باعتباره رقماً صعباً في الحياة السياسية اليمنية، انقلبت الموازين رأساً على عقب بعد قتل الحوثيين للرئيس اليمني السابق “علي عبدالله صالح”، فأثيرت الكثير من التساؤلات حول مستقبل اليمن ما بعد “صالح”.
الوضع في اليمن الآن يكتنفه الغموض الذي يجعل الجميع ينظر إلى الأمر بنظرتين؛ واحدة ترى اقتراب نهاية “الحوثيين”، والنظرة الأخرى تؤكد على توجه الأمور نحو الأسوأ بسبب الحرب الدائرة هناك، والتي ستستمر بسبب زيادة النفوذ الحوثي وسيطرته على مجريات الأمور بشكل أكبر الآن.
ستزيد الحنق اليمني ضد الحوثيين..
المتخصص في الشأن الإيراني، “د. محمد محسن أبو النور”، يقول لـ(كتابات)، أنه من المؤكد أن اغتيال الحوثيين لـ”صالح” بهذه الطريقة أعاد إلى الأذهان عمليات القتل والحرب في مرحلة الجاهلية، قبل دخول اليمن إلى الإسلام، ومن المرجح أن تلك العملية سوف تزيد من الحنق اليمني الشعبي العام ضد “الحوثيين”.
موضحاً أن تلك العملية ستؤدي في أحد تداعياتها إلى قيام الأهالي بعمليات ضد “الحوثيين” لطردهم من المدن التي احتلوها، منذ 2014 وحتى الآن، لأن تلك الطريقة الهمجية لا تتماشى مع الأخلاق والوعي الجمعي العام لليمنيين.
تنصيب ابنه خلفاً له .. والتحالف مع “التحالف العربي”..
متوقعاً “أبو النور”، أنه من المرجح في الأيام القادمة أن تشهد الساحة اليمنية ما يشبه الإجماع على تنصيب العميد “أحمد علي عبدالله صالح” خلفاً لأبيه في قيادة “حزب المؤتمر الشعبي”، ثم ضرورة تحالف الحزب مع “التحالف العربي لدعم الشرعية” لهزيمة “الحوثيين” تطهيراً لليمن منهم وثأراً للرئيس السابق “علي عبدالله صالح”.
التصفية كانت الحل الوحيد..
مؤكداً على أن الدور الإيراني مباشر في الأزمة، وأنه بعد إنحسار نفوذ الحوثيين وانقلاب “علي عبدالله صالح” عليهم، لم يكن أمامهم من خيار سوى تصفيته، وهي طريقة اعتادت عليها إيران في إنهاء حياة الخصوم السياسيين.
لافتاً “أبو النور” إلى أن الحوثيين في الفترة القادمة سيحصلون على الدعم المباشر عن طريق الحدود العمانية.
إنتقام كبير ضد “الحوثي”..
اتفق معه “محمد حامد”، الباحث في العلاقات الدولية، موضحاً إن ما حدث باليمن مأساة كبرى وكارثة، فمستقبل اليمن ليس واضحًا وأصبح أكثر غموضًا.
مضيفاً “حامد” أن إيران قتلت الرئيس السابق “صالح” عبر “الحوثي”، كما قتلت “الحريري” في لبنان عبر “حزب الله”، مشيرًا إلى أن “أحمد علي عبدالله صالح”، نجل الرئيس المغتال، سيرث كل شيء في اليمن بدعم سعودي – إماراتي، وهناك إنتقام كبير ضد “الحوثي” سيحدث خلال الفترة القادمة.
اشتداد المعارك للسيطرة على صنعاء..
تابع، الباحث في العلاقات الدولية، بأن ما سوف يحدث أولًا هو استمرار التحالف السعودي مع أنصار “صالح” والتحالف مع نجله للإنتقام من “الحوثي”، متوقعًا اشتداد المعارك للسيطرة على صنعاء عبر دعم “التحالف العربي” لقوات “صالح” من أجل إستكمال إستعادة الشرعية.
تدويل الأزمة..
مشيراً إلى أنه سوف يتم العمل على كسر “الحوثيين” عسكرياً وسياسياً، بهدف كسر أدوات إيران في المنطقة، بالإضافة إلى منع أية فرصة لتقوية “الحوثيين” مرة أخرى، وحتى لا ترسخ تجربة لبنان في اليمن على غرار “حزب الله”، مؤكدًا على أن مستقبل اليمن مفتوحًا على كل السيناريوهات، ولابد من تدويل الأزمة وإدانة “الحوثيين” و”إيران” دوليًّا.
لافتاً “حامد” إلى أن الانقلاب الأخير لـ”صالح” أدى إلى هلاكه، مطالبًا بتدخل عاجل لإنقاذ اليمن من ميليشيات إيران الإجرامية، التي قتلت الرئيس السابق، ولابد أن ينتفض اليمن عن بكرة أبيه لإستعادة بلاده ولا يسمح أحد ببقاء ميليشيات “الحوثي” على أرض اليمن.
يصعب الحديث عن مستقبل اليمن..
أما السفير اليمني بالقاهرة، “محمد علي مرام”، أوضح إنه من الصعب الحديث عن أي شيء في مستقبل اليمن بعد مقتل الرئيس السابق “علي عبدالله صالح”، معتذراً عن عن الإدلاء بأية إيضاحات أو تصريحات عن المشهد اليمني، قائلاً لا أستطيع الحديث الآن لصعوبة الموقف.
سيزداد دور الحوثيين..
