يعرف كيف ان يصوغ قانونا!!!
بقلم : د.باسل حسين
غالبا ما أقول ان الصياغة التشريعية فن وحرفة، والقاعدة القانونية اجمالا تتكون من عاملين اساسينين هما عامل الادراك المتعلق بالمعرفة الجوهرية لموضوع القانون اي بالمادة الاولية التي ينبثق منها القانون وعامل الصياغة التي تأخذ على عاتقها مهمة اخراج هذه المادة ومدركاتها الى واقع تشريعي وقانوني عبر وسائل وادوات فنية من اجل بناء القاعدة القانونية والتعبير عنها بما يسمح ان تكون صالحة للتطبيق ، واضحة المعنى وتجسد الغاية المقصود منها .وليس من المبالغة القول ، ان هذين العاملين لم يتوافرا غالبا في القوانين العراقية ، وقدمنا أكثر من ذات مرة شواهد عدة تشير الى هذه الحقيقة.
بالامس أثار انتباهي غياب هذين العاملين في قانون التعديل لقانون رقم ( 45) لسنة 2013 المتعلق بقانون انتخاب مجلس النواب العراقي ، لكن الاشد التباسا هنا هو عدم معرفة بديهيات الادوات الفنية في الصياغة التشريعية وفي مقدمتها ترقيم القوانين وتقسيماتها وتفرعاتها، إذ نجد فوضى في عملية الترقيم والاغرب ، بل المضحك المبكي ان القانون اعتمد رقم (1، 2، 3) ثم ( اولا، ثانيا، ثالثا) ثم ( 1، 2، 3) ومصدر التندر والسخرية ان نفس القانون رقم ( 45) لسنة2013 قد اعتمد في نظامه الترقيمي ( 1، 2، 3) ثم ( اولا، ثانيا، ثالثا) ثم ( أ، ب، ج) وللتأكد انظر على سبيل المثال المادة( 11) في القانون وهذا يعني ان قانون التعديل الاخير قد أوجد نظامين من الترقيم في قانون واحد وهي سابقة ربما تسجل للبرلمان العراقي من بين البرلمانات الدولية.
ولو عدنا الى تراث الصياغة القانونية العراقية نجد كان هناك نظاما ترقيما خاصا فديوان التدوين القانوني قبل انشاء مجلس شورى الدولة اعتمد نظاما ترقيما كالاتي :
1. رقما ( ، 2، 3) عدا المادة( 1) التي تكتب المادة الاولى ثم البنود ( اولا ، ثانيا، ثالثا) ثم الاحرف ( أ، ب، ج) وان تطلبت الاحرف الى تقسيمات يتم وضع ارقام( 1.، 2، 3) . 2. بعد انشاء مجلس شورى الدولة بموجب قانون (65) عام1979 لم يغير في أول الامر نظام الترقيم المتبع سوى انه غير كتابة المادة الاولى الى رقم (1) .الا انه اتبع فيما بعد نظام الترقيم الاتي : رقم (1، 2، 3) ثم الاحرف (أ، ب،ج) ثم ( أولا ، ثانيا ، ثالثا) .غير انه عادة فيما بعد الى نظام التدوين السابق. ان من ينظر الى نظام الترقيم في القوانين العراقية الحالية بل حتى في قرارات مؤسسات الدولة كافة، يجد فوضى حقيفية ، لكن ان يشرع البرلمان قانونا فيه نظامين من الترقيم فهذا أمر من عجائب الدنيا السبع ولا يليق بدولة تتغنى بمسلة حمورابي وتراثها القانوني .
ملاحظة : عزيزي البرلمان بصفته المعنوية والمادية واعضاءه المحترمون … يعني وتاليها ابقى اصلح وراكم.