يرى بعض المحللين الإستراتيجيين أن ما قامت به الإدارة الأميركية مؤخرًا من إدراج قوات “الحرس الثوري” الإيراني ضمن قائمة الإرهاب، ليس سوى خطوة دعائية في الأساس، ولن يمكن أن تُلحق ضررًا اقتصاديًا بـ”الحرس الثوري” أو أن تُسيء إلى سمعته ومكانته لدى الرأي العام في “إيران”.
غير أن الخطوة الأخيرة، التي قامت بها “واشنطن”، تدل بما لا يدع مجالًا للشك، على أن إدارة الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، تشن حملة شاملة وضارية ضد “إيران”. ولكن تأجيج المواجهة بين الدولتين سيكون خطيرًا في نهاية المطاف.
خطوة أميركية غير مسبوقة !
تعليقًا على قرار الرئيس الأميركي، “ترامب”، إدراج قوات “الحرس الثوري” الإيراني على قائمة الإرهاب، يقول الكاتب والمحلل الإسرائيلي، “أورن نهري”، في مقال له نشره موقع (وللا) العبري: لأول مرة في التاريخ؛ تقوم “الولايات المتحدة” – أو أية دولة – بوصف جيش دولة أخرى بأنه تنظيم إرهابي، وهذا بخلاف وصف عمليات عسكرية محددة بأنها عمليات إرهابية، (مثل قصف المدنيين)، ولكن الإعلان الأميركي ضد “الحرس الثوري” ليس دعائيًا فقط، وإنما يُعد خطوة ذات آثار فعلية.
الإعلان هدية لـ”نتانياهو”..
بحسب المحلل الإسرائيلي؛ ربما هنا من سيقول أيضًا بأن ما قام به الرئيس الأميركي، “ترامب”، مجرد خطوة دعائية، ليست موجهة لمواطني الدولة التي تفرض العقوبات، ولا حتى لمواطني الدولة التي تتعرض للعقوبات، وإنما هي تستهدف مواطني دولة ثالثة، ألا وهي “إسرائيل” التي تجري فيها الانتخابات البرلمانية.
أي أن هذا الإعلان الأميركي، بإدراج “الحرس الثوري” ضمن قائمة الإرهاب، ما هو إلا هدية مُقدمة لرئيس الوزراء الإسرائيلي، “بنيامين نتانياهو”، من حليفه الإيديولوجي والشخصي وهو الرئيس الأميركي، لتعزيز فرص انتخابه من جديد والبقاء في منصب رئيس الحكومة.
الإعلان الأميركي يحرك شعور الإيرانيين بالوطنية..
يضيف الكاتب والمحلل الإسرائيلي؛ أن السؤال الأهم الذي يطرح نفسه هو: هل قيام الإدارة الأميركية بإدراج “الحرس الثوري” ضمن قائمة الإرهاب سيجعل “إيران” تتراجع عن تمسكها بذلك التنظيم المسلح أم أن العكس هو ما سيحدث ؟.. إذ كلما إزدادت الضغوط على القيادة الإيرانية كلما شعر المواطنون بضرورة دعم تلك القيادة من منطلق شعورهم بالوطنية والولاء.
بل إن الذين كانوا يطالبون بتحجيم دور “الحرس الثوري”؛ لن يمكنهم الاستمرار على موقفم بعد الخطوة الأميركية الأخيرة، حتى لا يصفهم أحد بالخيانة.
وجهتا نظر متناقضتين تجاه “الحرس الثوري”..
فيما يقول الخبير الإسرائيلي للشؤون الإيرانية، “راز تسيمت”، إن الشعب الإيراني يحمل وجهتي نظر متناقضتين تجاه “الحرس الثوري”، فهو من ناحية يعارض تدخله في عمليات القمع السياسي، وكذلك في المجال الاقتصادي، ولكنه من ناحية أخرى يقدر دوره القومي بشكل عام، ولا سيما في المجال العسكري باعتباره حاميًا لأمن الوطن منذ الحرب “العراقية-الإيرانية”.
ويرى “تسيمت”؛ أن المشكلة تكمن في هذه النقطة تحديدًا، فلو كان وصف الإرهاب يتعلق فقط بـ”فيلق القدس”؛ لكان من الممكن تقبل ذلك ولو بشكل جزئي.
لكن إعلان الوصف بالإرهاب، الصادر عن الإدارة الأميركية، يلحق بكل مكونات “الحرس الثوري”، وهذا بالطبع سيُثير معارضة جماهيرية واسعة في “إيران”, لأن المواطنين الإيرانيين العاديين هم في نهاية الأمر يؤدون خدمتهم العسكرية على الأقل الإلزامية، في صفوف “الحرس الثوري”.
معنى ذلك؛ أن إعلان الإدارة الأميركية الأخير سيعزز مكانة “الحرس الثوري” في نفوس المواطنين الإيرانيين، وسيجعله أكثر قوة في ظل صراع التوازنات الدائر بين الرئيس، “حسن روحاني”، و”الحرس الثوري”.