يعتقد المتخصص في العلاقات الدولية، دكتور “سعيد اللاوندي”، أن الدور الكبير الآن سيكون للحوثيين ومن ورائهم الإيرانيين، وما حدث في اليمن من دراما سوداء لم تكن متوقعة إطلاقاً، فقد كانت اليد العليا في اليومين الماضيين لـ”علي عبدالله صالح”، وفي حواره الأخير قال أنه على استعداد أن يمد يده للسعودية ودول الجوار، وأن يبدأ معهم صفحة جديدة من أجل التخفيف على الشعب اليمني، إلا أن الأمور اختلفت تماماً بعد مقتله، خصوصاً أنه كان رقماً صعباً في المعادلة السياسية اليمنية.
موضحاً، لـ(كتابات)، أن اليمن في غياب “صالح” لن يكون مع أي دولة، وأنما مع “الحوثيين”، لما تقدمه إيران لهم من دعم لوجيستي، ومن هنا فإن “إيران” لها اليد العليا، فالمسألة لا ترتبط بغياب شخص وإنما لدول معينة تقف وراء “صالح” وحزبه، وتقف أيضاً وراء “الحوثيين”.
لا دور للدول العربية..
مؤكداً “اللاوندي” أن لا حديث الآن للدول العربية، لأنه يوجد الكثير منها الغارق في مستنقع الحرب، فهناك الأزمة السورية والليبية والعراقية، فالموقف العربي الموحد حالياً صعب للغاية.
المعادلات الدولية ستغير الموقف..
رأى “اللاوندي” أن اليمن غداً أسوأ من اليوم، إلا إذا كانت هناك معادلات دولية يمكن أن تتحرك وخاصة الدول الخليجية، وعلى وجه التحديد “السعودية”، باعتبار أن لها دور بشكل أو بآخر في اليمن.
نهاية طبيعية للعب على الحبال..
من جانبه يتفق، العقيد “حاتم صابر”، خبير مقاومة الإرهاب الدولي، مع هذا الرأي قائلاً، لـ(كتابات)، أنه بموت “علي عبدالله صالح” فإنه توجد سيطرة كاملة لإيران على مجريات الأمور في اليمن سياسياً وعسكرياً، وهو ما يدلل على وجود أزمة حقيقية، لأن “صالح” لم يحسم الأمور جيداً وكان يلعب على كل الحبال، فنهايته هذه كانت طبيعية جداً، وهو ما يتسبب في إنهيار كامل للقوات التي كان يترأسها، وإنهيار في التكتيكات العسكرية، لذلك يصعب التنبؤ حول من الذي سيتولى الأمر بعده، ويصعب التنبوء بالتعامل السياسي مع الأزمة الحالية في اليمن وإنعكاساتها.
ستزداد العمليات العسكرية..
مؤكداً “صابر” على أن المملكة العربية السعودية لن تسمح بالتحكم الإيراني في عمق الجنوب، لهذا ستزيد حدة العمليات العسكرية إلى حين حدوث إنفراجة في الأزمة السياسية تنعكس على الوضع العسكري.
مضيفاً أن موت “صالح” سيؤدي إلى تفرق الجماعات التي كانت تؤيده إلى جماعات كل واحدة منها سيكون لها قيادة جديدة، لذلك يصعب التنبؤ بالوضع، لأنه لم تكن توجد آليات لما بعد “صالح”، وهو الأمر الذي لم يكن ظاهراً يوماً.
سيؤثر على الأمن القومي السعودي..
موضحاً “صابر” أن الوضع اليمني الآن سيؤثر على الأمن القومي السعودي بطريقة مباشرة، لأن ما حدث يعني أن إيران توغلت في العمق الجنوبي للأمن القومي السعودي، وهي مشكلة كبيرة جداً.
وحول كيفية مواجهة السعودية لهذا الأمر، يرى أنه لا حل أمام السعودية سوى استخدام القوة العسكرية المفرطة لبسط النفوذ.
توحيد الجبهة الداخلية..
على عكس ذلك، قال الباحث المتخصص في الشأن اليمني، “سيد علي”، لـ(كتابات)، أن السيناريو القادم صعب التنبؤ به، لكن توجد أوضاع سياسية وعسكرية يمكن أن نراها خلال الفترة القادمة، متوقعاً على الجانب العسكري أن يتم توحيد الجبهة الداخلية بين عموم الشعب اليمني، سواء في قيادات “حزب المؤتمر” المؤيدة للشرعية والقيادات الغير مؤيدة والقبائل الموالية من أجل الإصتفاف ضد “الحوثيين”، لأن العدو الآن أصبح ظاهراً على عكس ما كان قبل ذلك، فالخطر الإيراني والحوثيين أصبح واضحاً جداً، ثانياً أن توحيد الجبهة الخارجية عن قريب أن يتم التوحيد بين الطرفين المختلفين في “حزب المؤتمر الشعبي العام”، الذي تتواجد أغلب قياداته الآن في القاهرة، وهذا يتطلب من القيادات المصرية أن تتدخل بشكل عاجل للإصلاح بينهم.
التوجيه المعنوي..
مشدداً “علي” على ضرورة أن يكون هناك دعم لوجيستي أو مادي أو معنوي وإعلامي لـ”حزب المؤتمر الشعبي العام” و”قوات الحرس الجمهوري” و”قوات الجيش الحكومية” داخل اليمن، منوهاً إلى أن وسائل الإعلام المصرية والرأي العام العربي لهم دور كبير في التوجيه المعنوي.