قرار إدارة “دونالد ترامب”؛ الخاص بإدراج “الحرس الثوري” على قائمة الخارجية الأميركية للمنظمات الإرهابية الأجنبية، (FTO)، لن يؤثر فقط على تجارة الشركات والمؤسسات الأجنبية مع “إيران”، وإنما سيقع الأثر الأعمق على جزء كبير من المعادلات الأمنية والسياسية، وكذلك التعاون الاستخباراتي في المنطقة. بحسب “رضا تقي زاده”، المحلل السياسي الإيراني، في مقاله التحليلي الذي نشره موقع (راديو الغد) الأميركي الناطق باللغة الفارسية.
وكانت “الولايات المتحدة الأميركية” قد أدرجت، عام 2007، “فيلق القدس”، (ساعد الحرس الثوري للعمليات خارج إيران)، على قائمة المشمولين بالقرار التنفيذي رقم 13224، كما ورفعت “وزارة الخزانة الأميركية”، في تشرين أول/أكتوبر 2017، مستوى الشمول؛ بحيث يضم “الحري الثوري”، على خلفية دعم الإرهاب.
مع هذا؛ كانت “الولايات المتحدة الأميركية” تترفع، حتى اللحظة، عن إدراج جيش “الحرس الثوري” ضمن قائمة التنظيمات الإرهابية. ومع الأخذ في الاعتبار لنطاق الأنشطة الاقتصادية والتجارية الواسعة لـ”الحرس الثوري”، (بخلاف دوره الدفاعي إلى جانب القوات المسلحة)، فإن إدراج “الحرس الثوري” على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية؛ قد يعتبر أكبر خطوة أميركية ضد “الجمهورية الإيرانية”، منذ استئناف العمل بالعقوبات.
وفي ضوء هذا الوضع، هذه هي المرة الأولى التي تقوم فيها “الولايات المتحدة الأميركية” بإدراج جيش دولة أجنبية على قائمة التنظيمات الإرهابية، وبالنظر إلى أهمية وتأثير هذه الخطوة؛ فقد حذر وزير الخارجية الإيراني، “محمد جواد ظريف”، و قائد الحرس الثوري، “رحيم جعفري”، من الآثار الجانبية “الوخيمة” لمثل هذه الخطوة، والتهديد بالمعاملة بالمثل وتصنيف جيش “الولايات المتحدة” كتنظيم إرهابي.
وتمتلك “أميركا”، في الوقت الراهن، عدد من القواعد العسكرية وآلاف العناصر في دول الجوار الإيراني، مثل “العراق” و”أفغانستان” و”الكويت” و”البحرين” و”قطر” و”المملكة العربية السعودية”، وهذه القواعد وتلكم العناصر، تقع في مرمى صواريخ “الجمهورية الإيرانية”.
قدرات “الحرس الثوري”..
جزء كبير من ميزانيات “الحرس الثوري” لا يقع ضمن صنوف الإئتمانات الحكومية العادية، ومن ثم يتم تأمين هذا الجزء من خلال الممارسات الاقتصادية للأجهزة والمؤسسات المندرجة تحت مجموعة “الحرس الثوري”، مثل “معسكر خاتم الأنبياء”.
ويزيد عدد مؤسسات المقاولات، والمالية، والتجارة الخارجية، والإنتاج والاستثمار؛ المحسوبة على “الحرس الثوري”، عن الألف، ويرتبط بمعظم المؤسسات إدارات وفروع أخرى.
وكانت الهيئات الإنتفاعية التابعة لـ”الحرس الثوري” قد أشترت أسهم في المؤسسات الحكومية والمؤسسات والمجموعات المتعلقة بالقطاع الخاص، ولها أسهم في هذه المجموعات. ويعمل جزء من هذه المؤسسات مدعومًا من “الحرس الثوري”، تحت مسمى “القوات المسلحة”، ويتكلف بتأمين احتياجات الدولة من الأدوية والطعام.
على سبيل المثال؛ تعمل مؤسسات وتعاونيات تابعة لـ”الحرس الثوري”، أو “القوات المسلحة”، على توفير وإنتاج الدجاج والبيض واستيراد طعام الحيوانات والطيور. وتمتزج بعض الوحدات الاقتصادية والتجاري لـ”الحرس الثوري” باعتبارها “قوات مسلحة” مع “الجيش الإيراني” و”القوات الشرطية”، ومن ثم قد يعتبر تعاون الشركات الأجنبية مع مثل هذه المؤسسات بمثابة دعم للإرهاب.
نتائج العمل الإنتقامي..
تمتلك القوات العسكرية للدول، إذا ما وضعت في أجواء مشتركة، وبخاصة بغية الترفع عن الصدامات، قنوات اتصال ومخابرات؛ وتكون في أفضل أشكال الاستعداد للتعاون.
وبعد الاحتلال الأميركي لـ”العراق”، في آذار/مارس 2003، نشط “فيلق القدس” في “العراق”، وطبقًا للشواهد؛ فقد تعاونت “الولايات المتحدة الأميركية” مع “فيلق القدس”، في الفترة 2005 – 2007، أي في نفس فترة شمول “فيلق القدس” بالقرار التنفيذي رقم 13224.. كذلك أفادت العديد من التقارير باستمرار تعاون القوات العسكرية الإيرانية مع نظيراتها الأميركية، في “أفغانستان”، حتى الآن.
وبإقرار “الحرس الثوري”، ضمن قائمة التنظيمات الإرهابية الأجنبية، فقد تُصنف هذه العلاقات تحت بند التعاون مع منظمة إرهابية، ومن ثم سوف تختلف طبيعة الصدام الأميركي المحتمل مع قواعد وعناصر “الحرس الثوري” داخل وخارج “إيران”.
وحال تعاطي “الجمهورية الإيرانية”، بالمثل، وتصنيف “الجيش الأميركي” و”القوات الأميركية”، في دول الجوار الإيراني، كمنظمة إرهابية، فقد تدخل العلاقات العدائية بين البلدين مرحلة الحرب المسلحة بسهولة..
وأخيرًا؛ فالقرار الأميركي الأخير بشأن تصنيف مجموعة “الحرس الثوري”، كتنظيم إرهابي، بعد عام من الانتظار؛ وفي إطار “فرض أقصى ضغط” على “الجمهورية الإيرانية” وعددها المسلح، قد يؤدي بخلاف خفض مستوى التعاون التجاري والمالي الإيراني الهائل مع المؤسسات الأجنبية؛ إلى زيادة سريعة في الصراع السياسي والعسكري بين “طهران” و”واشنطن”.