فتحت مراكز الاقتراع أبوابها، اليوم، أمام الناخبين في “كردستان العراق” للتصويت في استفتاء الانفصال، رغم المعارضة الدولية والإقليمية.
ويتخوف المحللون من التداعيات الخطيرة لذلك الاستفتاء, وفي هذا السياق نشرت صحيفة “إسرائيل اليوم” مقالاً تحليلياً للكاتبة الإسرائيلية “عفرا بنغو”، وهي خبيرة في الشؤون الكردية والعراقية بمركز “موشيه ديان” بجامعة تل أبيب.
أربيل وتل أبيب: علاقات من وراء الكواليس..
تستهل الخبيرة الإسرائيلية تحليلها للحدث، لافتة إلى أنه مضى 56 عاماً على مسيرة النضال المتواصلة لتحقيق استقلال “إقليم كردستان العراق”، وهي تبلغ ذروتها الآن بإجراء استقتاء تقرير المصير. وكما هو الحال مع أي إجراء سياسي يحدث في منطقة الشرق الأوسط, فمن المتوقع لهذا الاستفتاء أن تكون له تداعيات إقليمية خطيرة قد تلقي بظلالها على إسرائيل أيضاً.
وتُضيف “بنغو” بقولها: “حينما نبحث علاقات إسرائيل بالإقليم الكردي في العراق, يجب أن نُفرق بين العلاقات العلنية والعلاقات السرية. فعلى المستوى الشعبي يبدو أن تلك العلاقات غير قائمة على الإطلاق، رغم أن هناك جهات رسمية إسرائيلية تُصرح من حين لآخر بأنها تدعم الأكراد وتؤيد قيام دولة كردية مستقلة, وهي تصريحات تُقابل بالصمت التام من قبل الجهات الرسمية الكردية. لكن من وراء الكواليس, هناك تعاون فعلي بين إسرائيل والأكراد في المجالات الأمنية والثقافية والاقتصادية, حيث أُعلن مؤخراً أن إسرائيل قامت بشراء النفط الكردي، وبذلك ساعدت إقليم كردستان على تجاوز الأزمة الاقتصادية التي واجهته خلال السنوات الأخيرة”.
إسرائيل ستسارع بالاعتراف بالدولة الكردية..
تشير “بنغو” إلى أن إسرائيل حتى هذه اللحظة تعتبر من الدول القلائل التي أعلنت قياداتها, وفي مقدمتهم رئيس الوزراء “بنيامين نتنياهو”, عن دعمها لاستقلال “إقليم كردستان العراق”. وكان “نتنياهو” قد أعلن مؤخراً، خلال لقائه بأعضاء من الكونغرس الأميركي، عن موقفه الداعم للأكراد وقال حينها: “إن الأكراد شُجعان وموالون للغرب، ويتبنون القيم التي نؤمن بها”. فبخلاف الدول الأخرى التي تتبنى مواقف متناقضة من القضية الكردية، فإن إسرائيل تواصل اتخاذ موقف واضح وحازم، ربما قد يؤثر على موقف واشنطن في هذا الشأن.
إن قيادة الشعب الكردي تعلم جيداً أنه لا غنى عن الدعم الدولي لإقامة الدولة المستقلة, لذلك تم إرسال مبعوثين لإقناع رؤساء الدول بالاعتراف باستقلال “إقليم كردستان”، حينما يتم الإعلان عن ذلك. ويمكن القول، بقدر كبير من الثقة، إن إسرائيل ستكون من أوائل الدول التي ستعترف بالدولة الكردية, كما سبق وأن سارعت بالاعتراف بدولة “جنوب السودان” عام 2011، وكان ذلك في اليوم التالي مباشرة لإعلان قيام الدولة. والمقارنة بين “كردستان” و”جنوب السودان” مطلوبة هنا بسبب أوجه التشابه الكثيرة بين الحالتين, ولذلك فإن الاستفتاء في كردستان يمكن أن يمثل اختباراً لمواقف المجتمع الدولي تجاه الأكراد, فهل ستكون تلك المواقف مُنصفة وعادلة أم ستكون مُنحازة ومُزدوجة المعايير.
تداعيات الاستفتاء..
توضح الكاتبة الإسرائيلية أن نتائج الاستفتاء في “كردستان العراق” ستكون لها تداعيات خطيرة على منطقة الشرق الأوسط. فهناك من يحذر من أن مثل هذا الإجراء سيؤدي إلى كارثة قد تدفع بالأكراد إلى حرب أهلية ضد العراق، مما سيُلحق الضرر باستقرار المنطقة. لكن في المقابل هناك من يزعم أن إقامة دولة كردستان هي تحديداً التي ستدعم استقرار الشرق الأوسط وستنهي الخلافات الدموية المتواصلة بين “أربيل” و”بغداد” منذ قرن من الزمان. أضف إلى ذلك أن قيام الدولة الكردية – التي ستكون موالية للغرب وأكثر تسامحاً وإلتزاماً بالديمقراطية عن جاراتها – سوف يمثل عامل استقرار في المنطقة وهذا تحديداً هو ما يزعج الدول المجاورة.
وفي الختام تؤكد “بنغو” على أن دعم إسرائيل واليهود لتطلعات الشعب الكردي، يرجع في الأساس إلى العلاقة التاريخية التي قامت بين اليهود والأكراد لاعتبارات جيو-سياسية ودوافع أخلاقية. ومن المفترض أن تظل تلك الاعتبارات والدوافع سبباً لتدعيم العلاقات المستقبلية في حال إعلان قيام الدولة المستقلة.