دأب الرئيس الأميركي “دونالد ترامب” على وصف الاتفاق النووي الإيراني مع مجموعة الـ(5+1) بـ”الأسوأ في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية”، وهدد حتى أثناء المنافسات الانتخابية بإلغاء الاتفاق إذا فاز بالرئاسة الأميركية.
لا شك أن إيران لن تقف ساكنة حيال التهديدات الأميركية، وسيطال انتقامها الدول الخليجية السنية، لا سيما المملكة العربية السعودية، وإسرئيل عبر محاولات الإطاحة بهذه الأنظمة، أو توتير الأوضاع الأمنية والعسكرية على مشارف هذه الدول.
زيارة “ترامب” للسعودية والدفع نحو إسرائيل..
استهل الرئيس الأميركي عهده بالبيت الأبيض بالحشد ضد الجمهورية الإيرانية، ولعل زيارته إلى “المملكة العربية السعودية” كانت بمثابة بداية النهاية للدور الإيراني في الشرق الأوسط.
تلك الزيارة التي غيرت الخريطة الجيوسياسية للمنطقة، فالموقف الخليجي الأخير من دولة قطر يعود في شق منه إلى متانة علاقات الدوحة مع طهران. في السياق ذاته بدأت عملية تكتيل القوى العربية (الأكثر عرضة للانتقام الإيراني) والإسرائيلية ضد الخطر الإيراني في المنطقة، ودخلت الدول العربية فيما يشبه التطبيع مع الحكومة الإسرائيلية، التي لطالما حذرت من خطورة الإرهاب الإيراني في الشرق الأوسط.
ومؤخراً بدا واضحاً، للمراقبين للشأن الدولي، عزم الرئيس الأميركي “دونالد ترامب” إلغاء الاتفاق النووي مع إيران بدعوى خروج النظام الإيراني على روح الاتفاق.. لكن ما هي تداعيات إلغاء الاتفاق النووي على الأوضاع في الشرق الأوسط ؟
الفزع الخليجي والعربي من إيران..
بالنسبة للدول الخليجية والعربية، فإنها تتخوف من قدرة النظام الإيراني الحاكم في النفاذ إلى عمق الجبهات الداخلية في هذه الدول، وخلق نفوذ قوي لإيران يؤدي إلى تقويض الأنظمة الحاكمة القائمة حاليًّا، واستبدالها بأنظمة سياسية دينية متحالفة مع إيران توسع من دائرة المجال الحيوي الإيراني.
أم القاسم المشترك الذي يجمع العرب مع إسرائيل ضد إيران، فهو قدرة النظام الإيراني على توتير الأجواء الأمنية والعسكرية في هذه الدول عبر الميليشات الإرهابية المدعومة من إيران. والمعروف أن إيران أنشأت ما لا يقل عن عشرين ميليشيا مسلحة تنشط في “سوريا والعراق ولبنان واليمن”. وهذه المليشيات تهدد الأمن القومي للشرق الأوسط بالكامل.
وقد أفادت بعض التقارير الصحفية؛ إشراف إيران على إنشاء خطوط إنتاج صواريخ في هذه الدول، وبالتالي لم تعد بحاجة إلى نقل الأسلحة إلى هذه الدول. والحقيقة أن إيران تمتلك عدد من المنظومات الصاروخية طويلة المدى. ولعل الهدف من التجربة الصاروخية الإيرانية الأخيرة للصاروخ “الباليستي” (خرمشهر)، هو إيصال رسالة إلى الولايات المتحدة بقدرة إيران على ضرب أهداف في العمق الإسرائيلي. ولذلك قررت الإدارة الأميركية للمرة الأولى في تاريخها إنشاء قاعدة عسكرية في تل أبيب. وقد أعلن المتحدث بإسم الجيش الإسرائيلي إسقاط طائرة بدون طيار تابعة لـ”حزب الله” (إنتاج إيراني) في منقطة “القنيطرة”.
تداعيات أكثر عمقاً وخطورة..
في السياق ذاته، أعلنت إيران عن تطويرها ما أسمته “أبو القنابل”، وسط تحذيرات بأنها سترد بشدة على أي “تحرك خاطئ” من جانب الولايات المتحدة، فيما يتعلق باتفاقها النووي. وقد رفضت وزارة الدفاع الأميركية التعليق على الموضوع، في الوقت الذي عبرت فيه مصادر عسكرية غربية عن قلقها من تطور الصناعة العسكرية الإيرانية، وخاصة إنتاج الصواريخ والقنابل.
وبحسب الخبير في معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية، “فلاديمير كوروف”، فالمقصود بهذه القنبلة هو إسرائيل والدول الخليجية. واستبعد استخدام إيران للقنبلة ضد الولايات المتحدة. وقال: “إسرائيل والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة والبحرين، هي الجهات الرئيسة التي توجه طهران رسالتها إليها”.
وقد هدد مسؤولون عسكريون إيرانيون بالاستمرار في تطوير البنية الدفاعية وإنتاج المزيد من المنظومات الصاروخية طالما يتبنى البعض لهجة عدائية تهديدية.
من جملة التداعيات السلبية الأخرى، ما توقعه الكاتب الأميركي “جيمس م. دورسي” من أن يؤدي إلغاء الاتفاق النووي مع إيران إلى اندلاع سباق تسلح نووي بالشرق الأوسط؛ خاصة بعد أن كشفت “مؤسسة العلوم والأمن الدولي” في تقريرها عن احتمالات تعاون “باكستان” نووياً مع “المملكة العربية السعودية”.
وقد أعلنت المؤسسة أن “السعودية” تركز في الوقت الحالي على بنيتها التحتية النووية غير العسكرية، وكذلك العمل النووي والقوى العملية. وهذا الأمر يمنح “السعودية” قدرات تؤهلها في المستقبل لامتلاك جميع جوانب دورة الوقود النووي. وسوف تزداد وتيرة هذا الملف إذا ما ساهمت الإجراءات الأميركية في إضعاف الاتفاق النووي الإيراني.
وفي مطلع هذا العام وقع العاهل السعودي اتفاق تعاون نووي مع “الصين”. وتقضي الاتفاقية بإعداد دارسة جدوى بناء قاعدة نووية متطورة تعمل بالوقود البارد في المملكة، وكذلك التعاون في مجال العلوم النووية وتطوير سلسلة توفير الصناعات المحلية للمحطة المبنية داخل “السعودية”.
ووقعت المملكة في السنوات الأخيرة اتفاقيات مشابهة مع دول “فرنسا وباكستان وروسيا وكوريا الجنوبية والأرجنتين والولايات المتحدة الأميركية”.